إنه فهم من قوله تعالى : ( إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ) (1) أن ( طوى ) اسم للوادى المقدس . وفهمه خاطئ . وذلك لأن الله لما عبر عن السموات بأنها ( مطويات بيمينه ) (2) يعنى بذلك : أن لا إله غيره يملك من أمر السموات من شىء . عبر عن الأرض بأنها فى ملكه وليس لإله آخر فيها من شىء . فالطى فى السماء كناية عن القدرة والطى فى الأرض كناية عن القدرة . والكناية مناسبة للواد المقدس ؛ والمقصود الأرض كلها لئلا يُظن أن التقديس لغيره . وكرر الله المعنى فى السموات فقال : ( يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب ) (3) . وشبهه أن تكون الأرض ( طوى ) أى فى قبضته .
وفى الرسالة إلى العبرانيين : " وأنت يا رب فى البدء أسست الأرض ، والسموات هى عمل يديك . هى تبيد ولكن أنت تبقى وكلها كثوب تبلى ، وكرداء تطويها؛ فتتغير، ولكن أنت أنت ، وسنوك لن تفنى " [عب 1: 20ـ22] فقد عبر عن طيها بطى الرداء .
فيكون المعنى ( إنك بالوادى المقدس ) الذى سيصير ( طوى ) بمعنى مطوى كما أن السماء ستكون مطوية بقدرته.
وهنا هو لا يعترض على القرآن بل على التفاسير ، وهو جانب آخر من إعجاز القرآن يزيد فى إثباته وذلك أن كلام البشر من العلماء والمفسرين قد يختلف ويؤخذ منه ويُرد ؛ ولكن كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، شىء عجيب حقاً ذلك القرآن الذى يقف أمام هؤلاء جميعاً بكل ذلك الفهم الخاطئ والتصيد المستمر وإذ به يتعالى عليهم ويبقى فى عليائه معجزاً للبشر إلى يوم الدين .
الهوامش:
----------------------
(1) طـه: 12.
(2) الزمر: 67.
(3) الأنبياء: 104.
|