كلمة "ذو القرنين" صفة وليست اسما، فذو في اللغة العربية بمعنى صاحب، وقد اختلفت اجتهادات المفسرين في سبب وصف هذا الشخص بهذه الصفة، فقيل: وُصِفَ هذا الشخص بهذه الصفة؛ لأنه طاف قرني الدنيا شرقها وغربها، وقيل: لأنه كان لتاجه قرنان، وقيل: لأنه كان له قرنان أي ضفيرتان، وقيل: لُقِّبَ بهذا لشجاعته، وهناك فرق بين كلام القرآن وكلام المفسرين.
والقرآن الكريم لم يذكر لنا أن ذا القرنين هو الإسكندر الأكبر المقدوني، وإنما ذكر عنه أنه مَلِكٌ صالح، مكَّنه الله في الأرض، وآتاه من كل شيء سببًا، ومع هذا لم يُطْغِه الْمُلْك، فقد بلغ المغرب، وبلغ المشرق، فتح الفتوح، ودان له الناس، ودانت له البلاد والعباد، ومع هذا لم ينحرف عن العدل، بل ظلَّ مقيمًا لحدود الله، فيجب علينا الوقوف عند ما ذكره القرآن.
والغرض الأساس من ذِكْر القرآن لقصَّة ذي القرنين هو أخذ العبرة، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} [يوسف: 111].
بل إن المفسرين الذين ذكروا أن ذا القرنين هو الإسكندر الأكبر قد شكَّكوا في صِحَّة هذا الرأي؛ لأن الثابت تاريخيًّا أن الإسكندر المقدوني كان ملكًا وثنيًّا، وذو القرنين كان رجلا صالحا وقد اخْتُلِف في نبوته.
|