هناك عدة أمور يجب أن نراعيها في تربية أبنائنا إذا ما أردنا أن يكون إيجابيين في مواجهة أمور حياتهم، ومن هذه الأشياء:
استخدم التعليق الايجابي:
إذا ما قام طفلك بسلوك حسن فاذكر له أن سلوكه هذا حسن؛ فانك بذلك تمنحه تعليقًا إيجابيا، وهذا التعليق يُعد مكافأة على حسن السلوك. ونعنى بالتعليق الإيجابي استخدام الكلمات، أو الكلمات والجوائز، لتشجيع الطفل على تكرار هذا السلوك الطيب، وتبنى المواقف الإيجابية، واتخاذ القرارات السديدة، وهذا يعد من أقوى الأدوات التي يمكن استخدامها في تحسين سوء السلوك واحترام الذات، فهذه التعليقات الإيجابية تؤدى إلى إدراك طفلك أنه على صواب.
وهناك طريقتان لاستخدام التعليق الايجابي، وهما:
- تركز على السلوكيات و المواقف الإيجابية.
- تعمل على محو أو إضعاف السلوكيات السيئة، و يطلق على هذه الطريقة اسم الإبدالية.
و يسهل علينا استخدام التعليق الايجابي لتنمية السلوك الطيب ، فكل ما عليك فعله هو البحث عنه ، و عندما تجده قوه عند طريق التشجيع أو العناق أو حتى منح الجوائز . و هذه الطريقة بسيطة في استخدامها، و يعتبر الجزء الصعب فيها هو تذكر البحث عن السلوك الطيب، فغالبا ما نرى سوء السلوك في أطفالنا و نغفل عن السلوكيات الحسنة التي ينتهجوها. حاول أن تتفاعل معهم و نم هذا السلوك بإخبارهم بأنك فخور بهم ، ركز على الجوانب الإيجابية في سلوك أطفالك، و إنها لطريقة تحتاج إلى الممارسة، حتى لو كان التغير الوحيد هو إكثارك من استخدام التعليقات الإيجابية ، فسوف يأخذون في تحسين سلوكهم.
علِّمه السلوكيات البديلة:
يمكنك أن تستخدم التعليق الإيجابي في محو أو إضعاف كثير من أشكال إساءة السلوك، وتعتبر الطريقة الإبدالية طريقة طويلة الأجل وتستغرق كثيرًا من الوقت، إلا أنها إيجابية.
والطريقة المثلى لاستخدام هذا الأسلوب تتمثل في اتباع الآتي:
- حدد نمط السلوك التي تريد مواجهته، فمن أنماط السلوك الشائعة بين الأطفال في السن المبكرة عدم الإصغاء والتشاجر والنحيب، وعدم المشاركة والصراخ ونوبات الغضب.
- بعد ذلك حدد السلوك المقابل، فما السلوك الحسن الذي تود رؤيته في طفلك؟ وهذا السلوك النقيض للسلوك الأصلي هو ما ستقع عليه عملية التبديل.
- بعد ذلك ابحث عن هذا السلوك البديل في سلوك ابنك وعندما ينتهجه امنح طفلك قدرًا كبيرًا من التعليق الإيجابي.
و تعتبر الإبدالية أكثر الطرق الفعالة والمؤثرة المتاحة للمربي لكي يمحو سوء السلوك، ويغرس السلوكيات الإيجابية في نفس الطفل، ومعظم المدرسين يستخدمون هذه الطريقة وذلك لأنهم يعرفون أن التعليق الإيجابي ينمى السلوكيات الطيبة، ويقلل من الأخرى السيئة المناقضة لها.
كافئ ابنك بالجوائز:
يمكن أن تتضمن التعليقات الإيجابية الجوائز الملموسة؛ فقد يستخدم بعض الآباء الملصقات والتذكارات أو حتى المال. ولكن يجب الحذر في استخدام هذه الجوائز، فإذا لم تأت بالهدف منها فلسوف يكون لها مردود سلبي على طفلك، و إذا ما بالغت في منحها، فسيهتم الطفل باقتناء الأشياء وينسى أن المكافأة في الأصل نتيجة لاتخاذه الخيارات الجيدة، ولسلوكه الطيب.
إن أقوى أشكال التعليقات الإيجابية هو التشجيع الشفهي، أي استخدام الكلمات التي تقدِّر لطفلك انتهاجه السلوك الحسن. دعه يدرك أنه قد تبنى الخيارات المثلى حينما ينصت أو يشارك، أو يتحلى بالعادات الحميدة والطاعة والتعاون، ومن المهم أيضًا أن يتعلم من خلال التشجيع الشفهي كيف يقيِّم نفسه، فمن المقبول أن يحسن الأطفال الصغار السلوك ويعملوا بجد حتى يقدِّرهم من حولهم، ولكن من الأفضل أن يحسنوا سلوكهم ويعملوا بجد لأنفسهم لا لغيرهم.
ماذا لو أساء بعد المكافأة؟
يتساءل كثير من الآباء عن سبب إساءة الأطفال لسلوكهم بعد مكافأتهم مباشرة، و هذا يحدث نتيجة لتوهم الأطفال خطأ أنهم بعد المكافأة أحرار في فعل ما يريدون، ولكي نعالج هذا السلوك فأول وأهم شيء يتعين فعله هو التشجيع، حتى نخلق التحفيز بداخل الطفل، فهو يحسن السلوك للحصول على أي شيء، وبمجرد الحصول عليه يفقد الحافز الداخلي للاستمرار على نهجه، والحقيقة أنه إذا استطاع تحسين سلوكه لنيل المكافأة فبوسعه كذلك انتهاج نفس السلوك بعد الحصول عليها، لذا من المهم أن يعلم أن إساءته للسلوك بعد الحصول على المكافأة تشعرك بالغضب والحزن، وتخبره بأنك سوف تكف عن هذه المكافآت إذا واصل هذا، ولا تتردد في القيام بذلك، لأنه سوف يشعره بجديتك، وبأنه يحتاج للعودة إلى اتخاذ الخيارات السليمة.
متى نعاقب أطفالنا؟
يحتاج الأطفال إلى معرفة القواعد والقيود حتى يتعلموا التحكم في النفس، ولا يفعلوا كل ما يريدون، وهناك مواقف تستدعي العقاب والتبعات السلبية، لكي يتعلموا التحكم في النفس، وتعتبر طريقة معاقبتهم من الأمور المقلقة لمعظم الآباء؛ فالعقاب نتيجة سلبية، وثمة سببان لاستخدامه:
- الأول: حتى تعلِّم طفلك إطاعة القواعد والأمور.
- الثاني: أن تعلمه كيف يستفيد من أخطائه ويتخذ القرارات السليمة.
والأطفال قد يفعلون أشياء تثير غضبك وقلقك ، ويجب معالجة هذا عن طريق إعادة التوجيه، وتذكر أيضًا أن كثيرًا من هذه السلوكيات السيئة عندهم ترجع إلى حب الاستطلاع الفطري وهو ما لا يصح معاقبتهم عليه.
أما عندما نطبق العقاب بأسلوب مناسب فيمكن أن يقلل السلوكيات المتعمدة من جانب الطفل، وهذا ليس سهلا بالمرة، و يتطلب متابعة مستمرة، غير أن المبالغة في العقاب مضرة، لأنه يخلق بداخلهم مشاعر سيئة وطاقة سلبية متفجرة، ويرى كثير من الآباء أن المعاقبة على سوء السلوك تعمل على عدم تكراره مرة أخرى وقد يكون هذا صحيحًا في بعض الأحيان.
لا تستخدم العقوبات الرادعة إلا نادرًا:
بالنسبة للآباء و الأمهات لابد وأن يتعلموا القاعدة الذهبية التي تقول : " إن العقاب الرادع نادرًا ما يستخدم، لأننا قلما نحتاج إليه"؛ فالهدف الرئيسي من المعاقبة هو تقليل استعمالها، إذ لو عاقبت طفلك عن سلوك خمس أو ست مرات فهذا يعنى أنه لا يأتي بأي نتيجة . نفس الشيء إذا ما داومت على العقاب و استمر سوء السلوك. إذ ما يهمنا علاج سوء السلوك لا المعاقبة، فإذا لم تغير المعاقبة سوء السلوك حاول أن تجرب شيئًا آخر، فلعلك ترى أن الصياح و التهديد و التوبيخ عقوبات رادعة، وقد تساعدك على تنفيس غضبك ، ولكنها في كثير من الأحيان غير رادعة لأن تأثيرها على سوء السلوك ضعيف على المدى البعيد؛ فالغضب و العقاب لا يجتمعان معًا.
عندما تعاقب طفلك و أنت غاضب فإنك تقوم بشيئين في آن واحد وهما انك تعاقب وتتفاعل مع الغضب؛ فالغضب يفسد العقاب، فقد يرضى بعض الأطفال بالتوبيخ العنيف في سبيل حصولهم على السيطرة التي يفرضونها على آبائهم عند إغضابهم، والسبيل الوحيد لخروجك من هذه الدائرة هو تجنب المعاقبة عند الغضب، فإذا شعرت بالغضب عليك مغادرة المكان في الحال؛ عليك أن تخرج من حالة الغضب التي تتملكك أولا ، ثم بعد ذلك يمكنك مواجهة هذا التذمر، فلا تجعل طفلك يكشف ما بداخلك.
ويعوق الغضب قدرتنا على أن نكون معلمين بارعين، و من ثم يتداخل في عملية صنع القرار لدينا، حيث يصعب السيطرة على غضبنا لذا يعتبر من المشاكل المعتادة التي تواجه الآباء و الأمهات و يمثل اكبر حجر عثرة في علاقتهم بأطفالهم .
أمور يجب أن نراعيها عندما نعاقب:
- يجب ألا يسبب العقاب الإحراج، أو الشعور بالإهانة للأطفال الصغار، لأن الإحراج سيخلق بداخل الطفل مشاعر النقص مثل الذنب و الخجل و ربما يخاف طفلك لو أنه فعل شيئًا ما يتسبب في انقطاع حبك له، و قد ينتج عن هذا شعور بأنك ظالم وأناني ، وعند حدوث هذا لن يستطع اتخاذ القرارات الجيدة أو التعاون معك و من ثم تدخلان في دائرة سلبية مفرغة.
- لا تعاقب طفلك في وجود أطفال آخرين، خذه بعيدًا وأخبره بما فعل واطلب منه الكف عنه، أو اذكر له أنك سوف تتحدث معه لاحقًا عندما تكونان بمعزل معًا.
- إن العقوبات البسيطة و القصيرة أشد تأثيرًا من العقوبات القاسية. اجعل العقاب على قدر الجرم، وإنك إذ تستخدم العقوبة الغليظة فانك تعلمه إطاعة الأوامر والطلبات خوفًا من العقاب ومن ثم لن يتعلم من الخطأ، حيث إنه يطيعك فقط خوفًا مما يترتب على العصيان. وبعض الآباء يستحسنون هذا ويرونه مقبولا، إلا أن الأمر غير ذلك ، فعندما لا يوجد تهديد بالمعاقبة، فلن يكون لدى طفلك أي دافع لإطاعة الأوامر، فهو يحرص على الطاعة مادام خائفا، وبمجرد أن يكبر سيقل بداخله الشعور بالخوف تجاهك، ومن ثم تزداد إساءة سلوكه رويدًا رويدًا. وغالبًا ما تخلق العقوبات الغليظة مشاعر الغضب والانتقام وحينما يشعر طفلك بالغضب، لا يتعلم شيئًا، وإذا رأى أنك ظالم، فقد ينتقم منك و قد يؤدى هذا إلى دائرة سلبية مفرغة؛ فأنت تعاقب، وهو ينتقم بتكرار إساءة السلوك، ثم تكرر العقاب، وبشيء من القسوة، فسوف يتملك طفلك الغضب، ومن ثم ينتقم ثانية بإساءة السلوك.
- أما عندما تستخدم العقوبات البسيطة مع توضيح سببها سيكون طفلك أكثر تفهمًا واعتزازا بما تحاول تعليمه له، و هذه ليست الطريقة المثلى فحسب، ولكنها أيضا تخلق علاقة إيجابية فعالة بين الأب والطفل، تزداد قوة وارتباطًا بمرور الزمن.