بتـــــاريخ : 11/13/2008 11:35:43 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1228 0


    الضياع

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : ابراهيم الخليل | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :
    قصة الضياع ابراهيم الخليل

     مساءً جاؤوا كعادتهم إلى مضافة الدليمي.‏

    من كل الحارات، جلسوا متقابلين، شربوا قليلاً من الشاي الأسود، وكثيراً من القهوة العربية. ودخنوا مختلف أنواع التبوغ، تحدثوا عن الموسم والمطر والأغنام، وتسويق الأقطان والحبوب، وتأريخ العشائر «والجندرما» العثمانية، حيث كان الجندي، يطالب صاحب البيت المضيف بعد الطعام بأجرة تنظيف أسنانه، وكان رجب القهوجي يزودهم بين حين وآخر بالقهوة والماء، والجمر لمن يدخن «نرجيله»‏

    وآخر الليل ارتحلوا بعباءاتهم السود كالوطاويط، لبسوا أحذيتهم بتمهل وهم يشدون بشفاههم على لفافات التبغ، خليطاً عجيباً من الرجال والباعة الجوالين، والوافدين الجدد والحمالين والأصدقاء القدامى والشرطة والأقارب.‏

    قال أحدهم:‏

    - اليوم أغلقت مضافة العوامر.والمضافة في عُرف الناس هنا، المكان الذي يسمر فيه أبناء الحي أو العشيرة في أول الليل، ويأوي إليه الأضياف قبل انتشار الفنادق منذ فترة قريبة، وإغلاق أحداها يعتبر تهديداً خطيراً لاستمرارية شكل من أشكال الحياة والعادات.‏

    وقال آخر:‏

    - بعد عشر سنوات لن تبقى مضافة واحدة في البلد، سيبيعها أو يؤجرها ذوو " البنطلونات".‏

    وقال رجب القهوجي وعيونه تبرق بفرح منتصر:‏

    - أغلق وجر آخر من أوجار الضباع.‏

    وعند الباب قال عمر الشي هامساً:‏

    - نراك غداً في اجتماع المجلس البلدي .‏

    - سأكون حاضراً.‏

    قال عباس ثم انتقل إلى داخل البيت العربي الواسع، مثقلاً بشعور من الفخر والأهمية والمجد، تاركاً المضافة خلف ظهره، تغرق في الضوء والفخامة بطرازها الهندسي الرائع الذي لامثيل له في البلد، وهذا أحد أركان فخره.‏

    - كل شيء قد تغير.‏

    قال ذلك وهو يمسح بعينيه النوافذ والجدران، والشجر الليلي، والقمر الطالع، ثم توقفت نظراته على أعتاب الغرفة الطينية المنزوية كتذكار يجرح زهوه وفخره بوحشية خنجر، إنها أمه العجوز التي سرت من كل الثريات، والسجاد، والبلاط، والأضواء، والضيوف القادمين من المدن الكبيرة، مهمين وغير مهمين، وعاملته كعباس بن شواخ الدليمي ذلك الولد الحافي، الراكض إلى حضنها، يستنشق العجين والدخان بعد كل حى وظلت في غرفتها التي شهدت عرسها، تخيط ثيابها بيديها، وتخبز خبزها أيضاً بيديها، وتكفكف دموعها بيديها، لقد باغته صوته في مأتم أبيه حينقالت بلا سبب:‏

    - أنت بلا قلب.‏

    وكانت على حق، فهو لم يفرح كما فرح يوم موت أبيه المدمن، ذاك الذي اضطر ذات يوم إلى الحجر عليه في قبو المنزل مع ما يشتهي من الطعام والعرقحتى لاي في الخمارات الرخيصة، والأسواق، والأزقة ولكن بعد أن أجبره على توقيع بكل ما يلمك لصالحه.‏

    دلف إلى غرفته، وحين أندس إلى جانب زوجته، شعر بنفسه يتحول إلى كتلة من النحاس والقصدير تستحم بالريش والقندريس البري وتمتد بين قطعان العجول والماعز والأكباش، وبيوت الفلاحين في مشاريعه العديدة والهواء مثقل برائحة الفلاحات اللواتي اغتصبها أو راودهن في غياب ازواجهن، مثقل بالدم والحسابات الصغيرة أو الكبيرة التي صفاها مع خصومه، كما فعل حين دفع القهوجي السابق تحت إغراء المال والخمر إلى قتل أحد الفلاحين لأنه وقف بينه وبين الوصول إلى زوجته الجميلة.‏

    لأنه قال له بأنفة:‏

    - عباس الدليمي، اسمع، هذه المرأة دفعت دمي للزواج منها، وهي لا تكفيني وحدي، لذا سأقطع اليد التي تمتد إليها.‏

    ثم مضى بثبات، يحمل فاسه بين شجيرات القطن ورجلاه تغرقان في الطين وقد نفرت عروقهما.‏

    أغلق رجب القهوجي باب المضافة بهدوء.‏

    -2-‏

    وصوت أقدام"شاوي" آخر الطالعين لازال صداه يختلط بالحصى المفروش في الممر، ويتردّد في اذنيه، وشاوي لقب علق بالرجل منذ اليوم الذي أنحدر فيه من قريته القريبة ورآه الأولاد يترنح من السكر بعباءته وعقاله الأسود في أزقة الحارات.‏

    أنه - بالتأكيد- الأن ينحدر من شارع«الهادي»باتجاه السوق القديم بحثاً عن خماره، أو اصطبل مهجور، أو منزل يُنبى حديثاً يأوي إليه، فالجوامع مغلقة هذه الساعة المتأخرة، فإن لم يجد، فليس أمامه سوى المقبرة أو محطة المحروقات القريبة منها، حيث يتاح له أن يراقب الأضواء البعيدة، والسيارات العابرة، ويشرب شاياً مع عمال يحتاجون له لكي يدفعوا عنهم سطوة النوم والتعب، ويسليهم بحكاياته عن الدجاجه التي لم يجرؤ على ذبحها فأطمعت فيه أهل القرية وإخوته فسلبوه كل شيء.‏

    لقد قال له عصر اليوم:‏

    - أنت صديقي، أليس كذلك يا رجب ؟‏

    - بالـتأكيد.‏

    - إذن أعطني ليرتين أشتري بطحة عرق.‏

    كانت عيناه الصغيرتان مطفأتين، وقامته النحيلة ترتجف كقصبة، وفي صوته رنة غريبة.‏

    - تكرم.‏

    قال له ثم تابع- :‏

    - شاوي يا صديقي العزيز. لماذا لاتعود إلى قريتك وتسترد أرضك ممن غصبوها، وتتزوج؟‏

    - أعود إلى القرية؟ ليتندر بي الناس في السهرات والولائم، ليدفعوني في النهاية إلى الجنون أو القتل، ثم ارضي، لقد تقاسمها إخوتي ولم يتركوا لي حتى موضع قبر يلمني غداً، رجب بالأمس كان عليّ أن أذبح دجاجة لأثبت رجولتي، أما اليوم فالدجاجة ما عادت تكفي، عليّ أن اذبح انتبه ...أ...ذ...بح ... رجلاً لآخذ مكاني بينهم ولست مستعداً لذبح عصفور. إن الدم يفقدني أعصابي.‏

    - وتبقى على هذه الحال؟ّ‏

    - وهل هناك حل آخر؟ دلني عليه.‏

    -لا أعرف ماذا علي أن أقول.‏

    -لا تقل شيئاً.‏

    - آخ يا شاوي‏

    - نعم آخ‏

    -لم لم يتمسك بشاوي لينام معه الليلة ؟! شاوي الذي يعمل ايام الصحو عاملاً مياوماً، أو بائعاً للثياب المستعملة، ويسكر في الأيام الممطرة، ودّ لو يخرج خلفه راكضاً ليعود به، ولكنه تسمر في مكانه كالقصبة.‏

    ...‏

    أغلق باب المضافة.‏

    فازداد توهج النار في الموقد، بدت الغرفة المستطيله سفينه حجرية فارغة إلا من البسط الشعبية الزاهية، والوسائد، وزهرة النار في الوجاق، حيث تصطف «دلال» القهوة المرّة بجلال عشائري خاشع ورائحة الوجوه والكلمات التي ظلت تهوّم وتعبق كزنخ الجلود، تختلط بغبار الأحذية الراحلة في كل الجهات، عبق كل شيء، ولا يدري لماذا أحس وكأنه داخل وجار ضبع أنيق، ينتظر أن يقدّم طبقاً رئيساً على مائدة هؤلاء الرجال الذين لهم رائحة الضباع، وطعم التبغ الحريف، ولون الآجر المشوي.‏

    صبّ رجب لنفسه فنجاناً، اتكأ على الوسادة ثم مدّ رجلين حافيتين شققهما البرد والتعب، وغرز لفافة من التبغ بين شفتيه وسحبها بشغف ولذة.‏

    كانت أمه تقول له حين يخرج إلى المرعى:‏

    - انتبه إلى خراف الناس جيداً‏

    وكان العجائر يحذرونه.‏

    - احذر الضباع.‏

    وكان يخشى الضباع، لأنها تبول على الإنسان، فتشلّ إرادته وتسيطر عليه وتقوده حيث تشاء - كما حدثوه- سرّ الضباع هذه، هل أعطته للسادة فقط، فسيطروا على الفقراء ؟‍ ترى الأمر كان كذلك ؟ لقد ودّ لو يعوي كذئب فتي في العراء ليخيف الخراف والضباع والسادة‏

    وحين ذهب إلى المخفر ذات مرّة. قال له الشرطي:‏

    - قف جيداً.‏

    أما المدرب في الجيش فقد صاح به.‏

    - أيها الراعي، صوب جيداً على الهدف، واحبس النفس.‏

    وقالت له سيدة المنزل.‏

    - ليديك كرائحة القهوة المرّة، ولجسدك زنخ التيس، فابعد عني ابعد.‏

    وكانت تصبغ يديها بالحناء، وتغرق قدميها في الماء الحار، فرفّ بأهدابه القليلة التي أكلها الرمد والقرمز، وحك الوشم الأزرق على صدغه، ثم ابتسم بمذلة، وهو يشعر برغبة جارفة في اغتصابها على فراش السيد، يبطحها عارية ولا يفارقها حتى يغمى عليها.‏

    وقال له عباس الدليمي:‏

    راقب قهوتك جيداً‏

    عباس الدليمي.. رنّ الاسم كرنين قطعة من النقد على البلاط، وكشر رجب عن اسنانه، ودّ لو يعوي، يغرس أنيابه وبراثنه في جلد هذا الخارج من مغاصة الطين إلى مصيدة النهب.. الدليمي؟‍‍! إنه زمن ردئ.‏

    ودوّت في أذنه كلمات أحدهم، وكان يتحدث بانفعال عن تأريخ الرجل وصعوده من أسفل القاع إلى القمة:‏

    - عباس الدليمي؟! عباس، كان جدّه حذاء للخيل، لا أحد يعرف من أين جاء؟ عبر الفرات في عز التشارين حين لم يكن هناك جسر لعبور الناس، وهو يحمل ثيابه بيد فوق رأسه، وبأخرى يفوج الماء ويسبح، خلقه الله جميلاً وقوياً فتزوج سريعاً، تعب وهو ينتقل من قرية إلى أخرى حتى أنشأ شواخ والد عباس، الذي عيّن مأموراً للطابو. فتحالف مع "حسين بك ". ضابط السوقيات التركي أيام «السفربرلك» فنهبا نصف أراضي البلد كرشاوى لتهريب المطلوبين للسوق إلى جبهات القتال في البلقان أو العراق. من هنا لجأ إلى معاقرة الخمر لينسى ضحاياه ممن ذهبوا ولم يرجعوا أبداً.‏

    ...‏

    رشف رجب قهوته.‏

    انحسرت كل الوجوه عدا وجه عباس الدليمي، ظل يحاصره كالفزاعة، تذكر قريته حين هجرها، كان حافياً، عاري الرأس، وجائعاً، نزل المدينة عصراً تجول كحيوان ضال، قالوا له:‏

    - نم في المسجد، وفي الصباح تجد مكاناً عند السرايا القديمة، يجلس عنده العمال المياومون والعاطلون بانتظار من يستخدمهم في عمل يدوي بسيط لا يحتاج إلى مهارات أو ذكاء.‏

    جلس وكان خائفاً، جائعاً، فشاركه أحدهم الشاي عند بائع على الرصيف فعرف حرارة الدفء الإنساني، وهو «شاوي» وحين حاصرته عينا عباس الدليمي، ارتجف، فزانه كدابة للذبح، أو كلب للحراسة ثم أشار له بعجرفة من اعتاد إلقاء الأوامر.‏

    - اتبعني.‏

    ومنذ ذلك اليوم نسي عادة النظر إلى الغيوم المسرعة في السماء كأقدام الله، وآخر الليل حذره شاوي من عباس، الذي دفع القهوجي السابق إلى قتل أحد فلاحيه، فدخل السجن.‏

    -3-‏

    صباحاً توجه أعضاء المجلس البلدي إلى الاجتماع، لبسوا عباءات الجوخ الثمينه، والكوفيات المعطرة بعطور ثقيله، والأحذية اللماعة، اجتمعوا أولاً في المقهى، شربوا قهوتهم ثم تحركوا مجموعة من المزراعين والسماسرة، ومحدثي النعمة من المتعهدين والتجار أبرزوا ساعاتهم المذهبة، وخواتمهم، وأعقاب مسدساتهم المرخصة ثم كرروا مطالبهم التي لا تتغير: تأجيل ديون المصارف، وصرف تعويضات حوض الفرات.‏

    وبعد القهوة والدخان خرجوا يجرون ذيولهم كالديوك باتجاه المقاهي والمضافات مرحين راضين.‏

    -4-‏

    جاؤوا من كل القرى التي فيها مشاريع لعباس الدليمي، نصفهم يغرق في الوحل والزرع طوال العام ونصفهم الآخر يغرق في ديون عباس الدليمي، أكلوا ثريداً على العشاء ولحماً، وشربوا شاياً ودخاناً أجنبياً فاخراً، ونعموا لساعات بضحكة الآغا، حدثهم عن مصاعب تسويق القطن، ورداءة الوقت، ومصاعب الصرف وشركاء الظل، وكانت عيونهم تراقب القلم بين أصابعه يجردهم من لحمهم وعرقهم وأحلامهم وفي الصباح ارتحلوا يحملون هدايا صغيرة لأطفالهم وعائلاتهم من دبس وحلاوة وديوناً جديدة للآغا ترهنهم عاماً آخر، وخوفاً لا يفارقهم من الدرك وفقدان الصحة.‏

    - 5 -‏

    سهر مع "شاوي"إلى ساعة متأخرة‏

    تحدثا عن القرى والبيادر والكلاب والدخان الذي يشعله الفلاحون لطرد البعوض والأاس التي يقيمها القادرون، وفي الصباح رحل شاوي بحثاً عن عمل أو امرأة تكلفه بيع بعض الثياب القديمة لزوجها المتوفي أو الحي، أو قد النار، وملأ "دن" الماء الفخاري، ثم سكب لنفسه فنجاناً من القهوة الحارّة.‏

    كان السيد نائماً ولما يستيقظ بعد، بالتأكيد سهر طويلاً يحصي كنزه الذي سرقه من عرق الفلاحين.‏

    -رجب .‏

    نادته السيدة، حمل دلّة القهوة وهو يطأطئ من هامته ويراقب ذراعها المثقلة بالذهب والوشم الأزرق.‏

    - صبّ قهوة.‏

    ناولها الفنجان وهو يرتجف.‏

    - ما بك؟!‏

    - لا شيء.‏

    - هات الفنجان.‏

    تناولت الفنجان، رشفته بصوت مسموع ثم ردّته، ولا يعرف كيف سقط على البلاط فتناثر إلى أجزاء صغيرة، تسمّر مكانه، وجاءته الصفعة، فاشتعل غضباً، وغير بعيد منه كان عقاله الأسود، تناوله ثم انسحب بصمت إلى زاوية من زوايا المضافة، ودّ لو يخرج إلى مشاريع السيد يشعل فيها الحرائق، ثم يجلس على مرتفع يراقب الغيوم تسرع كخطو الله في الأعالي.‏

    ...‏

    - أنا مسافر. راقب قهوتك جيداً.‏

    قال السيد وهو يتناول من يده فنجان القهوة، ويراقب الأرضية النظيفه والدِّلال النحاسية التي اشتراها قديمه ليدلل على عراقة موهومة لا وجود لها‏

    - هذه مائة ليرة لك ومثلها لشاوي.‏

    ألقى بالقطعتين ثم خرج، وبعد لحظات سمع رجب صوت العجلات تنطلق إلى المدينة الكبيرة والنساء وليالي القمار الثقيلة.‏

    -6-‏

    قال الرجل بحزن:‏

    - شاوي في المشفى.‏

    فسقط قلبه، وقال الناس.‏

    - راهن خماراً على ابتلاع شفره حلاقة مقابل ليتر من العرق.‏

    وكان المشفى كعادته غاصاً، والدم يبلل ثيابه، الدم الذي هرب منه طوال حياته.‏

    قال الممرض:‏

    - ابتعد، الزيارات ممنوعة الآن.‏

    وقال رجب:‏

    - أريد أن أظل معه.‏

    - ممنوع.‏

    مطّ الممرض الكلمة ثم دفعه خارج الممر قائلاً:‏

    - تعال غداً.‏

    ...‏

    قالت السيدة:‏

    - أين كنت؟!‏

    - في المشفى.‏

    - ماذا تفعل في المشفي.‏

    - أزور شاوي.‏

    - تزور.‏

    وبصقت، ابتلاع بصقة من أجل رغيف خبز، ابتلاع عرق، ابتلاع شفرة، خبز، عباس الدليمي، عفة الفلاحات المخدوشة، اختلطت الأمور دارات الغرفة والجدران، وركضت الأشجار، وحجارة المضافة، والدلال النحاسية الصفراء والدم يبلل ثياب شاوي.‏

    - الدم؟!‏

    كزّ على اسنانه بغيظ.‏

    ...‏

    مساء جاؤوا من كل الحارات.‏

    شربوا قليلاً من الشاي ،وكثيراً من القهوة المرة، تحدثوا عن الموسم والأغنام وتأريخ العشائر، وتسويق الأقطان، شاويي كان الوحيد الذي لم يأتِ وآخر الليل تفرقوا في كل الاتجاهات.‏

    لم يغلق رجب المضافة كالعادة، نظر إلى السماء بثبات، كان وجه شاوي يسرع في الأعالي ،جليلاً ومهيباً ونظيفاً كجرس القطن المتفتح.,‏

    وبالثبات نفسه، أغرق جنبات المضافة، البُسط الصوفية الزاهية، والوسائد، ووضع الدّلال في الوسط، ثم أشعل النار فتوهجت، سرت كالجياد في المكان، فارتاح، فارقه الخوف والرهبة وانطلق صوته الحبيس، عوى كالذئب، شرساً، أصمّ، وقاسياً، وكانت الغيوم تسرع إلى جهة مجهولة.‏

    واستيقظ الحيّ بكامله، ولم يفهم الناس سرّ الحريق للوهلة الأولى. لكنه ترك في نفوسهم مهابة وخشية

    كلمات مفتاحية  :
    قصة الضياع ابراهيم الخليل

    تعليقات الزوار ()