أفتّش عن امرأة !!
|
|
مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
|
الأحلام تصنعها النساء ! والتاريخ شاهد عيان .. والمتصفّح في التاريخ يجد الحقيقية أبلغ من كل لسان ! يكفي المرأة شرفاً أن كل الناجحين على ظهر الأرض ، والذين سطروا فيها أروع الأمثلة هم نسل نساء .. وخلف كل ناجح امرأة رائدة . لو لم يكن تاريخ المرأة إلا هذه الصورة لكفاها شرفاً ورفعة .
المرأة عاطفة جياشة ومشاعر رقراقة وهي مع ذلك صانعة الحياة وشرارة النور المستطير على وجه الأرض في وضح النهار ...
أفتش هذه اللحظات عن امرأة تفكّر في دينها ، وتعيش رسالتها ، وتجهد في البناء ، وتكتب رسالة الله تعالى على وجه الأرض .
أفتّش عن امرأة عرفت أهدافها فكتبتها وعلقتها في بيتها أو أجنّتها في حقيبتها أو وضعتها في مكان بارز وذهبت تجهد في تحقيقها ، وتحاول في الوصول إلى نهايتها .. إن امرأة بلا أهداف هي جسد بلا روح ، وعالم فارغ من الإنجازات .. وهي لا تعدو في النهاية أن تكون حيّزاً ملأ الأرض دون تحقيق غاية أو وصول إلى رسالة .
إن الهدف في حياة أي امرأة هو الوقود الذي يشعل نار حماسها ، ويقف كالهاجس يوقظها من منامها ، ويظل يمثّل لها قلقاً كبيراً يتوارد على قلبها حتى يوردها إلى المستقبل المشرق بإذن الله تعالى
إنني أفتّش عن تلك المرأة ، وكم رنت عيني إلى رؤيتها ، أو أصغت أذني إلى سماع أخبارها .. كفى المرأة الصالحة حياة فارغة بلا أهدف ! كفاها حياة بلا إنجازات ! كفاها عيشاً كبقية النساء ..
حدثني من سافر إلى أفريقيا أنه رأى امرأة عجوزاً في غابات إفريقيا تصليها الشمس ، وتؤذيها الأيام وهي تجهد في تنصير أبناء المسلمين ، فتضيف للنصرانية عدداً أكبر ، وتصنع لها تاريخاً أوسع .. ولست والله أريد هذا من أهدافك ، ولا أتطلّع إليه ، وإنما يكفيني فقط أن تدركين أن أهدافك هي الكفيلة بصناعة الفرق في حياتك .. وفي أسرتك ومجتمعك وأمتك أماكن فسيحة للبناء وتحقيق هذه الأهداف .
أفتّش عن امرأة عرفت سر تميّزها ، وأدركت دورها الذي ينبغي أن تقوم به فراحت تكتب بعض آثاره على الطريق ، إن إدراك المرأة لدورها ، وتحديد مكامن قوتها هو سر نجاحها وتميزها ، وإني رأيت كثيراً من النساء تجهد وتحاول ثم لا شيء .. والتعرّف على مكامن قوة المرأة وتخصصها ودورها الحقيقي هو سر له أثر كبير في تحقيق نجاحها بإذن الله تعالى .
أفتّش عن امرأة مع كل همومها السابقة لها وردها من العبادة ، وقسطها من العناية بنفسها .. إن المرأة التي تشتهي أن تكون علامة مضيئة في تاريخ أسرتها أو مجتمعها أو حتى أمتها هي امرأة تدرك ضرورة العناية بنفسها فتجد أن لها ورداً من النافلة في سائر العبادات من صلاة وصيام وقرآن وذكر وبر وصدقة وصلة لا تكاد تتركها بل إذا نسيت أو فاتت تلك العبادة لظرف ما سارعت بقضائها
إن وجود هذا المعنى في حد ذاته في ذهن المرأة هو دليل تميّز ، وبرهان نجاح ، فما رأيت ولا سمعت ولا حُدّثت إلى تاريخ هذه اللحظة عن امرأة كتب الله تعالى لها صيتاً وهي ضعيفة الصلة بربها .. إن من سنن الله تعالى في الأرض أن موارد التوفيق لا تتنزّل على أي إنسان في الأرض إلا بعد جهاد في العبادة وطول طريق في الصلة .
أفتش عن امرأة في وقتها زمن للقراءة ، فهي ترى أن يوماً بدون قراءة هو يوم بائس في حياتها .. إن هذه المرأة تستطيع في يوم ما أن تتفوّق ، وتستطيع في يوم ما أن تكتب ذكرها على الأرض ، وتستطيع في يوم ما أن تدوّن ذكرها في عداد الناجحين . هذه عندي خير من ألف رجل لا يعرف الكتاب ، وليس في وقته زمن للقراءة .
لا زلت أفتّش إلى هذه اللحظة عن تلك المرأة فمن لقيها أو سمع بها أو جادت له الأخبار بمثل هذه الأشواق في أمته فليهاتفني .. لا لشيء إلا أنني أريد أن أجدد الأحلام ، وأعيش الأمنيات ، فإن أمة هذه بعض نماذجها لهي أمة قادمة إلى النصر والتمكين .
--
إذا ما مات ذو عـــــلمٍ وتقوى ** فقد ثلمت من الإســـلام ثلمة
وموت الحاكم العـــدل المولّى ** بحكم الشرع مــــــنقصةٌ ونقمة
وموت العــــــابد القوّام ليــــلاً ** يناجي ربـــــــه في كـــل ظلمة
وموت فتى كثير الجود محض ** فإن بــــــــقائه خيــــــــرٌ ونعمة
وموت الفارس الضـرغام هدمٌ ** فكم شهدت له في الحرب عزمة
فحسبك خمسةً يبـــكـى عليهـم ** وباقي الناس تخفــــــيفٌ ورحمة
وباقي الناس هم همـجٌ رعـــاع ** وفي إيجـــادهم لله حـكــــــــــمة
*=*=*=*=*=*= *=*=*=*
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أحرك شفتي، فقال لي:
"بأي شيء تحرك شفتيك يا أبا أمامة؟ "فقلت: أذكر الله يا رسول الله فقال: "ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار؟ "قلت: بلى يا رسول الله. قال:
" تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض [ والسماء ] سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، سبحان الله عدد ما أحصى كتابه، سبحان الله ملء ما أحصى كتابه، سبحان الله عدد كل شيء، سبحان الله ملء كل شيء.
الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصي كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء".
رواه أحمد، وابن أبي الدنيا واللفظ له، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما باختصار، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين