حكم تتبع آثار الأنبياء ليصلى فيها أو ليبنى عليها مساجد
الأماكن التي صلى بها الرسول عليه الصلاة والسلام هل من الأفضل بناء مساجد عليها، أم بقاؤها كما هي أو عمل حدائق عامة بها؟
لا يجوز للمسلم تتبع آثار الأنبياء ليصلي فيها أو ليبني عليها مساجد؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينهى الناس عن ذلك ويقول: (إنما هلك من كان قبلكم بتتبعهم آثار أنبيائهم)، وقطع رضي الله عنه الشجرة التي في الحديبية التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها؛ لما رأى بعض الناس يذهبون إليها ويصلون تحتها؛ حسماً لوسائل الشرك، وتحذيراً للأمة من البدع، وكان رضي الله عنه حكيماً في أعماله وسيرته، حريصاً على سد ذرائع الشرك وحسم أسبابه، فجزاه الله عن أمة محمد خيراً، ولهذا لم يبن الصحابة رضي الله عنهم على آثاره صلى الله عليه وسلم في طريق مكة وتبوك وغيرهما مساجد؛ لعلمهم بأن ذلك يخالف شريعته، ويسبب الوقوع في الشرك الأكبر، ولأنه من البدع التي حذر الرسول منها عليه الصلاة والسلام، بقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[1] متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[2] رواه مسلم في صحيحه، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبة الجمعة: ((أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))[3] خرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[1] رواه البخاري في (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718.
[2] رواه البخاري معلقاً في النجش ، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718.
[3] رواه مسلم في (الجمعة) باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867.