|
انتقال الحاضنة بالمحضون
الناقل :
heba
| العمر :43
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد اللطيف عبد الغني حمزة
| المصدر :
www.dar-alifta.org
بالطلب المقدم من الأستاذ / م. المتضمن أن موكله السيد / م. قد أنجب من مطلقته السيدة / م. ثلاث بنات. الأولى من مواليد 10/5/1964 والثانية من مواليد 2/1/1968 والثالثة من مواليد 9/5/1972. وأن مطلقته هذه قد حصلت على هجرة للولايات المتحدة الأمريكية وسافرت فعلا إلى هناك وتنوى العودة لاستصحاب بناتها الحاضنة لهن معها إلى أمريكا. والإقامة بهن هناك الأمر الذى يترتب عليه حرمان والدهن من رؤيتهن ورعايتهن الرعاية اللازمة. وطلب بيان حكم الشرع فى ذلك. |
|
|
الـجـــواب
فضيلة الشيخ عبد اللطيف عبد الغني حمزة |
|
الحضانة شرعا هى التزام الطفل لتربيته ورعايته والقيام بحفظه واصلاحه فى سن معينة ومن له الحق فى حضانته. والأصل فى الحضانة أن تكون للنساء لأن المرأة أقدر وأصبر على تربية الطفل وأعرف بما يلزمه وأعظم شفقة عليه. وأولى النساء بحضانة الطفل أمه النسبية سواء أكانت زوجتيها لأبيه قائمة أم لا. متى توافرت الشروط اللازمة لحضانته وتنتهى هذه الحضانة بالنظر إلى الغلام ببلوغه حدا يستقل فيه بخدمة نفسه بعض الاستقلاق. وذلك بأن يأكل وحده ويلبس وحده وينظف نفسه وحده - وقدر الحصاف - من فقهاء الحنفية - ذلك بسبع سنين وقدره بعضهم بتسع سنين. أما بالنسبة إلى البنت فتنتهى ببلوغها سن المراهقة وقدر ذلك بتسع سنين وقيل احدى عشرة سنة. وقد راعى قانون المحاكم الشرعية رقم 25 لسنة 1929 كلا التقديرين فجعل السبع حدا أدنى والتسع حدا أعلى بالنسبة للغلام كما جعل التسع حدا أدنى والاحد عشرة حدا أعلى بالنسبة للبنت وللقاضى أن يحكم فى ذلك بما يراه مصلحة للصغير أو الصغيرة. ثم استبدل هذا بالقانون رقم 44 لسنة 1979. فقد جاء فى المذكرة الايضاحية لهذا القانون أن العمل كان جاريا على انتهاء حق النساء فى الحضانة للصغير إذا بلغ سن السابعة ويجوز للقاضى أن يأذن ببقائه فى يد الحاضنة إذا رأى مصلحته فى ذلك إلى التاسعة. وان تنتهى حضانة الصغيرة ببلوغها التاسعة إلا إذا رأى القاضى مصلحتها فى البقاء فى يد الحاضنة فله ابقاؤها حتى الحادية عشر وأنه بتتبع المنازعات الدائرة فى شأن الصغار تبين أن المصلحة تقتضى العمل على استقرارهم حتى يتوفر لهم الأمان الأطمئنان. ومن أجل هذا ارتأى المشروع أنها حضانة النساء للصغير ببلوغه سن العاشرة وحضانتهن للصغير ببلوغها سن الثانية عشرة ثم أجاز للقاضى بعد هذه السن ابقاء الصغير فى يد الحاضنة حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج أخذا بمذهب الامام مالك فى هذا الموضوع وإن وجود الولد ذكرا كان أو أنثى فى يد الحاضنة سواء قبل بلوغهما سن العاشرة أو الثانية عشرة أو بعدها لا يغل يد والدهما عنهما ولا يحد من ولايته الشرعية عليهما فان عليه مراعاة أحوالهما وتدبير أمورهما وولايته عليهما كاملة وانما يد الحاضنة للحفظ والتربية. ثم نص المشروع على حق كل من الأبوين فى رؤية الصغير أو الصغيرة وإن ذلك من باب صلة الأرحام التى أمر الله سبحانه وتعالى بها فى قوله تعالى { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله } الأنفال 75 ، هذا وقد نص الفقهاء على ان الحاضنة إذا كانت أما للطفل وكانت زوجيتها لأبيه قائمة فمكان الحضانة هو البلد الذى تقيم فيه مع زوجها. وإذا فليس لها السفر بالولد إلى أى بلد ولو كان قريبا. فان للزوج بحكم الزوجية منعها من الخروج من المنزل إذا لم يكن معها ولد فأولى ان يمنعها من السفر بالولد إلى بلد آخر وكذلك ليس لها السفر بالولد إذا كانت فى العدة من طلاق رجعى أو بائن. فأما إذا كانت عدتها قد انقضت وأرادت ان تتحول بالولد إلى بلد أهلها وكان أبوه قد تزوجها فيه فلها أن تنتقل بالولد إليه. وسواء أكان البلد المنقول إليه قريبا أو بعيدا. وسواء أكان البلدان المنقول منه والمنقول إليه مصرين أو قريتين أم أحدهما مصر والآخر قرية. ففهى هذه الأحوال يجوزلها الانتقال بالولد متى توافر الأمران المشار اليهما آنفا أن يكون البلد موطن أهلها وأن يكون الزواج قد تم فيه فاذا تخلف الأمران جميعا أو تخلف أحدهما فليس لها أن تنتقل بالولد إليه إذا كان بعيدا عن البلد الذى يقيم فيه ابوه بعدا لا يستطيع أن يسافر إليه ليراه ثم يعود إلى مقره قبل الليل. وكذلك لا تملك الانتقال به من مصر إلى قرية ولو كانت قريبة مخافة أن ينشأ الولد على ما عليه أهل القرى من جهل وجفوة أما إذا أرادت الانتقال من مصر إلى مصر أو من قرية إلى مصر وكان البلدان متقاربين فى هذه الحالات الثلاث فانه يجوز لها ذلك ( ابن عابدين ج 2 ص 993 وما بعدها وفتح القدير ج 3 ص 319 وما بعدها ). وفى الجزء السادس من كتاب المبسوط للسرخس ص 169 وما بعدها ما نصه ( وإذا أرادت المرأة أن تخرج بولدها من مصر إلى مصر فان كان النكاح بينهما قائما فليس لها أن تخرج إلا باذنه مع الولد وبغير الولد. فان وقعت الفرقة بينهما وانقضت عدتها فان كان أصل النكاح فى المصر الذى هى فيه فليس لها أن تخرج بولدها إلى مصر آخر لما فيه من الاضرار بالزوج بقطع ولده عنه إلا أن يكون بين المصرين قرب حيث لو خرج الزوج لمطالعة الولد أمكنه الرجوع إلى منزلة قبل الليل فحينئذ يكون هذا بمنزلة محال مختلفة فى مصر ولها أن تتحول من محلة إلى محلة. أن كان تزوجها فى ذلك المصر الذى تريد الرجع إليه ونقلها إلى هذا المصر. فان كانت من أهل هذا المصر فلها ان تخرج بولدها إليه وإن لم تكن من أهل ذلك المصر الذى تزوجها فيه فإن أرادت أن تخرج بولدها إلى مصرها لم يكن لها ذلك لأن أصل العقد ما كان فى مصرها واختيارها الغربة لم يكن بسبب النكاح فلا يكون لها أن ترجع بولدها إلى مصرها. ولكن يقال لها اتركى الولد واذهبى حيث شئت. وكذلك إذا أرادت الخروج إلى مصر آخر لأنها فى ذلك المصر غريبة كما هنا فلا تقصد بالخروج إليه دفع وحشة الغربة انما تقصد قطع الولد عن أبيه الخ ) انتهى. فقوله فى هذا النص يقال لها ( اتركى الولد واذهبى حيث شئت ) صريح فى عدم جيرها على المقام بمكان الحضانة مادامت مطلقة وانقضت عدتها منه وصريح أيضا فى منعها من استصحاب الولد معها. ومفاد ذلك سقوط حقها فى الحضانة بالانتقال إلى هذه المواضع. هذا وظاهر عبارات الفقهاء أن بين مصر وأمريكا تفاوتا عظيما. لأن الظاهر أن الفقهاء يريدون أن يتمكن الوالد من مطالعة ولده ويرعاه دائما الرعاية اللازمة لا يحول بينه وبين ذلك حائل من سفر طويل أو نفقات باهظة. فهذا ضرر منهى عنه بعموم قوله تعالى { لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده } البقرة 233 ، وفى الجزء الثانى من ابن عابدين ص 994 ( متى كان الولد عند أحد الابوين لا يمنع الآخر عن النظر إليه وعن تعهده ولا يخفى أن السفر أعظم مانع ) انتهى. وبناء على ما تقدم فقها وقانونا فانه ليس للحاضنة فى واقعة السؤال الانتقال بالصغار إلى أمريكا لما يترتب عليه من حرمان الأب رؤيتهن وتعهدهن خاصة وهن فى هذه السن. وللأب الحق فى منعها من استصحابهن ونزعهن من يدها إذا ما انتقلت بهن إلى تلك البلد حتى تعود. إلا إذا كان وطنها وعقد عليها فيه. وبهذا يعلم الجواب عن السؤال إذا كان الحال كما ورد به والله تعالى أعلم. |
|