نَعَقَ الغُرَابُ بِبَيْنِ ذاتِ الدُّمْلُجِ |
ليتَ الغرابَ ببينها لم يزعجِ |
نَعَقَ الغُرَابُ وَدَقّ عَظْمَ جَنَاحِهِ |
وَذَرَتْ بِهِ الأَرْياحُ بَحْرَ السَّمْهَجِ! |
ما زلتُ أتبعهم لأسمعَ حدوهمْ، |
حَتَّى دَخَلْتُ عَلى رَبِيبَة ِ هَوْدَجِ |
نَظَرَتْ إلَيَّ بِعَيْنِ رِئْمٍ أَكْحَلٍ |
عمداً، وردتْ عنك دعوة َ عوهج |
فبهتْ بدرّ حليها، ووشاحها، |
وَبَرِيمِهَا وَسِوَارِها فَالدُّمْلُجِ |
فَظَلِلْتُ في أَمْرِ الهَوَى مُتَحَيِّراً |
من حرِّ نارٍ بالحشا متوهج |
مَنْ ذا يَلُمْني إنْ بَكَيْتُ صَبَابَة ً |
أَوْ نُحْتُ صَبَّاً بِالفُؤادِ المُنْضَجِ؟ |
قَالُوا اصْطَبِرْ عَنْ حُبِّها مُتَعَمِّداً |
ولا تهلكنّ صبابة ً، أو تحرج |
كَيفَ اِصطِباري عَن فَتاةٍ طَفلَةٍ |
بَيضاءَ في لَونٍ لَها ذي زِبرِجِ |
نافتْ على العذقِ الرطيبِ بريقها، |
وَعَلَى الهِلاَلِ المُسْتَبين الأَبْلَجِ |
لما تعاظمَ أمرُ وجدي في الهوى ، |
وَكَلِفْتُ شَوْقاً بِالغَزَال الأَدْعَجِ |
فسريتُ في ديجوِ ليلٍ حندسٍ، |
مُتَنَجِّداً بِنِجَادِ سَيْفٍ أَعْوَجِ |
فقعدتُ مرتقباً ألمُّ ببيتها، |
حَتَّى وَلَجْتُ بِهِ خَفِيَّ المَوْلَجِ |
حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الفَتَاة ِ وَإنَّها |
لَتَغُطُّ نَوْماً مِثْلَ نَوْمِ المُبْهِجِ |
وإذا أبوها نائمٌ، وَعَبِيدُهُ |
مِن حَوْلِها مِثْلُ الجِمَالِ الهُرَّجِ |
فَوَضَعْتُ كَفِّي عِنْدَ مَقْطَعِ خَصْرِها |
فَتَنَفَّسَتْ نَفَساً فَلَمْ تَتَهَلَّجِ |
فَلَزِمْتُها فَلَثِمْتُها فَتَفَزَّعَتْ |
مني، وقالتْ: منْ؟ فلمْ أتلجلج |
قَالَتْ: وَعَيْشِ أَبي وَحْرْمَة ِ إخْوَتي |
لأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ إنْ لَمْ تَخْرُجِ |
فَخَرَجْتُ خَوْف يَمينِها فَتَبَسَّمَتْ |
فَعَلِمْتُ أَنَّ يَمِينِها لَمْ تَحْرُجِ |
فتناولتْ رأسي، لتعلمَ مسهُ، |
بِمُخَضَّبِ الأَطْرَافِ غَيْرِ مُشَنَّجِ |
فَلَثمْتُ فاها، آخِذاً بِقُرُونِها |
شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ ماءِ الحَشْرَجِ |