أنا فتاة أبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً، متزوجة من رجل طيب مطيع لأوامر الله، أنجبت منه طفلين، أعيش معه في سعادةٍ ولله الحمد، وقبل زواجي كنت نعم الفتاة المطيعة لأوامر الله تعالى، إلا أن حالي هذه تغيرت منذُ حوالي ثمان سنوات، فقد أصحبت نفسي تأمرني بالسوء، وتجعلني أرتكب ذنوباً تخرج من الملة، وأصبحت أعيش وأعاني من ضيق في صدري، وقلق وحيرة واضطراب، إلا أنني أعود فأستغفر الله -عز وجل-، وأتقرب إليه بشتى القربات، فتأتيني أيام أحس فيها بالأمن والراحة، لكن سرعان ما تذهب تلك الأيام فأعود للذنوب مرةً أخرى، وكأنني لا أستغني عنها، ثم يصيبني ضيق وقلق وأبكي وأصبح حزينة بائسة، وأخفي ذلك عن أهلي وزوجي، والآن يا فضيلة الشيخ أنا أخشى من أن أكون من أهل النفاق؛ لأنني أخفي ذنوبي ولا أظهرها، وأفكر في الموت وما سيؤول إليه مصيري، وأخشى عقاب الله -عز وجل-، وأحياناً أقول: هل أنا ممن كتبهم الله من الأشقياء في الدنيا والآخرة؟! هل سيغفر الله لي ويدخلني الجنة؟! والآن أقول: لماذا أنا أحافظ على الفرائض وأرتكب المحرمات، أنا في حيرة من أمري، وأفكر في الانتحار حتى أستريح مما أنا فيه، إلا أنني أعود فأتراجع عن تلك الفكرة خوفاً من عقاب الله -عز وجل-، أنا حائرة، بماذا تنصحونني يا فضيلة الشيخ؟ أرجو أن تدعو لي بالهداية التي لا ضلال بعدها، وأن يشرح الله صدري، أفيدوني أفادكم الله.
نسأل الله لك الهداية والثبات على الحق والتوبة النصوح التي بها السعادة والنجاة ما دمت تتوبين إلى الله توبة صادقة، فالتوبة يمحو الله ما قبلها من الذنوب، كما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (التوبة تجب ما قبلها) وقال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فما دمت بحمد الله بعدما يعن لك تلك الأفكار الرديئة تتوبين إلى الله وترجعين إليه فالحمد لله، التوبة يمحو الله بها ما مضى من السيئات والذنوب والمعاصي حتى الكفر، يقول الله سبحانه: قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ[الأنفال: 38] فمن تاب تاب الله عليه وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، ونصيحتي لك أن تستقيمي على التوبة، تسألي الله -جل وعلا- أن يثبتك على ذلك، وأن يعينك على ذلك في صلاتك في السجود في آخر التحيات في آخر الليل في غير ذلك، تضرعي إلى الله -جل وعلا- بصدق أن الله يمن عليك بالتوبة وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يعينك على الثبات على الحق حتى تستقيمي عليه، وحتى تثبتي عليه إلى الموت. أما الانتحار فهذا منكر عظيم، وكبيرة عظيمة، لا يجوز أبداً للمؤمن أن ينتحر، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه حذر من ذلك، وأخبر أن من قتل نفسه فإلى النار نسأل الله العافية، والله يقول: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا[النساء: 29] فعلى المؤمن أن يحذر هذه الفكرة السيئة، وهذا العمل السيئ، الذي حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام وأخبر أن صاحبه في النار، نعوذ بالله، فالواجب عليك الحذر من هذه الفكرة، وأن تستقيمي على التوبة، وأن تحذري المعاصي والسيئات ومن تاب تاب الله عليه والماضي مضى ومحته التوبة والحمد لله، فاستقيمي واصبري واثبتي، والله -جل وعلا- يعينك على ذلك ويثبتك عليه. المذيع/ بارك الله فيكم، أيضاً سماحة الشيخ قد تكون هناك أسباب تعيدها إلى المعصية مرة أخرى إما جليس فاسد أو الوحدة أحياناً يخلو بها الشيطان ألا تنصح بأن تجتنب الأسباب التي تعيدها إلى المعاصي؟ ج/ كذلك إذا كان هناك يا أختنا في الله إن كان هناك أسباب تجرك إلى المعاصي فاحذريها، مثل جليس سيئ أخ سيئ عم سيئ أو أخت سيئة أو جارة سيئة أو ما أشبه ذلك اجتنبي أصحاب السوء وجلساء السوء، واحذري، وهكذا إذا كان أسباب سماع الإذاعات سماع الأغاني التلفاز إلى غير هذا اجتنبي الشيء الذي تعتقدين أو تظنين أنه السبب، احذري الأسباب، ومن اتق الله أعانه الله، الله يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً[الطلاق: 2]،وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[الطلاق: 4]. أثابكم الله.