قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً))[الأحزاب:28]، هل هو موجه لزوجات النبي فقط، وهل يجب على أي مؤمن أن يخير زوجته، فإن اختارت الدنيا وزيتها فيطلقها؟
ليس خاصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم – بل هو عام، وأسباب ذلك قلة النفقة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم تكن عنده نفقة كافية لأزواجه عليه الصلاة والسلام، ولهذا جرى منهن فأمر الله أن يخيرهن، ومن اختارت الله والدار الآخرة بقيت، ومن أبت طلقها من أجل عدم القدرة على النفقة الكاملة، فإنه - صلى الله عليه وسلم – تعرض له أوقات في المدينة ليس عنده ما يكفي للإنفاق على أزواجه، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر عليه الصلاة والسلام، تأتيه الوفود فيتألفهم على الإسلام بما عنده من المال، فقد ينفذ المال ويقل المال ويبقى الأزواج محتاجين، فلهذا لما طالبن بحقهن خُيِّرْنَ بين الله والدار الآخرة وبين الدنيا وحاجتها، فاخترن الله ورسوله - رضي الله عنهن- وصبرن على ما يصيبهن من حاجة، حتى قالت عائشة - رضي الله عنها-: لقد هل هلال، ثم هلال، ثم هلال ما وقد في أبيات محمد - صلى الله عليه وسلم – نار)، فقال لها ابن أختها عروة بن الزبير: فما كان يعيشكم يا خالة، قالت: الأسودان، التمر والماء. إلا أنه كان له جيرانٌ من الأنصار يهدون إليه شيئاً من اللبن، أو كما قالت - رضي الله عنها-. المقصود أنه - صلى الله عليه وسلم – كانت تمر عليه أوقات كثيرة ليس عنده ما يكفي لزوجاته التسع للإنفاق عليهن، لحاجاتهن، فخيرن وأُجِرْن إن صبرن على ذلك فلهن الجنة والسعادة، وإن أبين طلقهن، أو طلق من تصبر منهن؛ حتى تجد من يقوم عليها القيام الكامل من جهة الدنيا، ولكمال إيمانهن وكمال يقينهن وكمال بصيرتهن لما خيرن؛ اخترن الله ورسوله وندمن على ما جرى سابقاً، وكلهن اخترن الله والبقاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان هناك حاجة، وإن كان هناك شدة، فهكذا الناس اليوم، إذا كان الزوج عنده زوجة وهو عاجز عن نفقتها تخير، إن صبرت فجزاها الله خيراً، وإن أبت وجب عليه طلاقها حتى تجد من ينفق عليها.