تعلّم من ذكاء النمل الجماعي
سواء كنت تعمل ضمن مجموعة صغيرة مكونة من خمسة أفراد أم مؤسسة كبيرة تضم 100 أو 1000 موظف، سوف تلاحظ أن هناك تحديًا كبيرًا يواجه المدراء في وقتنا هذا ألا وهو كيفية تعامل الموظفين مع التغير في ظل بيئة تتطور بشكل سريع.
ويلقي كتاب « تعلم من ذكاء النمل الجماعي» للمؤلف «ستيفن جيمس جويس» الضوء على المفهوم الرئيسي للذكاء الجماعي وكيفية الاستفادة منه في إدارة العمل والحصول على أفضل النتائج.
ويتناول الكتاب مفهومًا جديدًا في التعامل مع ذكاء الموظفين؛ حيث يرفض المؤلف فكرة الاعتماد على معدلات الذكاء الفردية، بل يعتبر الذكاء الجماعي من أهم عوامل نجاح المؤسسات. ويعلمنا هذا الكتاب كيفية اجتذاب الموظفين ذوي المهارات العالية والحفاظ عليهم للإبقاء على نجاح العمل، إلى جانب التأكيد على المشاركة الفعالة، والتعاون المثمر، وتنمية روح فريق العمل الواحد مثلما نرى مجموعات النمل وهي تعمل وفقًا لمقومات الذكاء الجماعي؛ فلا تجد نملة تعمل بمعزل عن بقية المجموعة، بل يتعاون الجميع لجلب وتخزين مؤنة الشتاء في نظام وتكاتف يثير الدهشة والإعجاب؛ لدرجة أنك قد ترى نملة واقفة فوق الثمرة التي تحملها الأخريات لتحدث توازنًا دون أن تشارك بمجهود فعلي في حملها.
وفي بداية الأمر، كل ما نحتاجه هو تغيير فكرة أن المنافسة في العمل هي وحدها التي تؤدي إلى النجاح. على سبيل المثال، إذا حاولنا استبدال هذه الفكرة بفكرة «التكامل»، سوف ندرك أن هناك ما يسمى بالذكاء الجماعي الذي يكفل لنا تطورًا عظيمًا في العمل. وللتأكيد على صحة ذلك، إذا نظرنا إلى قوانين الطبيعة الأساسية، سوف ندرك أن النظم الطبيعية تقوم على أساس تعاوني وليس تنافسي. ونحن بحاجة إلى التحقق من معتقداتنا الفردية والجماعية وتغييرها وفقاً لظروف العمل. وإذا استطعنا تغيير معتقداتنا، سوف ننجح في تغيير سلوكنا في العمل؛ فنحن نرى ما نريد أن نراه.
ولهذا، يؤثر الإدراك الحسي على حقيقة عملنا داخل المؤسسة وعلى مدى تكيفنا مع الظروف المحيطة. ويتأثر هذا التكيف أو المرونة في العمل بخمسة عناصر: الانتباه، والإدراك، والتنقيح، ووجهات النظر، وأخيرًا الظروف المحيطة.
وإذا نظرنا إلى مشكلات مؤسستنا على أنها مشكلات فردية يتسبب فيها شخص أو شيء واحد ، فقد يستحيل علينا حلها. فنحن بحاجة ماسة إلى تغيير أنفسنا كي نغير مؤسستنا. ويعد أسلوب تحديد الأهداف أفضل وسيلة لتنقيح أفكارنا، فهو بمثابة برمجة للعقل لتصنيف الأولويات. ويبدأ التفوق الذاتي بتحمل المسؤولية، والقدرة على التحكم في مشاعرنا، وتحديد أهدافنا، والمثابرة، والتخطيط بشكل منظم، فضلاً عن التعبير عن الذات بشكل أوضح.
ويلعب الاتصال دورًا كبيرًا في نجاح المؤسسات، حيث تفتقر كثير من المؤسسات إلى قنوات الاتصال بداخلها، ويتربع المدير على قمة المؤسسة، ويكون هو الوحيد المخوّل باتخاذ القرارات. وعلى العكس، ظهر في وقتنا هذا منهجًا جديدًا وهو اكتشاف قيم ومزايا «الذكاء التصاعدي» ،أي الاستفادة من ذكاء الموظف (قاعدة الهرم الإداري) في صنع القرار، بدلاً من الاعتماد على «الذكاء التنازلي» فقط؛ أي ذكاء المدراء (قمة الهرم الإداري).
ويقول الخبراء :إن المشكلات الوظيفية عادة ما تكمن في عدم قدرة فريق العمل على التفكير والتحدث بشكل متعاون، لاسيما عند حدوث الأزمات. وتقوم كافة العلاقات الشخصية والمهنية على التوافق الذي يعني ضرورة التفاهم المشترك أو الثقة بين الناس. وتشمل مهارات حسن الاستماع - التي ينبغي أن يتحلى بها أعضاء فريق العمل - صفاء الذهن حينما يتحدث أحد الأفراد بدلاً من الانسياق وراء فكرة ذكية لتذكرها عندما يأتي دورك في الحديث. فلا تواصل بلا اتصال! وينمي الاتصال النظم السليمة داخل المؤسسة؛ ويخلق بيئة صحية يستفيد منها الموظفون في التعاون فيما بينهم. وبالتواصل بين أعضاء فريق العمل، يستطيع الموظفون اكتشاف القيم المشتركة، واعتماد وسائل جديدة للاستفادة منها.
ويعد الإبداع والمرونة من العوامل الرئيسة لنجاح أي فريق عمل يمكن الاعتماد عليه. وفي ظل عالم يتغير بشكل سريع، نحن بحاجة إلى حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات والتحديات التي تواجه المؤسسات. ويقع على كاهل الإدارة مسؤولية ترك العنان لإبداع فرق العمل الفردي والجماعي. وينطوي جوهر المشاركة الفعالة في الاختلاف؛ فبالحصول على أكثر من فكرة مختلفة، يتحقق الذكاء الجماعي. ولإذكاء روح المشاركة الفعالة، يجب أن نُشعر أعضاء فريق العمل داخل المؤسسة بأهمية عملهم ومساهمتهم في تحقيق هدف أسمى. ويمتلك فريق العمل - ذو مهارات الذكاء الجماعي العالية - القدرة على تقاسم الضغوط بشكل متساوٍ والتغلب عليها. ولا يعمل هذا الفريق بمعزل عن فرق العمل الأخرى؛ حيث يعمل الجميع لتحقيق أهداف المؤسسة معًا.