كنت في يوم واقف في مكتب أصلي الظهر، وكان أمامي في الجدار أوراق ملصقة وبها كتابة؛ فنظرت إليها سهواً وقرأت بعض كلمات منها، فهل صلاتي مقبولة؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالصلاة صحيحة، ولكن لا ينبغي للمصلي أن يشتغل عن الصلاة بالقراءة في الجدار أو في الأرض بل يقبل على صلاته، ويجمع قلبه عليها ويخشع فيها لربه عز وجل، كما قال الله سبحانه: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، فالسنة للمصلي من رجل أو امرأة السنة له أن يقبل على صلاته، وألا ينظر في الجدران ولا غير الجدران بل يطرح بصره إلى موضع سجوده، ويشتغل بصلاته ويعلم أنه يناجي ربه، وأنه واقف بين يديه سبحانه وتعالى، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إذا قام أحدكم للصلاة فإنه يناجي ربه)، فعلى المؤمن أن يتقي الله في هذا ويحرص على أن تكون صلاته في غاية من الإتقان وأن يقبل عليها ويخشع بها لربه عز وجل، ولا يشغل عنها بتفكير أو مطالعة كتابة في جدار أو أرض أو غير ذلك، ثم كونك تصلي في المكتب وحدك هذا منكر، يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز للرجل أن يصلي في مكتبه ولا أهل المكتب أن يصلوا في مكتبهم بل يجب على أهل المكاتب أن يصلوا مع الناس في مساجد الله، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه هم أن يحرق على من ترك الصلاة في المسجد بيته، قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)، ما قال: لا يصلون، قال: لا يشهدون، لا يشهدونها مع المسلمين في المساجد، وفي رواية: لولا ما في البيوت من النساء والذرية، لحرقتها عليهم، فالواجب على كل مسلم الحذر من التخلف عن الصلاة في المساجد، والحذر من مشابهة أهل النفاق في جميع الصلوات، ولا سيما في الفجر فإن كثيراً من الناس قد شابه المنافقين في ذلك، فيجب الحذر وأن تكون الصلوات الخمس كلها في المساجد، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء جميعاً، يجب على الرجل أن يصلي في المساجد مع إخوانه ولا يجوز له أن يتخلف عنها في بيته ولا في مكتبه، فالصلاة في البيت للنساء والمرضى أما من عافاه الله الذي قد عافاه فيلزمه أن يصلي مع إخوانه في المساجد، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سأله رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني أي يقودني إلى المسجد فهل من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب)، وفي لفظ: (لا أجد لك رخصة)، هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي: (أجب، ليس لك رخصة)، فكيف بحال من عافاه الله من العمى، كيف بحال القوي، الواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحذر عقوبة الله وأن يبادر إلى الصلاة في مساجد الله مع إخوانه، ويحضى بالأجر العظيم في ذلك، والسمعة الحسنة والاجتماع مع إخوانه والتعارف والتآلف نسأل الله للجميع الهداية.