بتـــــاريخ : 11/13/2008 11:25:34 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1043 0


    نوفمبر 54 - نوفمبر 94

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : عبد الحميد بن هدوقة | المصدر : www.awu-dam.org

    كلمات مفتاحية  :

     

    نوفمبر 54، مسيرة في الحلم والدم.‏

    نوفمبر 94، سفر إلى المستقبل حيث الماضي يتربص!‏

    رهيباً كالجريمة،‏

    عابساً كالظلام،‏

    نوفمبر 94‏

    الكلمات تبحث عن مضامين،‏

    الحلم يبحث عن عيون تضمه،‏

    الاسلام يبحث عن إسلام،‏

    اسمه الرحمة،‏

    لا المتاجرة والمساومة والحقد الدفين.‏

    ***‏

    نوفمبر 54 - نوفمبر 94‏

    مسافة أطول من الأبد،‏

    وأصغر من حلم،‏

    أجيال ضحت في سبيل فكرة.‏

    اسمها الحرية،‏

    وذئاب انتظرت زمن الغنيمة،‏

    قوافل استشهدت،‏

    ليكون الهلال أبداً في السماء،‏

    لتكون الجزائر أبداً ثورة،‏

    وطناً للثائرين،‏

    حرية،‏

    وطناً للأحرار،‏

    حلماً،‏

    وطناً للحالمين ...‏

    وفجأة،‏

    بدل المدن،‏

    أخذنا نبني المقابر !‏

    بدل روايات البطولات والتضحيات والانتصارات ،‏

    رحنا نبحث عن العظام!‏

    بدل أن يكون الشهيد رمزاً للتضحية،‏

    معنى من معاني الكرامة المستردة،‏

    قيمة من قيّم الحرية،‏

    بناء لا تزعزعه الزلازل والزوابع،‏

    مثلاً للأجيال الصاعدة،‏

    أصبح أنصاباً جامدة.‏

    ليس لها مع الروح رابطة،‏

    ولا مع التاريخ اتصال !‏

    ***‏

    السنوات تمر،‏

    وزماننا إلى الوراء يتدحرج.‏

    نجوم الناس تبحث عن علو لا متناه،‏

    وأهلتنا أنصاب على مقابر،‏

    نسينا ماضينا القريب،‏

    فإذا الزمان يصبح لدينا كله ماضياً!‏

    نسينا أمجادنا، نسينا بطولاتنا التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.‏

    ورحنا نبحث عن بطولات وأمجاد لا أدري أين!‏

    الانسانية تبحث عن حرية زائدة،‏

    عن مسؤولية في مستوى الإنسان،‏

    ونحن نبحث عن قيود أخرى،‏

    ولو من الغيب،‏

    باسم الغيب والدين!‏

    ***‏

    نحن شهداء الجريمة،‏

    جريمة جاء بها البحر،‏

    وسنيّ الغفلة والقهر.‏

    يوليو " شهر" واسم تعرفه هذه الأرض.‏

    لم يكن احتلالاً، كان جريمة،‏

    نخرت منا العظام،‏

    بعد أن تحولت الشجاعة من الصدور إلى المصانع،‏

    بعد أن صار الدين طقوساً مضيئة على طريق الآخرة،‏

    وصارت الدنيا لا تساوي جناح بعوضة!‏

    عاشت تلك الجريمة في هذا الغباء الخصب ،‏

    وعمّرت،‏

    وكان عمرها لعنة على حياة الآباء والأجداد.‏

    لعنة على من " فر بدينه" تاركاً أرضه للنهب والسلب،‏

    لعنة على من فكر أن الأرض واسعة بلا وطن،‏

    وهي لامكان له فيها لوضع قدم!‏

    الشعوب الحرة تعرف ذلك....‏

    تعرف أن لاوجود لشعب بلا وطن،‏

    ولا لحرية بلا وطن،‏

    ولا مستقبل لأرض بلاوطن،‏

    والشعب الجزائري يعرف ذلك أكثر.,...‏

    ***‏

    وجاء نوفمبر 54‏

    ولدته المعاناة الطويلة والحرمان الطويل،‏

    ولده الجوع والعراء والبطش الرهيب،‏

    ولدته مناجل الفلاحين وفؤوس العمال،‏

    لا العمائم والخطب الطويلة والأقوال!‏

    ولده حقد البائسين،‏

    وظلم حرب كانت عالمية علينا،‏

    ولده مايو الجريمة، ومايو الصمود.‏

    وفجّره شباب مناضلون،‏

    آمنوا بالحرية قبل الايمان بالعمائم والأحزاب!‏

    أدركوا أن حرية الوطن هي وحدها الحرية،‏

    أدركوا أن وطنهم ليس أرض الله والواسعة،‏

    إنما هو الجزائر...‏

    بحدودها الجغرافية ،‏

    بتاريخها الطويل المتجذر في صخور الهقار والتاسيلي،‏

    بدماء أبطالها التي سالت في كل واد، وأثناء كل نكبة، أو فتح مبين،‏

    وكان للجهاد يومئذ معنى ونور،‏

    لم يكن قتل " كفار" ،‏

    كان قتل استعمار!‏

    لم يكن تصفية اخوان وشيوخ وأطفال أو خطف عرائس،‏

    لم يكن من أجل جنة غائبة، أو دولة كاذبة،‏

    لم يكن " جهاد" مخدرين أو منبوذين، أو تجار دنيا ودين،‏

    جهاد حطّم المجرمين والاستعمار،‏

    ومحا العار،‏

    لم يحطم قطار مسافرين، أو مقابر شهدائنا الأولين،‏

    لم يدمر مؤسسات باسم الدين،‏

    بنى المدارس حتى في الملاجئ لأبناء اللاجئين،‏

    أولئك المجاهدون الأبرار،‏

    هم حقاً أبناء الجزائر الأطهار.‏

    هم آباؤنا وأخواننا حقاً في الوطن والدين،‏

    هم أبطال الحرية والعدل، وأعداء الظلم والجور،‏

    هم سلالة أبطالنا الأكارم على مر العصور ،‏

    ببنادقهم نقشوا للجزائر اسماً من نور..‏

    جعلوا وطنهم موئلاً للثائرين وملجأ للخائفين،‏

    لم يقتلوا أبرياء أو ضيوفاً أو متعاونين،‏

    هم وحدهم المجاهدون‏

    ووحدهم أبناء نوفمبر،‏

    نوفمبر الثورة والأمجاد، لا نوفمبر الفساد!‏

    ***‏

    نوفمبر 94،‏

    نوفمبر الحزين.‏

    ماللحرية والدين؟‏

    ماللجريمة والدين؟‏

    ماللفشل والدين؟‏

    مالحرق المدارس والدين؟‏

    مالخطف العرائس والدين؟‏

    مالحرق المعامل والدين؟‏

    لماذا حرق حافلات المسافرين؟‏

    لماذا قتل المتعاونين؟‏

    لماذا جعلت الحياة جحيماً لشعب أمين ،‏

    باسم الدين!‏

    نوفمبر 94‏

    هو من بقايا بلونيس والـ o.a.s‏

    صرنا نخاف من رصاصة غادرة من جليس!‏

    ***‏

    ماذا أكتب؟‏

    عن الذين قتلوا؟‏

    عن الذين يقتلون وأنا أكتب؟‏

    أم عن الذين سيقتلون،‏

    برصاصة من خلف في الرأس؟ كالأمس،‏

    قد تكون رصاصة تتربص بي في مكان أمين،‏

    في صبيحة شقية،‏

    أو عشية ،‏

    من شاب وديع أعرفه،‏

    كلفه " بمهمة" أخ" صديق".‏

    يبتسم لي في الطريق،‏

    يعرف سري ونجواي،‏

    وسكناي!‏

    ***‏

    ماذا أكتب؟‏

    ماذا أقول؟‏

    ما الانسان؟‏

    حزمة من جنون؟‏

    الاه بلا كون؟‏

    أم حلم بلا مضمون؟‏

    ***‏

    نوفمبر 94‏

    أمهات تبكي البنين،‏

    سلطة تبحث عن يقين،‏

    الهدم والاحراق بالمئين،‏

    أحزاب في التيه من سنين،‏

    لاتدري أين ،‏

    والشعب ينتظر الخلاص،لا يدري متى وكيف وأين!‏

    ***‏

    نوفمبر 94‏

    الجثث تبحث عن قبور فلا تجد،‏

    القلوب تبحث عن سرور فلا تجد،‏

    الشعر يبحث عن أوزان وبحور فلا يجد،‏

    سوى " النظام" "الأرلوكاني " (1) الدثور، (1) Arelequin‏

    سوى الكلمات اللواتي لاكتهن الدهور،‏

    والاه يُذر في كل بخور،‏

    إلاه بلا قدسية ولا جذور،‏

    عدو للاناث صديق للذكور.‏

    رحمته لا تعرفها إلا القبور.‏

    وأصحاب الفيلاّت والفجور،‏

    ***‏

    " قسماً" ليس نشيد ثورة ووطن،‏

    كما كان يدّوي في كل أذن،‏

    كما كان بشرى بحلم،‏

    كما كان صرخة في وجه العدم،‏

    " قسماً" يامفدى زيفوه،‏

    حرفوه،‏

    قسموا به الغنائم،‏

    والكراس والعمائم،‏

    ***‏

    نوفمبر 94 ليس نوفمبر،‏

    هو شهر كأكتوبر ....‏

    واكتوبر ليس ثورة،‏

    كان يأساً من سواد،‏

    وأحقاد.‏

    لم يلد فجراً جديداً،‏

    لم يكن حلماً مديداً،‏

    خلقته المصالح،‏

    والمطامح،‏

    وأطفال قلدوا صوت الحجارة،‏

    لفظتهم مدارس، وأكواخ التجارة،‏

    ونظام حكم هوعين الدعارة،‏

    وحياة كلها أو هي المرارة‏

    ***‏

    أربع وتسعون ونوفمبر،‏

    زيّفت قيّم الكلمات أكثر،‏

    حتى" الله أكبر"‏

    صار يُذكر،‏

    عند ذبح طبيب في مخبر!‏

    أربع وتسعون ونوفمبر،‏

    " والحوار" فيه والبسمات أنور،‏

    مع كل مدمر،‏

    للجزائر،‏

    مع كل مغرّر،‏

    يبشر،‏

    شعبه بالترهات والنقمات،‏

    ويكفر‏

    كل مفكر،‏

    ويسلط عليه اللعنات.‏

    ***‏

    نوفمبر اليوم ليس نوفمبر،‏

    اصبح الله فيه إرهابياً بخنجر!‏

    هكذا شاء الدعاة،‏

    ضد شعب ذنبه : يريد التحرر،‏

    لايريد الظلام للطرقات،‏

    لا يريد اللحاف الأسود للفتيات،‏

    لايريد الماضي قيداً،‏

    لا يريد العيش عبداً، تحت كابوس الدعاة"‏

    والطغاة.‏

    ***‏

    والحكاية طويلة...‏

    ليست من ألف وليلة،‏

    هي من أمس قريب في مسجد.‏

    هو مخبأ " لمجاهد" .‏

    قال الراوي : قال " المجاهد":‏

    " إن قتلنا فلنا الأرض غنيمة،‏

    ولنا الناس خول،‏

    نحن لا نخشى الدول،‏

    نبني دولة ذات باس شديد،‏

    نحن فيها سراة و "الطاغوت" عبيد!‏

    أو قُتلنا،‏

    فلنا الجنة مأوى،‏

    فيها ماالنفس تهوى،‏

    ملذات أبدية تتجدد،‏

    حوريات ربانية بلورية تتعهد،‏

    لا تتردد...‏

    تسقي من يرنو إليها بشراب من رحيق،‏

    في كؤوس كالشموس،‏

    سكرها سكر معربد .‏

    كل مايشرب فيها مباح،‏

    لقتيل السلاح،‏

    ***‏

    قال الشاعر : بعد ماالراوي سكت:‏

    " قسماً بالأمس البعيد،‏

    لن يعود الحر عبداً من جديد،‏

    لن يُغطى وجه شمس بضباب،‏

    لن يُغم صوت شعب بعذاب،‏

    سوف نبني جمهورية،‏

    فيها للمرأة رأي،‏

    ويزول الليل والملايا الأجنبية،‏

    والقمصان والنعال والقلانس،‏

    ويعود الجمال للبرانس،‏

    ويصير الماضي عبرة،‏

    لاخطاب،‏

    ويدّوي من جديد في الجزائر:‏

    "قسماً بالنازلات" من كل ثائر،‏

    قسماً بالكلمات،‏

    قسماً بكل فتى وفتاة،‏

    لن يموت " نوفمبر "‏

    لن يموت الأوراس والصومام،‏

    رغم كل طغام "وإمام" ،‏

    وتغني الجزائر:‏

    " من جبالنا طلع" فجر جديد،‏

    " يابلادي يا بلادي، أغنيات الحلم البعيد،‏

    لن نكون فيها العبيد،‏

    " إلافي سبيل الحرية" نعيش نعيش وتحيا الجزائر،‏

    وينهض شعب يدك الحديد،‏

    وتبزغ شمس تذيب الجليد،‏

    ونصبح أخوة كما كنا أمس، من جديد،‏

    ونهتف :" نوفمبر" أنت وحدك عيد،‏

    ويضحك أطفالنا وتبتسم الفتيات،‏

    ويُرفع صوت المؤذن بالصلوات،‏

    وتُمزع عن ديننا " الأوزيات" (1) (1) Pluriel UZI‏

    وتُرفع عن أختنا اللعنات‏

    وتصبح حرة كريمة كما في نوفمبر .‏

    ونصبح أخوة في المصير،‏

    ونبني جزائر حرة تسير،‏

    تحقق حلم رواد "نوفمبر

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()