في بلدة نائية، استقبل مدير المركز الثقافي وفداً نسائياً، وكعادته، عندما يزوره وفد رسمي، طاف به على أقسام المبنى، الصالة، المسرح، المكتبة، والدورات التعليمية والتثـقيفية.
وفي مكتبه، تربع على عرشه، وأمسك بيده قلماً، يشير به عندما يتكلم، وينقله من يد إلى أخرى.
رحّب بأعضاء الوفد مرة ثانية، وثالثة، وعدّد لهن نشاطاته وإنجازاته وخدماته...
وفي حديثه، يذكّر المؤّنث ويؤّنث المذكر.. يقلب الماضي حاضراً، والحاضر ماضياً، تعانده بعض الحروف وتستعصي على النطق.. تتغير معاني الكلمات فتأتي مبهمة أو مثيرة للضحك والاستغراب.
أسهب في الشرح والتفصيل، كرر ماقاله مرات عديدة فمالت إحدى النساء إلى جارتها وقد بدا عليها الضيق وهمست في أذنها باستحياء:
انتبه إليها وقال سائلاً:
- ماذا تريد الأخت؟! هل من سؤال؟!
احمّر وجهها، عضّت شفتها السفلى، وأطرقت برأسها إلى الأرض بخجل.
كرر السؤال بإلحاح، فقالت جارتها بحياء بعد تردد:
- إنها تسأل.. إن كانت لديكم... دورة.. أقصد دورة مياه؟!
انتصب فوق عرشه، نفخ صدره ورفع رأسه عزّة وشموخاً وقال مشدداً على مخارج الحروف:
- شوفي يارفيقة.. لدينا دورة محو أمية، ودورة خياطة، ودورة آلة كاتبة، وأخرى لقص الشعر والتجميل.. وأنا أعدك، بصدق، أن أفتح لكنّ دورة مياه، إذا توفر العدد المناسب