بتـــــاريخ : 11/22/2008 1:17:52 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 996 0


    الطريق إلى حياة القلوب

    الناقل : heba | العمر :42 | الكاتب الأصلى : عبده مصطفى دسوقي | المصدر : www.muslema.com

    كلمات مفتاحية  :


    الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلف عباده فيها لينظر كيف يعملون ، قال تعالى :- ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ سورة الشمس: 7-10 ، والمسلم قد فهم طريقه وحدد غياته وهدفه ، وعمل على إحياء قلبه فعمل منذ الوهلة الأولى على أن يكون قوي الجسم , متين الخُلُق , مثقَّف الفكر, قادرًا على الكسب , سليم العقيدة , صحيح العبادة , مجاهدًا لنفسه , حريصًا على وقته , منظَّمًا في شئونه , نافعًا لغيره . غير أن كثيرا من المسلمين لم يصلوا إلى هذه الدرجة لعدم وجود من يعينهم على الحق .

    قال الإمام الشهيد حسن البنا :- ( إذا لامست معرفة الله قلب الإنسان تحول من حال إلى حال ، وإذا تحول القلب تحول الفرد ، وإذا تحول الفرد تحولت الأسرة ، وإذا تحولت الأسرة تحولت الأمة ، وما الأمة إلا مجموعة من أسر وأفراد ) .

    ( قل مسافر في طريق ما لابد من التزود بكل ما يحتاجه على طريقه بما يهىء له أسباب السير وتحقيق الغاية ، وطريق الدعوة - وهو كل شىء فى حياة الداعي إلى الله - أولى الطرق بالإهتمام بما يلزم من زاد ) كما قال الأستاذ مصطفى مشهور.

    لقد جمع الإسلام بين جنباته أفضل الوسائل لتهذيب النفس ، وتجديد الروح ، وتزكية الأخلاق ، وعلى المسلم العمل على إحياء قلبه قبل توقفه للأبد ، والتزود ببعض معينات الطريق التي تساعد على اجتياز عقبة الدنيا.

    أولا :- الشعور بالحاجة إلى الله :- إن محبة الله عز وجل والقرب الدائم منه هى الحياة الحقيقية للقلوب ، من تذوقها فقد فاز بنعيم الدنيا والآخرة.

    قال أبو الفتح البستي :-

    يا خادِمَ الجِسم كمْ تشقى بخِدْمَتهِ لِتطلُبَ الرَّبحَ في ما فيه خُسْرانُ

    أقبِلْ على النَّفسِ فاستكمِلْ فضائلَها فأنتَ بالنَّفسِ لا بالجِسمِ إنسانُ

    فلنستشعر حاجتنا إلى الله فى سجود الليل وركوعه ، وقرآن الفجر ودموعه ، وذكر الموت وأخباره ، حتى تحيا قلوبنا ، ولنظهر الذلة والخضوع دائماً إلى الله ولنشعر أنفسنا أننا فى أشد الحاجة إليه سبحانه ، يذكر الدكتور رمضان البوطى أن أحد الناس ذهب إليه يشتكى له حالة وأسكب الدمع بين يديه ، فقال له :- لو أنك وقفت هذه الوقفه بين يدى الله فأسكبت هذه الدمعات لكان هو أرحم بك منى ، فمن منا غنى عن الله ؟!!! ، ومن منا لا يشعر بحاجته إليه ؟!! ، فلما التأخر في اللجوء إليه ، ولما التردد في عمل الصالحات وإخلاص النيات :- ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ* وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة هود: 14-15

    ثانياً :- قم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف:- إن الصلاة مصدر أساسى ودائم ومتجدد ، تزكى القلب وتسمو به عن جواذب الأرض وتعين على تخطى العقبات ، فالصلاة صلة وقرب من الله ، وما أحوجنا إلى هذا القرب نشكو له ضعفنا ، ونتجرد من حولنا وقوتنا لنحيا في كنف حوله وقوته ، ولنا فى رسولنا صلى الله عليه وسلم الأسوة فكان إذا حزبه أمر قال :- ( أرحنا بها يا بلال ) رواه أبو داود

    وندعو الله أن يزيل هم قلوبنا ، فالصلاة للمؤمن كالواحة الفيحاء وسط صحراء الحياة وقسوتها ، فمع صوت كل نداء حي على الصلاة تهفو القلوب ، وتسكن الروح ، وتعلو الهمة ، وتسارع الأجساد للوقوف بين يدي الله وتكون القلوب أقرب إلى ربها في سجودها ، فما أحوجنا لهذه الوقفات، وما أحوجنا للوقوف في صلاة الفجر ، نسمع الله شكوانا ، فصلاة الفجر أصبحت تشكو على الله قلة زوراها ، قال صلى الله عليه وسلم :- ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم :- ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء و صلاة الفجر , ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبوا , و لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام , ثم آمر رجلاً يصلى بالناس , ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم :- ( من صلى أربعين يوما الصلوات في جماعة لا تفوته فيها تكبيرة الإحرام كتب الله له براءتين : براءة من النفاق وبراءة من النار ) رواه الترمذي .

    فهيا ننفض غيار النوم عنا ، فنتطهر ونسارع الخطى إلى المساجد نستمد الزاد منها ، ولنجتهد في أخذ المعينات لنيل هذا الشرف ، مثل النوم على وضوء ، والتبكير فى النوم مالم يكن أمر مهم ، ومحاولة اقتناء منبه أو الاستيقاظ عن طريق صديق ، ولنضع بعض التعزيزات لأنفسنا في حالة تخلفنا عن الصلاة كأن أصوم اليوم الذي لا أصلى فيه الفجر فى جماعة ، أو أحرم نفسي من شيء حبيب إلى قلبي في حالة التخلف عن الصلاة ، لكي يحيى القلب ، قال تعالى :- ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ سورة السجدة :16

    ثالثا :- إحياء سنة :- لقد أصبحنا في زمن ضاعت فيه الفرائض قبل السنن ، وأصبح المنكر معروفا ، والمعروف منكراً ، وأصبح المسلم يأتي الفرائض بشق الأنفس ، وقد نسى قوله صلى الله عليه وسلم :- ( من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا ، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا ) رواه ابن ماجه .

    إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبنا مكانه فلما لا تكن لسنته مكانه ، يقول الأستاذ مصطفى مشهور :- ( إن إتباعنا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل أمور حياتنا يجعلنا نحيا دائماً في حال من الوعي الداخلي و اليقظة الشديدة وضبط النفس ، فيصبح كل شيء نفعله أو نقوله مقدوراً بإرادتنا خاضعاً لمراقبتنا الروحية ، نحاسب أنفسنا عليه قبل أن نحاسب يوم القيامة ، فصلاة الضحى تساعد على حياة القلوب ، والذكر يساعد على حياة القلوب ، وقضاء وقتك وأنت على وضوء دائم يحيى القلوب ، وإتباع سنته في المأكل والمشرب والملبس والنوم واليقظة والتعامل مع الآخرين حياة للقلوب

    رابعاً :- التخلق بالأخلاق الحسنة :- قال الإمام الغزالي في تعريف الخلق إنه :- ( هيئة في النفس راسخة، عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر، من غير حاجة إلى فكر وروية )

    والأخلاق الحميدة تأخذ صوراً عديدة وسلوكيات متنوعة ، جاءت ببعضها نصوص قرآنية ، ووردت أخرى في السنة النبوية ، مثل :- بر الوالدين ، وصلة الرحم ، والأخوة ، والرحمة ، والبذل ، والرفق ، وغيرها ، وإذا ما تأملنا قيمة هذه الأخلاق الكريمة في ديننا الحنيف فإننا سنجد أن الرسالة المحمدية قد أعطت للخلق الحسن قيمة كبيرة ، حيث مجدت صاحب الخلق الحسن تمجيدا، وذمت ذا الخلق السيئ ذما.

    عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- ( ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء ) رواه الترمذي .

    وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :- ( حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس ) رواه أحمد .

    إن التخلق بالخلق الحسن والتجمل بكريم الآداب ومحاسن الأخلاق في التعامل مع سائر خلق الله ، يجعل العبد المؤمن ينال من الدرجة والمنزلة ما لا يناله بغيره من الأعمال والعبادات ، ويساعد على حياة القلب وصدق الله حين قال :- ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ﴾ سورة الأنعام : 122


     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()