جــــولد مــــائير جولدا مائير (3 مايو 1898 - 8 ديسمبر 1987م). رابع رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية بين 17 مارس 1969 حتى 1974م. جولدا مائيروُلدت جولدا مابوفيتز في مدينة كييف اوكرانيا وهاجرت مع عائلتها إلى مدينة ميلواكي في ولاية ويسكونسن الأمريكية عام 1906م. تخرجت من كلّية المعلمين وقامت بالعمل في سلك التدريس وانضمّت إلى منظمة العمل الصهيونية في عام 1915م. ومن ثمّة، قامت بالهجرة مرّة أُخري ولكن هذه المرّة إلى فلسطين وبصحبة زوجها موريس مايرسون في عام 1921م. ولمّا مات زوجها في عام 1951م، قررت جولدا تبني اسم عبري فترجمت اسم زوجها إلى العبرية (بالفعل يعني اسم مايرسون "ابن مائير" باللغة الييديشية وقررت جولدا مائير اختصاره). إنتقلت جولدا إلى مدينة تل أبيب في عام 1924م وعملت في مختلف المهن بين إتّحاد التجارة و مكتب الخدمة المدنية قبل أن يتمّ انتخابها في الكنيست الإسرائيلي في عام 1949م. عملت جولدا كوزيرة للعمل في الفترة 1949 إلى 1956م وكوزيرة للخارجية في الفترة 1956 إلى 1966م في أكثر من تشكيل حكومي. وبعد وفاة رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي اشكول في فبراير 1969، تقلّدت جولدا منصب رئيس الوزراء وقد تعرّضت حكومة التآلف التي ترأّستها للنّزاعات الداخلية وأثارت الجدل والتساؤلات في مقدرة حكومتها على القيادة خاصّة بعد الهجوم العربي المباغت وغير المُتوقّع، والذي أخذ الإسرائيليين على حين غرّة في 6 أكتوبر 1973م. تعرّضت جولدا مائير لضغوط داخلية نتيجة الأحداث التي سلفت فقامت على تقديم إستقالتها وعقبها في رئاسة الوزراء اسحاق رابين. وفي 8 ديسمبر 1978م، ماتت جولدا مائير ودفنت في مدينة القدس. من مذكرات.. جولد مائير .. نكون .. أولا نكون .. ! نظرات في مذكرات المرأة الصهيونية للكاتب / أحمد عبد الرحمن الصوبان الدارس لتاريخ الحركة الصهيونية الحديثة يجد عجائب وغرائب كثيرة جداً ، فمن شعب مهين مستضعف مشتت في كلّ أنحاء العالم ، يتحول اليهود خلال سنوات قلائل إلى أمّة قوية مهيبة ، يتساقط تحت أقدامها قادة المشرق والمغرب . جولدا مائير .. هي (رئيسة وزراء إسرائيل 1969- 1973م) إحدى النساء اللواتي ساهمن مساهمة قوية في قيام دولة إسرائيل ، قال عنها ابن غوريون أول رئيس للوزراء عندما عادت من أمريكا محملة بخمسين مليون دولار بعد حملة تبرعات واسعة : سيُقال عند كتابة التاريخ : إن امرأة يهودية أحضرت المال ، وهي التي صنعت الدولة [ص171من مذكراتها] ، بل قال عنها ثانية : إنها الرجل الوحيد في الدولة ! [ص97] ، عندما قرأت مذكراتها وجدت دروساً عملية الأول : ضرورة الإيمان الراسخ بالهدف الذي يدفع للبذل والعطاء ، وتحويله من حلم إلى حقيقة واقعة . الثاني : أن آمال الإنسان لا تتحقق إلا بالإصرار والصبر وطول النفس ، واستسهال الصعاب .. ! ودعونا الآن نقرأ بعض هذه المقاطع من مذكراتها التي لا تحتاج إلى تعليق : .. لقد شعرت أن الرد الوحيد على قتل اليهود في أوكرانيا هو أرض فلسطين ، يجب أن يكون لليهود أرض خاصة بهم وعليّ أن أساعد في تحقيق هذا ، لا بالخطب والتبرعات ، بل الحياة والعمل هناك معهم في أرض فلسطين [ص54] . لقد كانت مسألة العمل في حركة العمل الصهيوني تجبرني للإخلاص لها ونسيان همومي كلها ، وأعتقد أن هذا الوضع لم يتغير طيلة مجرى حياتي في الستة عقود التالية[ص56] . لقد كانت (فلسطين) هي السبب ، ولأجلها حضرنا جميعاً ، ولأجلها تحملنا المشاق ! .. لقد كنت شغوفة في شرح طبيعة الحياة في إسرائيل لليهود القادمين ، وأوضح لهم كيف استطعت التغلب على الصعاب التي واجهتني عندما دخلت (فلسطين) لأول مرة ، ولكن حسب خبراتي المريرة التي مارستُها كنت أعتبر أنّ الكلام عن الأوضاع وكيفية مجابهتها نوعاً من الوعظ أو الدعاية ، وتبقى الحقيقة المجردة هي وجوب إقامة المهاجرين وممارستهم للحياة عملياً . لم تكن الدولة الإسرائيلية قد أنشئت بعد ، ولم تكن هناك وزارة تعنى بشؤون المهاجرين الجدد ، ولا حتى من يقوم على مساعدتنا لتعلم اللغة العبرية ، أو إيجاد مكان للسكن ، لقد كان علينا الاعتماد على أنفسنا ومجابهة أي طارئ بروح بطولية مسؤولة ! [ص 71] . كان الروّاد الأوائل من حركة العمل الصهيوني هم المؤمنون الوحيدون الذين يستطيعون تحويل تلك المستنقعات أو السبخات ( ! ! ) إلى أرض مروية صالحة للزراعة ، فقد كانوا على استعداد دائم للتضحية والعمل مهما كان الثمن مادياً أو معنوياً .. ! [ص74] . .. عندما أتذكر وضع (السوليل بونيه) [منظمة يهودية] منذ زمن أي : منذ 1927م في مكتبها الصغير في القدس يوم كانت لا تستطيع دفع أجور العمال ، ثم أفكر في وضعها الحالي ، والخمسين ألف موظف وموظفة ، وبمدخولها الذي وصل إلى 5 . 2 مليون ليرة إسرائيلية ، عندها أحتقر أي شخص يقول أو يُنكر على الصهيونية تفاؤلها [ص 95] . إننا في اجتماعنا هذا لن نُعيد المسيح إلى الحياة (في زعمهم) ، ولكن لابد لنا من القيام بمجهود لنقنع العالم بما نريده وبما نحن عليه ! ! [ص99] . ..أعتقد أن هناك سببين فقط يمثلان المحنة القومية التي مررنا بها ، أحدهما : الانهيار والاستسلام ، والقول : لا أستطيع أن أتابع . والثاني : أن تكشر عن أنيابك وتحارب بكل ما أوتيت من قوة على كل الجبهات التي تواجهك مهما كانت المدة صعبة وطويلة ، وهذا بالضبط ما قمنا به في السابق ونحن قائمون به الآن ! [ص 120] . أدركت أنه لا يكفي لشعب ضعيف أن يثور لكي ينال عدلاً مطالبه ، أما مبدأ (نكون أو لا نكون) فعلى كل أمة أن تعمل به وبالتالي تقرر مصيرها بطرقها الخاصة ، وعلى اليهود ألا يعتمدوا على أحد من أجل تقرير مصيرهم [ص130] . لم يقدم لنا الاستقلال على طبق من فضة ، بل حصلنا عليه بعد سنين من النزاع والمعارك ، ويجب أن ندرك بأنفسنا ومن أخطائنا الثمن الغالي للتصميم والعزيمة [ص238] . .. أخبرت اليهود في جميع أنحاء أمريكا أن الدولة الإسرائيلية لن تدوم بالتصفيق ولا بالدموع ولا بالخطابات أو التصريحات ! إنما يجب توفر عنصر الوقت لبنائها ، قلت في عشرات المقابلات : لن نستطيع الاستمرار دون مساعدتكم؛ فيجب أن تشاركونا بمسؤولياتكم في تحمل الصعاب والمشاكل والمشقات والأفراح، صمموا على المساعدة وأعطوني قراركم ! لقد أجابوا بقلوبهم وأرواحهم بأنهم سيضحون بكل شيء في سبيل إنقاذ الوطن ! ! [ص185] . أرجو من القــــــــــــــــــــــــــــــــــــارئ أن يقرأ هذا المقطع بتمعن شديد ، ثم يقارنه بالشعارات الثورية التي ملأت الأمة بضجيجها وصخبها لعبد الناصر ومن بعده من قادة التحرر العربي ... ! ! . تردد الجموع بكل بلاهة : من الخليج الثائر .. إلى المحيط الهادر .. لبيك عبد الناصر ! فتجاب بكل استهتار ومهانة : سنرمي إسرائيل في البحر ! والنتيجة هي تحطيم الطيران المصري كله على أرض المطار .. فالقادة يعبثون ويشربون حتى الثمالة ، ويتراقصون على أنغام الموسيقى ، ولا يدركون ما حدث إلا حينما انتهى كل شيء .. ! ! وبعد هذا الإحباط .. حتى تلك الشعارات الثورية سقطت .. وتحركت القلوب الرحيمة تندد بالفدائية ، وتنادي بالسلام وحقن الدماء .. فلابد أن نتفرغ للبناء ، فقد أنهكتنا الحروب .. ! إنها حرب عقيدة ، ولن تنتصر الأمّة بشعاراتها النفعية وإعلامها الرخيص ، فمتى يدرك الناس أننا قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ؟!. فإما نكون أو لا نكون .. ! ! ] ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون [ [النساء : 104] . ________________________ مجلة البيان العدد 88 الصفحة 107 --------------------