60 ـ كتاب أحاديث الأنبياء
1 ـ باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته صلصال طين خلط برمل فصلصل كما يصلصل الفخار. ويقال منتن. يريدون به صل، كما يقال صر الباب وصرصر عند الإغلاق مثل كبكبته يعني كببته. {فمرت به} استمر بها الحمل فأتمته. {أن لا تسجد} أن تسجد.
2 ـ باب قول الله تعالى {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}
قال ابن عباس {لما عليها حافظ} إلا عليها حافظ {في كبد} في شدة خلق. ورياشا المال. وقال غيره الرياش والريش واحد، وهو ما ظهر من اللباس. {ما تمنون} النطفة في أرحام النساء. وقال مجاهد {إنه على رجعه لقادر} النطفة في الإحليل. كل شىء خلقه فهو شفع، السماء شفع، والوتر الله عز وجل. {في أحسن تقويم} في أحسن خلق {أسفل سافلين} إلا من آمن {خسر} ضلال، ثم استثنى إلا من آمن {لازب} لازم. {ننشئكم} في أى خلق نشاء. {نسبح بحمدك} نعظمك. وقال أبو العالية {فتلقى آدم من ربه كلمات} فهو قوله {ربنا ظلمنا أنفسنا}، {فأزلهما} فاستزلهما. و{يتسنه} يتغير، آسن متغير، والمسنون المتغير {حمإ} جمع حمأة وهو الطين المتغير. {يخصفان} أخذ الخصاف {من ورق الجنة} يؤلفان الورق ويخصفان بعضه إلى بعض {سوآتهما} كناية عن فرجهما {ومتاع إلى حين} ها هنا إلى يوم القيامة، الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده. {قبيله} جيله الذي هو منهم.
3361 ـ حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا، ثم قال اذهب فسلم على أولئك من الملائكة، فاستمع ما يحيونك، تحيتك وتحية ذريتك. فقال السلام عليكم. فقالوا السلام عليك ورحمة الله. فزادوه ورحمة الله. فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ".
3362 ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة الأنجوج عود الطيب، وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء ".
3363 ـ حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، أن أم سليم، قالت يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت قال " نعم، إذا رأت الماء ". فضحكت أم سلمة، فقالت تحتلم المرأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فبما يشبه الولد ".
3364 ـ حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا الفزاري، عن حميد، عن أنس ـ رضى الله عنه ـ قال بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأتاه، فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، {قال ما} أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ومن أى شىء ينزع الولد إلى أبيه ومن أى شىء ينزع إلى أخواله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خبرني بهن آنفا جبريل ". قال فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت. وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها ". قال أشهد أنك رسول الله. ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك، فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أى رجل فيكم عبد الله بن سلام ". قالوا أعلمنا وابن أعلمنا وأخبرنا وابن أخيرنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفرأيتم إن أسلم عبد الله ". قالوا أعاذه الله من ذلك. فخرج عبد الله إليهم فقال أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فقالوا شرنا وابن شرنا. ووقعوا فيه.
3365 ـ حدثنا بشر بن محمد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه يعني " لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها ".
3366 ـ حدثنا أبو كريب، وموسى بن حزام، قالا حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن ميسرة الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شىء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء ".
3367 ـ حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا زيد بن وهب، حدثنا عبد الله، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات، فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار ".
3368 ـ حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله وكل في الرحم ملكا فيقول يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة، فإذا أراد أن يخلقها قال يا رب، أذكر أم يا رب أنثى يا رب شقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه ".
3369 ـ حدثنا قيس بن حفص، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن أنس، يرفعه " أن الله، يقول لأهون أهل النار عذابا لو أن لك ما في الأرض من شىء كنت تفتدي به قال نعم. قال فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي. فأبيت إلا الشرك ".
3370 ـ حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، قال حدثني عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل ".
3 ـ باب الأرواح جنود مجندة
3371 ـ قال قال الليث عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، رضى الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف ". وقال يحيى بن أيوب حدثني يحيى بن سعيد بهذا.
4 ـ باب قول الله عز وجل {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه}
قال ابن عباس {بادئ الرأى} ما ظهر لنا { أقلعي} أمسكي. {وفار التنور} نبع الماء. وقال عكرمة وجه الأرض. وقال مجاهد الجودي جبل بالجزيرة. دأب مثل حال.
5 ـ باب قول الله تعالى {إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم} إلى آخر السورة
{واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله} إلى قوله {من المسلمين}.
3372 ـ حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، عن يونس، عن الزهري، قال سالم وقال ابن عمر ـ رضى الله عنهما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال " إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور ".
3373 ـ حدثنا أبو نعيم، حدثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، سمعت أبا هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أحدثكم حديثا عن الدجال ما حدث به نبي قومه، إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة. هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه ".
3374 ـ حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى هل بلغت فيقول نعم، أى رب. فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون لا، ما جاءنا من نبي. فيقول لنوح من يشهد لك فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فنشهد أنه قد بلغ، وهو قوله جل ذكره {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} والوسط العدل ".
3375 ـ حدثني إسحاق بن نصر، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا أبو حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة وقال " أنا سيد القوم يوم القيامة، هل تدرون بمن يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيقول بعض الناس ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم، ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس أبوكم آدم، فيأتونه فيقولون يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا فيقول ربي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبدا شكورا، أما ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك فيقول ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، نفسي نفسي، ائتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فأسجد تحت العرش فيقال يا محمد ارفع رأسك واشفع تشفع، وسل تعطه ". قال محمد بن عبيد لا أحفظ سائره.
3376 ـ حدثنا نصر بن علي بن نصر، أخبرنا أبو أحمد، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله ـ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {فهل من مدكر} مثل قراءة العامة.
6 ـ باب {وإن إلياس لمن المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم ورب آبائكم الأولين * فكذبوه فإنهم لمحضرون * إلا عباد الله المخلصين * وتركنا عليه في الآخرين}
قال ابن عباس يذكر بخير {سلام على آل ياسين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين}. يذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس.
7 ـ باب ذكر إدريس عليه السلام وقول الله تعالى {ورفعناه مكانا عليا}
3377 ـ قال عبدان أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن الزهري، ح حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة، حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال قال أنس كان أبو ذر ـ رضى الله عنه ـ يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل، ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري، ثم أطبقه ثم أخذ بيدي، فعرج بي إلى السماء، فلما جاء إلى السماء الدنيا، قال جبريل لخازن السماء افتح. قال من هذا قال هذا جبريل. قال معك أحد قال معي محمد. قال أرسل إليه قال نعم، فافتح. فلما علونا السماء إذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت من هذا يا جبريل قال هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه، وعن شماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، ثم عرج بي جبريل، حتى أتى السماء الثانية، فقال لخازنها افتح. فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح ". قال أنس فذكر أنه وجد في السموات إدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، ولم يثبت لي كيف منازلهم، غير أنه قد ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السادسة. وقال أنس فلما مر جبريل بإدريس. قال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح. فقلت من هذا قال هذا إدريس، ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت من هذا قال هذا موسى. ثم مررت بعيسى، فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت من هذا قال عيسى. ثم مررت بإبراهيم، فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت من هذا قال هذا إبراهيم. قال وأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم " ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع صريف الأقلام ". قال ابن حزم وأنس بن مالك ـ رضى الله عنهما ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم " ففرض الله على خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى أمر بموسى، فقال موسى ما الذي فرض على أمتك قلت فرض عليهم خمسين صلاة. قال فراجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك. فرجعت فراجعت ربي فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، فقال راجع ربك، فذكر مثله، فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، فأخبرته فقال راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فرجعت فراجعت ربي فقال هي خمس، وهى خمسون، لا يبدل القول لدى. فرجعت إلى موسى، فقال راجع ربك. فقلت قد استحييت من ربي، ثم انطلق، حتى أتى السدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت {الجنة} فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك ".
8 ـ باب قول الله تعالى {وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله}
وقوله {إذ أنذر قومه بالأحقاف} إلى قوله تعالى {كذلك نجزي القوم المجرمين}. فيه عن عطاء وسليمان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
9 ـ باب قول الله عز وجل {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر}
شديدة {عاتية} قال ابن عيينة عتت على الخزان {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما} متتابعة {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} أصولها {فهل ترى لهم من باقية} بقية.
3378 ـ حدثني محمد بن عرعرة، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور ".
3379 ـ قال وقال ابن كثير عن سفيان، عن أبيه، عن ابن أبي نعم، عن أبي سعيد ـ رضى الله عنه ـ قال بعث علي ـ رضى الله عنه ـ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب، فغضبت قريش والأنصار، قالوا يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا. قال " إنما أتألفهم ". فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية، محلوق فقال اتق الله يا محمد. فقال " من يطع الله إذا عصيت، أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنوني ". فسأله رجل قتله ـ أحسبه خالد بن الوليد ـ فمنعه، فلما ولى قال " إن من ضئضئ هذا ـ أو في عقب هذا ـ قوم يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ".
3380 ـ حدثنا خالد بن يزيد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال سمعت عبد الله، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ {فهل من مدكر }.
10 ـ باب قصة يأجوج ومأجوج
وقول الله تعالى {قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض} وقول الله تعالى {ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا * إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شىء سببا * فاتبع سببا} إلى قوله {ائتوني زبر الحديد} واحدها زبرة وهى القطع {حتى إذا ساوى بين الصدفين} يقال عن ابن عباس الجبلين، والسدين الجبلين {خرجا} أجرا {قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا} أصبب عليه رصاصا، ويقال الحديد. ويقال الصفر. وقال ابن عباس النحاس. {فما اسطاعوا أن يظهروه} يعلوه، استطاع استفعل من أطعت له فلذلك فتح أسطاع يسطيع وقال بعضهم استطاع يستطيع، {وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكا} ألزقه بالأرض، وناقة دكاء لا سنام لها، والدكداك من الأرض مثله حتى صلب من الأرض وتلبد. {وكان وعد ربي حقا * وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض} {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون} قال قتادة حدب أكمة. قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم رأيت السد مثل البرد المحبر. قال " رأيته ".
3381 ـ حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن زينب ابنة أبي سلمة، حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب ابنة جحش ـ رضى الله عنهن أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول " لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ". وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها. قالت زينب ابنة جحش فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال " نعم، إذا كثر الخبث ".
3382 ـ حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا وهيب، حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ". وعقد بيده تسعين.
3383 ـ حدثني إسحاق بن نصر، حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، حدثنا أبو صالح، عن أبي سعيد الخدري ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يقول الله تعالى يا آدم. فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك. فيقول أخرج بعث النار. قال وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد ". قالوا يا رسول الله وأينا ذلك الواحد قال " أبشروا فإن منكم رجل، ومن يأجوج ومأجوج ألف ". ثم قال " والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ". فكبرنا. فقال " أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ". فكبرنا. فقال " أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ". فكبرنا. فقال " ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ".
11 ـ باب قول الله تعالى {واتخذ الله إبراهيم خليلا}
وقوله {إن إبراهيم كان أمة قانتا} وقوله {إن إبراهيم لأواه حليم} وقال أبو ميسرة الرحيم بلسان الحبشة.
3384 ـ حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا المغيرة بن النعمان، قال حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنكم محشورون حفاة عراة غرلا ـ ثم قرأ – {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم، وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي. فيقول، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم} إلى قوله {الحكيم }"
3385 ـ حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال أخبرني أخي عبد الحميد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم يا رب، إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأى خزى أخزى من أبي الأبعد فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك فينظر فإذا هو بذيخ ملتطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار ".
3386 ـ حدثنا يحيى بن سليمان، قال حدثني ابن وهب، قال أخبرني عمرو، أن بكيرا، حدثه عن كريب، مولى ابن عباس عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم فقال " أما لهم، فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، هذا إبراهيم مصور فما له يستقسم ".
3387 ـ حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخل، حتى أمر بها فمحيت، ورأى إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ بأيديهما الأزلام فقال " قاتلهم الله، والله إن استقسما بالأزلام قط ".
3388 ـ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبيد الله، قال حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه قيل يا رسول الله، من أكرم الناس قال " أتقاهم ". فقالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ". قالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فعن معادن العرب تسألون خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ". قال أبو أسامة ومعتمر عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3389 ـ حدثنا مؤمل، حدثنا إسماعيل، حدثنا عوف، حدثنا أبو رجاء، حدثنا سمرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتاني الليلة آتيان، فأتينا على رجل طويل، لا أكاد أرى رأسه طولا، وإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم ".
3390 ـ حدثني بيان بن عمرو، حدثنا النضر، أخبرنا ابن عون، عن مجاهد، أنه سمع ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ وذكروا له الدجال بين عينيه مكتوب كافر أو ك ف ر. قال لم أسمعه ولكنه قال " أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فجعد آدم على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه انحدر في الوادي ".
3391 ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اختتن إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم ". حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد " بالقدوم ". مخففة. تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد. تابعه عجلان عن أبي هريرة. ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة.
3392 ـ حدثنا سعيد بن تليد الرعيني، أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني جرير بن حازم، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاثا ".
3393 ـ حدثنا محمد بن محبوب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال لم يكذب إبراهيم ـ عليه السلام ـ إلا ثلاث كذبات ثنتين منهن في ذات الله عز وجل، قوله {إني سقيم } وقوله {بل فعله كبيرهم هذا}، وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له إن ها هنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه، فسأله عنها. فقال من هذه قال أختي، فأتى سارة قال يا سارة، ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وإن هذا سألني، فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني. فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده، فأخذ فقال ادعي الله لي ولا أضرك. فدعت الله فأطلق، ثم تناولها الثانية، فأخذ مثلها أو أشد فقال ادعي الله لي ولا أضرك. فدعت فأطلق. فدعا بعض حجبته فقال إنكم لم تأتوني بإنسان، إنما أتيتموني بشيطان. فأخدمها هاجر فأتته، وهو قائم يصلي، فأومأ بيده مهيا قالت رد الله كيد الكافر ـ أو الفاجر ـ في نحره، وأخدم هاجر. قال أبو هريرة تلك أمكم يا بني ماء السماء.
3394 ـ حدثنا عبيد الله بن موسى، أو ابن سلام عنه أخبرنا ابن جريج، عن عبد الحميد بن جبير، عن سعيد بن المسيب، عن أم شريك ـ رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال " كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام ".
3395 ـ حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، قال حدثني إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله ـ رضى الله عنه ـ قال لما نزلت {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قلنا يا رسول الله أينا لا يظلم نفسه قال " ليس كما تقولون {لم يلبسوا إيمانهم بظلم} بشرك، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه {يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم }".
12 ـ باب {يزفون} النسلان في المشى
3396 ـ حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر، حدثنا أبو أسامة، عن أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوما بلحم فقال " إن الله يجمع يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي، وينفدهم البصر، وتدنو الشمس منهم ـ فذكر حديث الشفاعة ـ فيأتون إبراهيم فيقولون أنت نبي الله وخليله من الأرض، اشفع لنا إلى ربك. فيقول ـ فذكر كذباته ـ نفسي نفسي اذهبوا إلى موسى ". تابعه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3397 ـ حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله، حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يرحم الله أم إسماعيل، لولا أنها عجلت لكان زمزم عينا معينا ".
3398 ـ قال الأنصاري حدثنا ابن جريج، أما كثير بن كثير فحدثني قال إني وعثمان بن أبي سليمان جلوس مع سعيد بن جبير، فقال ما هكذا حدثني ابن عباس، قال أقبل إبراهيم بإسماعيل وأمه عليهم السلام وهى ترضعه، معها شنة ـ لم يرفعه ـ ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل.
3399 ـ وحدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب السختياني، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة،، يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم، وبابنها إسماعيل وهى ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة، فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شىء فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتفت إليها فقالت له آلله الذي أمرك بهذا قال نعم. قالت إذا لا يضيعنا. ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه، فقال {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع} حتى بلغ {يشكرون}. وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى ـ أو قال يتلبط ـ فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا، فهبطت من، الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعى الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات ـ قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم " فذلك سعى الناس بينهما ". ـ فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت صه. تريد نفسها، ثم تسمعت، فسمعت أيضا، فقالت قد أسمعت، إن كان عندك غواث. فإذا هي بالملك، عند موضع زمزم، فبحث بعقبه ـ أو قال بجناحه ـ حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعد ما تغرف ـ قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم " يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم ـ أو قال لو لم تغرف من الماء ـ لكانت زمزم عينا معينا ". ـ قال فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله، يبني هذا الغلام، وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله. وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله، فكانت كذلك، حتى مرت بهم رفقة من جرهم ـ أو أهل بيت من جرهم ـ مقبلين من طريق كداء فنزلوا في أسفل مكة، فرأوا طائرا عائفا. فقالوا إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جريا أو جريين، فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا، قال وأم إسماعيل عند الماء فقالوا أتأذنين لنا أن ننزل عندك فقالت نعم، ولكن لا حق لكم في الماء. قالوا نعم. قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم " فألفى ذلك أم إسماعيل، وهى تحب الإنس " فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام، وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شب، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم، بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه فقالت خرج يبتغي لنا. ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر، نحن في ضيق وشدة. فشكت إليه. قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل، كأنه آنس شيئا، فقال هل جاءكم من أحد قالت نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة. قال فهل أوصاك بشىء قالت نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول غير عتبة بابك. قال ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك. فطلقها، وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد، فلم يجده، فدخل على امرأته، فسألها عنه. فقالت خرج يبتغي لنا. قال كيف أنتم وسألها عن عيشهم، وهيئتهم. فقالت نحن بخير وسعة. وأثنت على الله. فقال ما طعامكم قالت اللحم. قال فما شرابكم قالت الماء. فقال اللهم بارك لهم في اللحم والماء. قال النبي صلى الله عليه وسلم " ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم دعا لهم فيه ". قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه. قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد قالت نعم أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير. قال فأوصاك بشىء قالت نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أمسكك. ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد، ثم قال يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر. قال فاصنع ما أمرك ربك. قال وتعينني قال وأعينك. قال فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا. وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها. قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم}. قال فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت، وهما يقولان {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }.
3400 ـ حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، قال حدثنا إبراهيم بن نافع، عن كثير بن كثير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل، ومعهم شنة فيها ماء، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها حتى قدم مكة، فوضعها تحت دوحة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله، فاتبعته أم إسماعيل، حتى لما بلغوا كداء نادته من ورائه يا إبراهيم إلى من تتركنا قال إلى الله. قالت رضيت بالله. قال فرجعت فجعلت تشرب من الشنة ويدر لبنها على صبيها، حتى لما فني الماء قالت لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا. قال فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت هل تحس أحدا فلم تحس أحدا، فلما بلغت الوادي سعت وأتت المروة ففعلت ذلك أشواطا، ثم قالت لو ذهبت فنظرت ما فعل ـ تعني الصبي ـ فذهبت فنظرت، فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت، فلم تقرها نفسها، فقالت لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا، فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا، حتى أتمت سبعا، ثم قالت لو ذهبت فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت فقالت أغث إن كان عندك خير. فإذا جبريل، قال فقال بعقبه هكذا، وغمز عقبه على الأرض، قال فانبثق الماء، فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفز. قال فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " لو تركته كان الماء ظاهرا ". قال فجعلت تشرب من الماء، ويدر لبنها على صبيها ـ قال ـ فمر ناس من جرهم ببطن الوادي، فإذا هم بطير، كأنهم أنكروا ذاك، وقالوا ما يكون الطير إلا على ماء. فبعثوا رسولهم، فنظر فإذا هم بالماء، فأتاهم فأخبرهم فأتوا إليها، فقالوا يا أم إسماعيل، أتأذنين لنا أن نكون معك أو نسكن معك فبلغ ابنها فنكح فيهم امرأة، قال ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله إني مطلع تركتي. قال فجاء فسلم فقال أين إسماعيل فقالت امرأته ذهب يصيد. قال قولي له إذا جاء غير عتبة بابك. فلما جاء أخبرته قال أنت ذاك فاذهبي إلى أهلك. قال ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله إني مطلع تركتي. قال فجاء فقال أين إسماعيل فقالت امرأته ذهب يصيد، فقالت ألا تنزل فتطعم وتشرب فقال وما طعامكم وما شرابكم قالت طعامنا اللحم، وشرابنا الماء. قال اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم. قال فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " بركة بدعوة إبراهيم ". قال ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله إني مطلع تركتي. فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم، يصلح نبلا له، فقال يا إسماعيل، إن ربك أمرني أن أبني له بيتا. قال أطع ربك. قال إنه قد أمرني أن تعينني عليه. قال إذا أفعل. أو كما قال. قال فقاما فجعل إبراهيم يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة، ويقولان {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} قال حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ على نقل الحجارة، فقام على حجر المقام، فجعل يناوله الحجارة، ويقولان {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم }.
13 ـ باب
3401 ـ حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الأعمش، حدثنا إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال سمعت أبا ذر ـ رضى الله عنه ـ قال قلت يا رسول الله، أى مسجد وضع في الأرض أول قال " المسجد الحرام ". قال قلت ثم أى قال " المسجد الأقصى ". قلت كم كان بينهما قال " أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه ".
3402 ـ حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عمرو بن أبي عمرو، مولى المطلب عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال " هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها ". رواه عبد الله بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3403 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن ابن أبي بكر، أخبر عبد الله بن عمر، عن عائشة ـ رضى الله عنهم ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألم ترى أن قومك بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم ". فقلت يا رسول الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم. فقال " لولا حدثان قومك بالكفر ". فقال عبد الله بن عمر لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم. وقال إسماعيل عبد الله بن محمد بن أبي بكر.
3404 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، أخبرني أبو حميد الساعدي ـ رضى الله عنه ـ أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
3405 ـ حدثنا قيس بن حفص، وموسى بن إسماعيل، قالا حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو قرة، مسلم بن سالم الهمداني قال حدثني عبد الله بن عيسى، سمع عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي، صلى الله عليه وسلم فقلت بلى، فأهدها لي. فقال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم. قال " قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
3406 ـ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول " إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة ".
14 ـ باب قوله عز وجل {ونبئهم عن ضيف، إبراهيم} قوله {ولكن ليطمئن قلبي}
3407 ـ حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " نحن أحق من إبراهيم إذ قال {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي ".
15 ـ باب قول الله تعالى {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد}
3408 ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع ـ رضى الله عنه ـ قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بني فلان ". قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما لكم لا ترمون ". فقالوا يا رسول الله، نرمي وأنت معهم قال " ارموا وأنا معكم كلكم ".
16 ـ باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام
فيه ابن عمر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
17 ـ باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت} إلى قوله {ونحن له مسلمون}
3409 ـ حدثنا إسحاق بن إبراهيم، سمع المعتمر، عن عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس قال " أكرمهم أتقاهم ". قالوا يا نبي الله، ليس عن هذا نسألك. قال " فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ". قالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فعن معادن العرب تسألوني ". قالوا نعم. قال " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا ".
18 ـ باب {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون * أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين}
3410 ـ حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {يغفر الله للوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد}.
19 ـ باب {فلما جاء آل لوط المرسلون * قال إنكم قوم منكرون}
{بركنه} بمن معه لأنهم قوته {تركنوا} تميلوا فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد {يهرعون} يسرعون، دابر آخر. صيحة هلكة {للمتوسمين} للناظرين. {لبسبيل} لبطريق.
3411 ـ حدثنا محمود، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله ـ رضى الله عنه ـ قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {فهل من مدكر }.
20 ـ باب قول الله تعالى {وإلى ثمود أخاهم صالحا}
{كذب أصحاب الحجر} موضع ثمود، وأما {حرث حجر} حرام، وكل ممنوع فهو حجر محجور، والحجر كل بناء بنيته، وما حجرت عليه من الأرض فهو حجر ومنه سمي حطيم البيت حجرا، كأنه مشتق من محطوم، مثل قتيل من مقتول، ويقال للأنثى من الخيل الحجر. ويقال للعقل حجر وحجى. وأما حجر اليمامة فهو منزل.
3412 ـ حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر الذي عقر الناقة قال " انتدب لها رجل ذو عز ومنعة في قوة كأبي زمعة ".
3413 ـ حدثنا محمد بن مسكين أبو الحسن، حدثنا يحيى بن حسان بن حيان أبو زكرياء، حدثنا سليمان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها فقالوا قد عجنا منها، واستقينا. فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين ويهريقوا ذلك الماء. ويروى عن سبرة بن معبد وأبي الشموس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإلقاء الطعام. وقال أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم " من اعتجن بمائه ".
3414 ـ حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا أنس بن عياض، عن عبيد الله، عن نافع، أن عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنهما ـ أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر، فاستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كان تردها الناقة. تابعه أسامة عن نافع.
3415 ـ حدثني محمد، أخبرنا عبد الله، عن معمر، عن الزهري، قال أخبرني سالم بن عبد الله، عن أبيه ـ رضى الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم ما أصابهم ". ثم تقنع بردائه، وهو على الرحل.
3416 ـ حدثني عبد الله، حدثنا وهب، حدثنا أبي، سمعت يونس، عن الزهري، عن سالم، أن ابن عمر، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم ".
21 ـ باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت}
3417 ـ حدثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا عبد الصمد، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ـ عليهم السلام ".
22 ـ باب قول الله تعالى {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}
3418 ـ حدثني عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله، قال أخبرني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس قال " أتقاهم لله ". قالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ". قالوا ليس عن هذا نسألك. قال " فعن معادن العرب تسألوني، الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ".
3419 ـ حدثني محمد، أخبرنا عبدة، عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
3420 ـ حدثنا بدل بن المحبر، أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال سمعت عروة بن الزبير، عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها " مري أبا بكر يصلي بالناس ". قالت إنه رجل أسيف، متى يقم مقامك رق. فعاد فعادت، قال شعبة فقال في الثالثة أو الرابعة " إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر ".
3421 ـ حدثنا الربيع بن يحيى البصري، حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال مرض النبي صلى الله عليه وسلم فقال " مروا أبا بكر فليصل بالناس ". فقالت إن أبا بكر رجل. فقال مثله فقالت مثله. فقال " مروه فإنكن صواحب يوسف ". فأم أبو بكر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال حسين عن زائدة رجل رقيق.
3422 ـ حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف ".
3423 ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ابن أخي جويرية حدثنا جويرية بن أسماء، عن مالك، عن الزهري، أن سعيد بن المسيب، وأبا، عبيد أخبراه عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته ".
3424 ـ حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا ابن فضيل، حدثنا حصين، عن شقيق، عن مسروق، قال سألت أم رومان، وهى أم عائشة، عما قيل فيها ما قيل قالت بينما أنا مع عائشة جالستان، إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار، وهى تقول فعل الله بفلان وفعل. قالت فقلت لم قالت إنه نما ذكر الحديث. فقالت عائشة أى حديث فأخبرتها. قالت فسمعه أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم. فخرت مغشيا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال " ما لهذه ". قلت حمى أخذتها من أجل حديث تحدث به، فقعدت فقالت والله لئن حلفت لا تصدقوني، ولئن اعتذرت لا تعذروني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، فالله المستعان على ما تصفون. فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها فقالت بحمد الله لا بحمد أحد.
3425 ـ حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال أخبرني عروة، أنه سأل عائشة ـ رضى الله عنها ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرأيت قوله {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} أو كذبوا. قالت بل كذبهم قومهم. فقلت والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن. فقالت يا عرية، لقد استيقنوا بذلك. قلت فلعلها أو كذبوا. قالت معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها وأما هذه الآية قالت هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، وطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم، وظنوا أن أتباعهم كذبوهم جاءهم نصر الله. قال أبو عبد الله {استيأسوا} افتعلوا من يئست. {منه} من يوسف. {لا تيأسوا من روح الله} معناه الرجاء.
3426 ـ أخبرني عبدة، حدثنا عبد الصمد، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ".
23 ـ باب قول الله تعالى {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}
{اركض} اضرب. {يركضون} يعدون.
3427 ـ حدثني عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثي في ثوبه، فنادى ربه يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك ".
24 ـ باب {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا * وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا} كلمه {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا} يقال للواحد وللاثنين والجميع نجي. ويقال خلصوا نجيا اعتزلوا نجيا والجميع أنجية يتناجون
25 ـ باب {وقال رجل مؤمن من آل فرعون} إلى قوله {مسرف كذاب}
3428 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، قال حدثني عقيل، عن ابن شهاب، سمعت عروة، قال قالت عائشة ـ رضى الله عنها فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خديجة يرجف فؤاده، فانطلقت به إلى ورقة بن نوفل، وكان رجلا تنصر يقرأ الإنجيل بالعربية. فقال ورقة ماذا ترى فأخبره. فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، وإن أدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. الناموس صاحب السر الذي يطلعه بما يستره عن غيره.
26 ـ باب قول الله عز وجل {وهل أتاك حديث موسى * إذ رأى نارا} إلى قوله {بالوادي المقدس طوى}
{آنست} أبصرت {نارا لعلي آتيكم منها بقبس} الآية. قال ابن عباس المقدس المبارك. طوى اسم الوادي {سيرتها} حالتها و{النهى} التقى {بملكنا} بأمرنا. {هوى} شقي. {فارغا} إلا من ذكر موسى. {ردءا } كى يصدقني. ويقال مغيثا أو معينا. يبطش ويبطش. {يأتمرون} يتشاورون. والجذوة قطعة غليظة من الخشب ليس فيها لهب. {سنشد} سنعينك كلما عززت شيئا فقد جعلت له عضدا. وقال غيره كلما لم ينطق بحرف أو فيه تمتمة أو فأفأة فهى عقدة {أزري} ظهري {فيسحتكم} فيهلككم. {المثلى} تأنيث الأمثل، يقول بدينكم، يقال خذ المثلى، خذ الأمثل. {ثم ائتوا صفا} يقال هل أتيت الصف اليوم يعني المصلى الذي يصلى فيه. {فأوجس} أضمر خوفا، فذهبت الواو من {خيفة} لكسرة الخاء. {في جذوع النخل} على جذوع {خطبك} بالك. {مساس} مصدر ماسه مساسا {لننسفنه} لنذرينه. الضحاء الحر. {قصيه} اتبعي أثره، وقد يكون أن تقص الكلام {نحن نقص عليك}. {عن جنب} عن بعد وعن جنابة وعن اجتناب واحد. قال مجاهد {على قدر} موعد {لا تنيا} {لا تضعفا} {يبسا} يابسا {من زينة القوم} الحلي الذي استعاروا من آل فرعون {فقذفتها} ألقيتها. {ألقى} صنع. {فنسي} موسى هم يقولونه أخطأ الرب أن لا يرجع إليهم قولا في العجل.
3429 ـ حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به حتى أتى السماء الخامسة، فإذا هارون قال هذا هارون فسلم عليه. فسلمت عليه، فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح. تابعه ثابت وعباد بن أبي علي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
27 ـ باب قول الله تعالى {وهل أتاك حديث موسى} {وكلم الله موسى تكليما}
3430 ـ حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به " رأيت موسى وإذا رجل ضرب رجل، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى، فإذا هو رجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس، وأنا أشبه ولد إبراهيم صلى الله عليه وسلم به، ثم أتيت بإناءين، في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر فقال اشرب أيهما شئت. فأخذت اللبن فشربته فقيل أخذت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك ".
3431 ـ حدثني محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال سمعت أبا العالية، حدثنا ابن عم، نبيكم ـ يعني ابن عباس ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ". ونسبه إلى أبيه.
3432 ـ وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به فقال " موسى آدم طوال كأنه من رجال شنوءة ". وقال " عيسى جعد مربوع ". وذكر مالكا خازن النار، وذكر الدجال.
3433 ـ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا أيوب السختياني، عن ابن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما، يعني عاشوراء، فقالوا هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله. فقال " أنا أولى بموسى منهم ". فصامه وأمر بصيامه.
28 ـ باب قول الله تعالى {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين * ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني} إلى قوله {وأنا أول المؤمنين}
يقال دكه زلزله. {فدكتا} فدككن، جعل الجبال كالواحدة كما قال الله عز وجل {أن السموات والأرض كانتا رتقا} ولم يقل كن. رتقا ملتصقتين {أشربوا} ثوب مشرب مصبوغ. قال ابن عباس {انبجست} انفجرت {وإذ نتقنا الجبل} رفعنا.
3434 ـ حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي، أم جوزي بصعقة الطور ".
3435 ـ حدثني عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر ".
29 ـ باب طوفان من السيل
يقال للموت الكثير طوفان. القمل الحمنان يشبه صغار الحلم. {حقيق} حق. {سقط} كل من ندم فقد سقط في يده.
30 ـ باب حديث الخضر مع موسى ـ عليهما السلام ـ
3436 ـ حدثنا عمرو بن محمد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أن عبيد الله بن عبد الله، أخبره عن ابن عباس، أنه تمارى هو والحر بن قيس الفزاري في صاحب موسى، قال ابن عباس هو خضر، فمر بهما أبى بن كعب، فدعاه ابن عباس، فقال إني تماريت أنا وصاحبي، هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " بينما موسى في ملإ من بني إسرائيل جاءه رجل، فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال لا. فأوحى الله إلى موسى بلى عبدنا خضر. فسأل موسى السبيل إليه، فجعل له الحوت آية، وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع، فإنك ستلقاه. فكان يتبع الحوت في البحر، فقال لموسى فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره. فقال موسى ذلك ما كنا نبغ. فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضرا، فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه ".
3437 ـ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال أخبرني سعيد بن جبير، قال قلت لابن عباس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر. فقال كذب عدو الله حدثنا أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل أى الناس أعلم فقال أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه. فقال له بلى، لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال أى رب ومن لي به ـ وربما قال سفيان أى رب وكيف لي به ـ قال تأخذ حوتا، فتجعله في مكتل، حيثما فقدت الحوت فهو ثم ـ وربما قال فهو ثمه ـ وأخذ حوتا، فجعله في مكتل، ثم انطلق هو وفتاه يوشع بن نون، حتى أتيا الصخرة، وضعا رءوسهما فرقد موسى، واضطرب الحوت فخرج فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سربا، فأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار مثل الطاق، فقال هكذا مثل الطاق. فانطلقا يمشيان بقية ليلتهما ويومهما، حتى إذا كان من الغد قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. ولم يجد موسى النصب حتى جاوز حيث أمره الله. قال له فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ سبيله في البحر عجبا، فكان للحوت سربا ولهما عجبا. قال له موسى ذلك ما كنا نبغي، فارتدا على آثارهما قصصا، رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب، فسلم موسى، فرد عليه. فقال وأنى بأرضك السلام. قال أنا موسى. قال موسى بني إسرائيل قال نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. قال يا موسى إني على علم من علم الله، علمنيه الله لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه. قال هل أتبعك قال {إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} إلى قوله {إمرا} فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهما سفينة، كلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر، فحملوه بغير نول، فلما ركبا في السفينة جاء عصفور، فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة أو نقرتين، قال له الخضر يا موسى، ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور بمنقاره من البحر. إذ أخذ الفأس فنزع لوحا، قال فلم يفجأ موسى إلا وقد قلع لوحا بالقدوم. فقال له موسى ما صنعت قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا. قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، فكانت الأولى من موسى نسيانا. فلما خرجا من البحر مروا بغلام يلعب مع الصبيان، فأخذ الخضر برأسه فقلعه بيده هكذا ـ وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئا ـ فقال له موسى أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا. قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا. قال إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبني، قد بلغت من لدني عذرا. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض مائلا ـ أومأ بيده هكذا وأشار سفيان كأنه يمسح شيئا إلى فوق، فلم أسمع سفيان يذكر مائلا إلا مرة ـ قال قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا عمدت إلى حائطهم لو شئت لاتخذت عليه أجرا. قال هذا فراق بيني وبينك، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا". قال النبي صلى الله عليه وسلم " وددنا أن موسى كان صبر، فقص الله علينا من خبرهما ". قال سفيان قال النبي صلى الله عليه وسلم " يرحم الله موسى، لو كان صبر يقص علينا من أمرهما ". وقرأ ابن عباس أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا، وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين. ثم قال لي سفيان سمعته منه مرتين وحفظته منه. قيل لسفيان حفظته قبل أن تسمعه من عمرو، أو تحفظته من إنسان فقال ممن أتحفظه ورواه أحد عن عمرو غيري سمعته منه مرتين أو ثلاثا وحفظته منه.
3438 ـ حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنما سمي الخضر أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء ".