الرياض- كمال عبد الرحمن
تقع شركات الإنترنت في خطأ فادح عندما تهتم بجذب الناس نحو خدماتها دون الاهتمام بالمحافظة على المستوى الجيد من الخدمات الذي يساعد على إبقاء المتعاملين مع الشبكة لفترة أطول، وبالتالي إيجاد نوع من الولاء بين تلك الشبكات والمتعاملين معها. فإيجاد هذا الولاء والمحافظة عليه يعد ضرورة تمليها الأهمية الاقتصادية وأسباب التنافس، كما أن المصداقية تتحكم بشكل عام في وضعية الموقع أكثر من الأسعار والعروض التي يتم تقديمها، وهذا لا ينفي حقيقة الأهمية التجارية للزبائن، فإعداد المواقع واجتذاب الناس نحوها أمر يتطلب الكثير من التكاليف المالية. وأكدت دراسة متخصصة أجرتها مجموعة (بين وشركاؤه) حول الولاء الإلكتروني (e .loyalty) أن زبائن الشبكة ميالون بطبعهم للتغيير نحو الأفكار الجديدة، لكن غالبية الزبائن أظهروا في هذه الدراسة ميلاً شديداً نحو الولاء للشبكة والمواقع التي يرتادونها، غير أن تلك النزعة ليست كافية لكسب الولاء. وأوصت الدراسة بضرورة أن تبذل شركات الإنترنت الكثير من الجهد حتى لا تفقد زبائنها الذين يتأثرون بشكل تلقائي بتغير الأسعار. وأثبتت دراسة أخرى أجرتها نفس المجموعة بالتعاون مع مدرسة "هارفارد" في بداية التسعينات من القرن الماضي، أن تصاعد نسب المحافظة على العملاء بـ (5%) يقابله ارتفاع في مستوى الأرباح بنسبة تتراوح بين (25-95%) وتعتبر تكلفة جذب الزبائن نحو التجارة الإلكترونية أكبر من تكلفة جذبهم للتجارة العادية، إلاَّ أن زبون التجارة الإلكترونية يكون أسرع ارتباطاً منه عن زبون التجارة العادية. وأكدت دراسة ثالثة حول مسألة جذب الزبائن للتجارة الإلكترونية أن تكلفة ربط الزبون وكسبه تزيد بنسبة تتراوح بين (20 -40%) عن التجارة العادية. ورغم أن الحاجة إلى المصداقية أمر أساسي في التجارة عموماً، إلا أن أهميتها في التجارة الإلكترونية تعتبر كبيرة للغاية، فالتجارة الإلكترونية تمارس عادة من على البعد، والزبون في كثير من الأحيان يكون غير متأكد من نهايات صفقته، لذا كلما توخى الموقع الصدق اللازم كلما كسب ولاءً أكبر. وعلى سبيل المثال موقع (Amazon.com) الذي كسب ولاء الكثير من المتعاملين في مجال بيع الكتب، لاعتماده على نظام تعامل صادق ودقيق مع المشترين والبائعين. كما تعتبر شركة فارنفورد (vanguard) نموذجاً آخر للشركات التي استخدمت سلاح الصدق لتنمية ولاء العملاء. فهذه الشركة التي تبلغ تعاملاتها نحو (500 بليون دولار) تتبع أساليب موضوعية في عرض بضائعها ومنتجاتها، حيث تحاول البعد عن الدعاية الرخيصة وعن الترويج الذي يخفي معالم السلع ويضلل جمهور المشترين. لذلك أدت هذه الأساليب إلى تطوير العلاقة بين الشركة وعملائها، كما أدت إلى كسب المزيد من الزبائن الجدد.