أمي لا تعرف القراءة ولا الكتابة، وأنا أكتب إليكم باسمها هذا السؤال: فهي عندما تذهب إلى أهل المتوفى من أقربائنا عندما تصل إليهم تصيح بأعلى صوتها، وتلطم على خديها وعلى صدرها، وفي بعض الأحيان عندما يكون الشخص قريباً عليها تتوارى بالتراب وتشق ثوبها، ونحن ننصح
لا ريب أن لطم الخدود وشق الثياب ورفع الصوت بالصياح والتمرغ بالتراب أو حثو التراب على الرأس كل هذا من المنكرات كل هذا من المحرمات عند المصائب والرسول - صلى الله عليه وسلم – نهى عن هذا كله وأبان فيهما ما يشفي ويكفي حيث قال عليه الصلاة والسلام :(ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية، وقال- عليه الصلاة والسلام- :(أنا برئ من الصالقة والحالقة والشاقة)، الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: التي تشق ثوبها، وجاء في هذا المعنى أحاديث كلها تدل على تحريم هذه الأعمال لكونها تدل على الجزع وقلة الصبر، والواجب على المؤمن عند المصائب الصبر والاحتساب وعدم إظهار ما يدل على الجزع الله يقول:واصبروا إن الله مع الصابرين، ويقول سبحانه: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، ولما احتضر ابن لبعض بنات النبي - صلى الله عليه وسلم – أرسلت إليه وطلبت منه الحضور، فقال لرسولها قل لها: (لتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله وما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى) فبعثت إليه تؤكد عليه أن يحضر، وكان رؤفاً رحيماً عليه الصلاة والسلام يراعي القريب والمسكين ويراعي أصحابه - رضي الله عنهم- ويتلطف بهم ويرحمهم، فقام عليه الصلاة والسلام وذهب إلى ابنته فقدموا إليه الطفل ونفسه تقعقع من الخروج فلما رآه وأمارات الموت ذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام بكاء، وسئل عن ذلك وقال: (إنها رحمة وإنما يرحم الله من عبادة الرحماء)، فالبكاء الذي ليس معه صوت لا بأس به دمع العين لا بأس به، هي رحمة يجعلها لله لمن يشاء من عباده فيتأثر عند وجوده عند الميت وعندما يرى نزع الميت، لكن ليس له أن يفعل ما حرم الله، من النياحة ورفع الصوت أو شق الثوب، ولطم الخد أو حلق الشعر أو قصه أو ما أشبهه مما يدل على الجزع وقلة الصبر، وهكذا الكلام السيء والدعاء بالويل والثبور كله ممنوع، وإنما الرخصة في دمع العين فقط من دون صوت من دون شق ثوب أو لطم خد أو حلق شعر أو ما أشبه ذلك، وأنتم أنتِ ومن لديكِ عليكِ أن تبلغي الوالدة وأن تنصحيها، ولعها تسمع هذا الكلام هي تستفيد منه إن شاء الله، لعلها تسمع فيحصل لها المقصود من البعد عما حرم الله، والصبر على ما قضى الله والصابرون لهم شأن عظيم، ولهم فضل كبير حتى قال الله سبحانه : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، والله يقول : واصبر وما صبرك إلى الله، وقد ندب النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى الصبر في أحاديث كثيرة ورغب فيه فقال - صلى الله عليه وسلم - :(ما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر)، والصبر يتضمن أموراً ثلاثة: صبراً على طاعة الله، وصبراً عن معاصي الله وصبراً على المصائب، لموت قريب وحصول مرض ونحو ذلك، فالمؤمن هكذا صبور صبور على الطاعات حتى يؤديها، صبور على المعاصي حتى يحذرها، صبور عند المصائب حتى لا يفعل ما حرم الله من شق ثوب ولطم خد ونحو ذلك نسأل الله الهداية. الواقع سماحة الشيخ أن الصورة التي تذكرها أختنا صورة مؤثرة فيما يبدوا لي، والأكثر تأثيراً أنهم اعتبروا هذا البرنامج مرجعاً أساسياً لسلك طريق الحق، وهي منزلة تجعلنا نتفانى في سبيل خدمة هذا البرنامج. الحمد لله هذا من نعم الله، نسأل الله أن يوفق القائمين عليه لكل خير، وأن ينفع بهم العباد والبلاد، وأن يسدد لهم الخطا، وأن يمنحهم إصابة الحق، ولا شك أنه نافع ومفيد والذين يستمعون له يشهدون بذلك، فنسأل الله أن يوفق القائمين عليه بالصبر والمصابرة وإصابة الحق. نسأل الله أن يكون خالصاً لوجهه. اللهم آمين.