إنني ألاحظ أن كثيراً من الناس لا يصلون إلا في رمضان، وقد نصحتهم بنصائح كثيرة إلا أنني لم أجد الاستجابة منهم، نبهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً - شيخ عبد العزيز
الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بذلك، والمحافظة عليها في أوقاتها، وعلى الرجال بصفة خاصة أن يؤدوها في جماعة في بيوت الله -عز وجل-، ولا يجوز لأحد التخلف عنها، أو التساهل بها، بل ذلك من دلائل النفاق، وقد قال الله -عز وجل- في كتابه المبين: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ[البقرة: 238]، وقال -عز وجل-: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ[البقرة: 43]، وقال -عز وجل-: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا[مريم: 59]، وقال جماعة: معناه فسوف يلقون خساراً ودماراً وعذاباً، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها، والتواصي بذلك، وأن تكون في أوقاتها، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق)، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تكرها فقد كفر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وذكر الصلاة يوماً -عليه الصلاة والسلام- بين أصحابه فقال: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، فهذا وعيد عظيم يدل على كفرهم، فمن ضيع الصلاة حشر مع هؤلاء الكفرة فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، قال بعض أهل العلم إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء؛ لأنه إن ضيعها من أجل الملك والرئاسة شابه فرعون، فيحشر معه يوم القيامة إلى النار، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه يوم القيامة إلى النار، وإن ضيعها بأسباب المال وما أعطاه الله من الدنيا شابه قارون الذي بغى وطغى وتكبر ولم يستجب للحق حتى خسف الله به الأرض، أو ضيعها بسبب التجارة والبيع والشراء شابه أبي بن خلف، تاجر أهل مكة من قريش، الذي قتل يوم أحد، قتله النبي -عليه الصلاة والسلام- فيحشر معه إلى النار يوم القيامة نسأل الله العافية. فالواجب على كل مؤمن وكل مؤمنة العناية التامة بهذه الفريضة العظيمة، والمحافظة عليها في أوقاتها، والحذر من التخلف عنها، أو التكاسل عنها في أي وقت، والذي لا يصليها إلا في الجمعة أو في رمضان يعتبر كافراً في الحقيقة عند جمعٍ من أهل العلم -رحمة الله عليهم-، ولو أقر بالوجوب. أما إذا جحد وجوبها كفر إجماعاً، لكن إذا كان يعلم وجوبها عليه ويقر بذلك ولكنه يتكاسل ويدع بعض الأوقات أو لا يصلي إلى الجمعة أو لا يصلي إلى في رمضان فهذا في أصح قولي العلماء يعتبر إلا كافراً، كما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه، فلما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمراء الذين يغيرون قال له الصحابة: يا رسول الله: (أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) وفي لفظ آخر قال: (لا، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان)، فهذا يدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح، نسأل الله العافية، فوصيتي ونصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة في كل مكان أن يتقي الله، وأن يحافظ على هذه الصلوات الخمس، وأن يهتم بها كثيراً، ويعنى بها كثيراً في أوقاتها، وأن يحذر طاعة الشيطان وجلساء السوء، ويبتعد عنهم، فهي عمود الإسلام، وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فيتقي الله كل مسلم في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. المذيع/ جزاكم الله خيراً، شيخ عبد العزيز حكم صيام ذلكم الذي لا يصلي إلا في رمضان بل ربما صام ولم يصل؟ كل من حكم بكفره بطلت أعماله عند من حكم بكفره تبطل أعماله قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ[الأنعام: 88]، وقال تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[المائدة: 5]، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يكفر كفراً أكبر إذا كان يقر بالوجوب، ولكنه يكفر كفراً أصغر، ويكون عمله هذا أقبح وأشنع من عمل الزاني والسارق ونحو ذلك، ومع هذا يصح صيامه وحجه عندهم وزكاته ونحو ذلك إذا أداه على الوجه الشرعي، ولكن تكون جريمته عدم المحافظة على الصلاة فهو على خطرٍ عظيم من وقوع الكفر الأكبر عند جمع من أهل العلم، وحكاه بعضهم قول الأكثرين أنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد الوجوب، وإنما يتركها تكاسلاً وتهاوناً فإنه يكون بذلك قد أتى كفراً أصغر، وجريمة عظيمة ومنكراً شنيعاً، أعظم من الزنا، وأعظم من السرقة، وأعظم من العقوق، وأعظم من شرب الخمر، نسأل الله السلامة والعافية، ولكن الصواب والصحيح من قولي العلماء في ذلك أنه يكفر كفراً أكبر، نسأل الله العافية لما تقدم من الأدلة الشرعية. المذيع/ إذاً من صام وهو لم يصلي فلا صيام له؟ فلا صيام له ولا حج له نسأل الله السلامة. المذيع/ الواقع سماحة الشيخ كثيراً ما يحتاج الناس إلى التنبيه لهذا الموضوع؟ نسأل الله الهداية لنا ولجميع المسلمين لا شك أن الأمر خطير وعظيم، وجدير بالعناية من أهل العلم في كل مكان، يجدر بأهل العلم أن يوضحوا هذا دائماً، وأن يحذروا الناس من التكاسل عن الصلاة، حتى ولو قلنا أنه كفرٌ أصغر يجب الحذر من هذه الجريمة العظيمة، التي تجره إلى كفرٍ أكبر، فلو أن الإنسان حاسب نفسه لرأى أن إقراره بوجوبها ضعيف، لأنه لو أقر بوجوبها على الكمال لما تركها، لكن هذا الإقرار بالوجوب قد اعتراه من الضعف والنقص ما جعله يتساهل في تركها، نسأل الله العافية، فربما أفضى به ذلك إلى جحد الوجوب، نسأل الله العافية، فيكفر بإجماع المسلمين، نسأل الله العافية. جزاكم الله خيراً ونفع بعملكم وأعانكم إنه على كل شيء قدير.