هنا كلمتان : (1) ( يغاث ) (2) ( يعصرون ) . وكلمة الغوث على الحقيقة تدل على نزول ماء من السماء . وكلمة العصر على الحقيقة تدل على عصير العنب . لأن الشائع بين الناس فى العصر هو العنب . والنقد موجه على المعنى الحقيقى فى نزول المطر ، ولم يوجه النقد لعصير العنب . وكلمة الغيث جاءت على الحقيقة مثل : " فامتنع الغيث ولم يكن مطر " [ إرمياء 3: 3 ] ، وجاءت على المجاز مثل : " لأعرف أن أغيث المعيى " [ إشعياء 50: 4 ] . أما على المجاز فالشبهة منتفية . وأما على الحقيقة فهذا هو غرض المعترض وهو مغرض فى ذلك .
وذلك لأن الأمر كله خارج على المألوف.وبيان خروجه على المألوف : أن المدة خمس عشرة سنة . سبع شداد يأكلن سبعًا سمانًا أو : سبع سمان يأكلهن سبع عجاف . والسنة الأخيرة يأتى فيها الخير قليلاً . والمناسب لقلة الخير ؛ نزول المطر . وقلة المياه تكفى لرى العنب والفواكه فى أماكن زراعته ، وتكفى لإنبات قمح يكون بذره بذرا للسنوات الآتية التى سيكثر فيها ماء النيل . وهذا أمر غير مستبعد فى العقل . فكيف يكون شبهة ؟
أما عن العصر . فإنه يكون على الحقيقة مثل : " فأخذت العنب وعصرته فى كأس فرعون ، وأعطيت الكأس فى يد فرعون " [ تكوين 40 : 11] ، ويكون على المجاز مثل : " فألقاه إلى معصرة غضب " [ رؤية14: 19 ] .
وإذا ثبت وجود العصر ، وليس لماء النيل وجود . فكيف حيى النبات وعاش ؟ وفى السنوات السبع العجاف كانت سنابل القمح تخرج من الأرض خروجاً هزيلاً . فكيف خرجت وهى هزيلة والنيل لا يروى الأراضى ؟
لابد من القول بوجود مصدر للمياه غير النيل . إما آبار عيون ، وإما مطر . ففى حلم فرعون : " وهو ذا سبع سنابل طالعة فى ساق واحد سمينة وحسنة . ثم هو ذا سبع سنابل رقيقة وملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها " [ تكوين 41 : 5-6 ] ، وكرر الكلام وقال فيه : " نابتة وراءها "[ تك 41 : 23 ] كيف تكون نابتة وليس لماء النيل من سواقى ؟
الهوامش:
--------------------
(1) يوسف : 49 .
|