بتـــــاريخ : 11/18/2008 5:07:09 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1424 0


    قرد الزميل!

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : فخري قعوار | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

    زميل أردني، جاء من سنغافورة، وفي جيبه قرد!‏

    نعم، قرد، لكنه كان حديث الولادة، وحجمه لا يزيد عن كمشة اليد، وكي يتفادى الأجراءات التي قد تفاجئه في هذا المطار أو ذاك، بسبب وجود كائن حي أضافي يمارس حقوقاً بالتهريب، كمغادرة بلد إلى بلد، وعدم دفع ضريبة مغادرة، وعدم أبراز وثيقة تثبت خلوه من الأمراض، إلى آخر ذلك مما كان من الممكن أن يواجهه من الصعوبات، فقد قرر الزميل المشار إليه استخدام الحبوب المنومة للقرد الرضيع. وعندما داهمه سلطان النوم، وراح في سبات عميق، دسّه في جيبه وغادر سنغافورة على الطائر الميمون متوجهاً إلى عمان!‏

    وعندما وصل إلى مطار الملكة علياء ، لم يحدث له أو لرفيقه أي مكروه، كما لم يحدث أي اشكال عند أمن المطار أو رجال الجمارك، ووصل القرد إلى البيت آمناً مطمئناً، وسالماً غانماً. وفي غضون أسبوع أو أكثر قليلاً، حدثت ألفة فريدة من نوعها بين القرد وسائر افراد الأسرة. وكانت أبنة الزميل (الذي رغب عدم ذكر اسمه) تقوم بأعمال تحفيض القرد وتولي زمام شؤون النظافة الخاصة به، إلى أن شب عن الطوق ، فصار يتمرد على الطفلة، ويرفض الأمتثال لأوامرها، مما اضطر زوجة الزميل إلى استلام المسؤولية والقيام بالواجبات الملقاة على عاتق الأسرة. وفي مرحلة لاحقة، صار يتمرد على السيدة، مستضعفاً شأنها كامرأة، وهذا جعلها تستعين بعين زوجها الحمراء، كي يرعوي ويخضع لقوانين المنزل!‏

    وكان الزميل مضطراً لفرض هيبته على القرد، لأغراض التعايش السلمي والوفاق، وتفادياً للعنطزة التي قد يقتدي بها ابناؤه، فتخرج من يده خيوط السيطرة على الأسرة! ومن أجل هذه الغاية، كان يلوح له بعصا، ويلمسه بها أحياناً، كي يشعر بجدية الموقف، وانه ليس لديه لحية ممشطة!‏

    وتم ترويض القرد، وتآلف مع العائلة، ودخل في منافسات مع الزوجة على حب زوجها، ومنافسات مع الأولاد في حب ابيهم، وصار إذا رأى الزميل الكريم جالساً إلى جوار زوجته ، يحنق، ويحشر نفسه بينهما، محاولاً إشعار الزميل بعواطفه نحوه، وأن هذه العواطف تفوق عواطف زوجته نحوه !‏

    وحاول الزميل توفير حياة فضلى للقرد، من نواحي الطعام والشراب والنوم والنزهات وشؤون الصحة وما شابه ذلك. ونجح في مسعاه ، لكن وطأة الغلاء، وارتفاع تكاليف المعيشة، جعلته يفكر جدياً في التخلص من القرد، على قاعدة عدم الاستهانة به، وعدم تعريضه للضنك وشظف العيش وقسوة المعاملة . وخطر له أن يقدمه هدية لحديقة الطيور في الشميساني، لكنه عدل عن هذا الخاطر، لما تلاقيه الطيور والحيوانات الأخرى من سوء معاملة على أكثر من صعيد.‏

    قيل له، إنه رؤوف بقرده أكثر من اللازم، وقيل له إن عواطفه الجياشة نحو القرد مبالغ بها، فنحن شعب يحتقر الحيوانات ويقوم بإيذائها لإشباع رغبات نفسية شاذة ، كما أننا غير قادرين على إعالة أطفالنا ، فكيف نحمل أنفسنا مشقة إعالة قرد؟ ونصحوه بالتخلص منه بأي ثمن ، إلا أنه أبى، وتشدد في حرصه على مستقبل هذا المخلوق الأليف!‏

    وأجرى الزميل اتصالاته مع جهات عديدة ، اسفرت في نهاية المطاف، عن قرار تاريخي ، وهو تقديم القرد هدية لحديقة الحيوانات في العاصمة البريطانية! ولدى الاستفسار منه عن سبب اختيار هذه الحديقة الأجنبية ، قال: لم أرغب في دفع القرد إلى العيش في العالم الثالث، وما كان من غنى عن السعي له للحصول على مكان لائق للحياة الكريمة، وكانت النتيجة اختيار حديقة حيوانات لندن، كي يعيش القرد في العالم الأول، بعيداً عن بهدلات العالم الثالث!‏

    الطريف في قصة قرد الزميل، ان حديقة حيوانات لندن، تقوم بإرسال شريط فيديو للزميل في عمان، من بطولة القرد، يرصد حركاته وسكناته، ويبرز العز الذي يعيش فيه!‏

    حتى الآن ، تلقى الزميل شريطي فيديو، بواقع شريط واحد لكل ستة أشهر ، وكلما رأى الدلال والنعيم الذي يعيش فيه قرده الحبيب، وكلما رأى الكورن فليكس الذي يفطر عليه القرد وهو يتمطى في الصباح ، يشعر الزميل بالرضا عن إجراءاته ،وهو يفكر الآن بالحصول على بطاقة سفر إلى لندن، للقيام بالواجب، وزيارة القرد العزيز... وربما الانضمام إليه في الإقامة هناك

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()