بسم الله الرحمن الرحيم
لنحلق بقلوبنا سوياً بعيداً عن هذه الدنيا، إلى حيث الأنس والراحة، ولنعش معاً لحظات نزداد فيها، إيمانا ويقينا وحبا، لعلها تعيننا وتحفزنا بإذن الله - تعالى -، على تدارك ما بقي من أعمارنا، وإشغالها في طاعة الله - سبحانه وتعالى -، والإقتداء بسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن طاعته - صلى الله عليه وسلم - مقرونة بطاعة الله - جل في علاه-، وذكر ذلك في أكثر من موضع من كتاب الله، فقال - سبحانه -: {وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}، ولأن من أطاع الرسول - عليه الصلاة والسلام - فقد أطاع الله - سبحانه وتعالى -، يقول الله - سبحانه - في كتابه الكريم، والذي أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بواسطة جبريل - عليه السلام - {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}..وأي فوز أعظم حين ندخل جنة ربنا! ونرى أحسن الخالقين وأرحم الراحمين الذي لا إله إلا هو، واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، خالق كل شيء، والذي أخبرنا بذلك الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، محمد - صلى الله عليه وسلم -، يقول جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -: كنا عند رسول الله فنظر إلى القمر ليلة البدر، وقال: " إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته " متفق عليه..ويقول أيضا - عليه الصلاة والسلام -: " إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله- تبارك وتعالى -: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم " رواه مسلم..
فواشوقاه إلى جنة ربنا والخلد فيها، لا هم لا حزن لا موت لا جوع لا عطش، لا تبلى ثيابنا، ولا يفنى شبابنا، ولا ينتهي نعيمها، نعيش أبد الآبدين، وحسبي من وصف النعيم، ذكر هذه الآية والذي يخبرنا بذلك من زين الجنة وأعدها لعباده المتقين، ((الله)) هل تعلم له سميا؟! يقول - سبحانه -: {فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَّا أُخفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ}..
واشوقاه إلى رؤية الله جل جلاله، فرؤيته هي اللذة الكاملة، وهي أعظم النعيم وأتمه وأكمله، فاللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم آمين..
فمن اشتاق إلى شيء سارع إلى الوصول إليه، وبذل كل غالي في سبيل أن ينال ما يشتاق له قلبه، وتطمئن إليه نفسه، ويهنأ لأجله باله، فاللهم إنا في شوق إلى لقائك فاختم لنا بخاتمة حسنة، وبلا إله إلا الله محمد رسول الله، اللهم آمين..
وأي شوق وأي سعادة، حين ننطرح بين يدي الله - عز وجل -، ندعوه ونتوسل إليه، في ذل وافتقار، لأننا الفقراء إليه وهو الغني - سبحانه -، فصاحب الشوق يحب أن يخلو مع حبيبه، وأفضل وقت للخلوة، يكون في الثلث الأخير من الليل، حين ينزل الرب إلى السماء الدنيا، ويقول: هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ فكن حينها متيقظاً، قد آثرت الصلاة وقراءة القرآن والدعاء، على الفرش الناعمة، والنوم الهانئ، ولن نجد لذة أعظم من صلاة الليل {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}..
وإن كنت تشتكي من عدم الشوق؟! فعليك بكثرة تلاوة القرآن وسماع المواعظ، فإنها شفاء لك بإذن الله - تعالى-، وكما يجب عليك الفرار من الذنوب والمعاصي كفرارك من الأسد، فإنها تورث قسوة القلب، والبعد عن رحمات الله- سبحانه -، فابكي على ذنبك، وسارع باللحاق لركب المشتاقين، فتحظى بسعادة الدنيا والآخرة، جعلني الله وإياكم من أهل قيام الليل ووفقنا لما فيه قرب إلى الرب - سبحانه -، اللهم آمين..
والله - تعالى -أعلم، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..