سمعت من رجل يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى الصلاة قبل وقتها بسبب القتال، فهل صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قام بذلك؟
يجوز عند الحاجة الجمع بين الصلاتين إذا كان في السفر يجمع بين الصلاتين عند حاجة القتال، أما أن يصليها قبل وقتها لا، لكن يؤخر زيادة تأخير، فلا يصلي الظهر قبل وقتها، ولا يصلي المغرب قبل وقتها، لكن يجوز أن يؤخر المغرب مع العشاء، والظهر مع العصر المسافر، وفي حالة القتال، والحاجة إلى الجمع، وله أن يؤخرها أيضاً عن وقتها إذا اضطر إلى ذلك، فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أخر العصر حتى صلاها بعد المغرب يوم الأحزاب، لما اضطره المشركون إلى ذلك وقت الحرب، فإذا اضطر إلى ذلك، جاز أن يؤخر الصلاة عن وقتها، لا يقدمها، بل يؤخرها عند الضرورة، وشدة الحرب، وله أن يصلي الصلاة كما صلاها النبي وقت الخوف، يصليها كفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يجعل الغزو طائفتين طائفة تصلي معه، وطائفة تقوم حذاء العدو تحرس العدو لئلا يهجم، وتصلي بهم كما صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، يصلي في الأولى طائفتين ركعتين إذا كان في السفر قصراً، ثم تذهب تحرس وتأتي الطائفة الأخرى وتصلي وحدها، أو يصلي بهذه ركعة، ثم تكمل لنفسها، ثم تذهب تحرس، ثم تأتي الثانية، وتصلي معها الركعة الثانية، ثم تقضي لنفسها، ثم تجلس معها ويسلم بها، كل هذا فعله -صلى الله عليه وسلم-، وفعل أمراً آخر وهو أنه صلى بهذه ركعتين، وبهذه ركعتين، صلى بالطائفة الأولى ركعتين، ثم ذهبت تحرس، ثم جاءت الطائفة الأخرى وصلى بهم ركعتين، وصارت الركعتان له الأخيرتان نافلة، كل هذا من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وله أفعال أخرى في الخوف، إذا كان العدو أمام القبلة له أن يجمعهم جميعاً ويصلي بهم جميعاً، وإذا سجد في الركعة الأولى سجد معه الصف الأول، وبقي الصف الثاني يحرس ينظر، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني، هذا كله أيضاً فعله -عليه الصلاة والسلام- ، فالخوف له حالات متنوعة، وإذا اضطر إلى أن يؤجل الصلاة، وأن يؤخرها عن وقتها، فالصواب أنه لا حرج في ذلك، لفعله -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب، وقد فعله الصحابة في قتال الفرس، كما ذكر أنس -رضي الله عنه- أنه في بعض الأيام التي لاقوا فيها العدو في الفرس عند فتح تستر، فتحوها عند طلوع الفجر، في وقت صلاة الفجر، وشغل الناس عن الصلاة؛ لأن بعضهم صاروا على السور، وبعضهم على الأبواب، وبعضهم نزلوا في البلد، فاشتد القتال، والحصار فلم يتمكنوا من صلاة الفجر، فأخروها حتى صلوها ضحى، قال أنس -رضي الله عنه- فما أحب أن لي بها كذا وكذا، يعني لأنا أخرناها لأمر شرعي، وحاجة شديدة وضرورة، فلا حرج في هذا على الصحيح.