كتاب الجزية والموادعة
1 ـ باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب
وقول الله تعالى {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} أذلاء. وما جاء في أخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس والعجم. وقال ابن عيينة عن ابن أبي نجيح قلت لمجاهد ما شأن أهل الشأم، عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار قال جعل ذلك من قبل اليسار.
3192 ـ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال سمعت عمرا، قال كنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس، فحدثهما بجالة، سنة سبعين ـ عام حج مصعب بن الزبير بأهل البصرة ـ عند درج زمزم قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتانا كتاب عمر بن الخطاب قبل موته بسنة فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس. ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس.
3193 ـ حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.
3194 ـ حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال حدثني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، أنه أخبره أن عمرو بن عوف الأنصاري وهو حليف لبني عامر بن لؤى وكان شهد بدرا أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال " أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشىء ". قالوا أجل يا رسول الله. قال " فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم ".
3195 ـ حدثنا الفضل بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا المعتمر بن سليمان، حدثنا سعيد بن عبيد الله الثقفي، حدثنا بكر بن عبد الله المزني، وزياد بن جبير، عن جبير بن حية، قال بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين، فأسلم الهرمزان فقال إني مستشيرك في مغازي هذه. قال نعم، مثلها ومثل من فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له رأس وله جناحان وله رجلان، فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس، فإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس، وإن شدخ الرأس ذهبت الرجلان والجناحان والرأس، فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى. وقال بكر وزياد جميعا عن جبير بن حية قال فندبنا عمر واستعمل علينا النعمان بن مقرن، حتى إذا كنا بأرض العدو، وخرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا، فقام ترجمان فقال ليكلمني رجل منكم. فقال المغيرة سل عما شئت. قال ما أنتم قال نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد وبلاء شديد، نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك، إذ بعث رب السموات ورب الأرضين تعالى ذكره وجلت عظمته إلينا نبيا من أنفسنا، نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم.
3196 ـ فقال النعمان ربما أشهدك الله مثلها مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يندمك ولم يخزك، ولكني شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات.
2 ـ باب إذا وادع الإمام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم
3197 ـ حدثنا سهل بن بكار، حدثنا وهيب، عن عمرو بن يحيى، عن عباس الساعدي، عن أبي حميد الساعدي، قال غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبوك، وأهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء، وكساه بردا، وكتب له ببحرهم.
3 ـ باب الوصايا بأهل ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذمة العهد، والإل القرابة
3198 ـ حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو جمرة، قال سمعت جويرية بن قدامة التميمي، قال سمعت عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قلنا أوصنا يا أمير المؤمنين. قال أوصيكم بذمة الله، فإنه ذمة نبيكم، ورزق عيالكم.
4 ـ باب ما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين وما وعد من مال البحرين والجزية، ولمن يقسم الفىء والجزية
3199 ـ حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، عن يحيى بن سعيد، قال سمعت أنسا ـ رضى الله عنه ـ قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار ليكتب لهم بالبحرين فقالوا لا والله حتى تكتب لإخواننا من قريش بمثلها. فقال ذاك لهم ما شاء الله على ذلك يقولون له قال " فإنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني ".
3200 ـ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال أخبرني روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله ـ رضى الله عنهما ـ قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي " لو قد جاءنا مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ". فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء مال البحرين قال أبو بكر من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة فليأتني. فأتيته فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان قال لي " لو قد جاءنا مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ". فقال لي احثه. فحثوت حثية فقال لي عدها. فعددتها فإذا هي خمسمائة، فأعطاني ألفا وخمسمائة.
3201 ـ وقال إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال " انثروه في المسجد " فكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه العباس فقال يا رسول الله، أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلا. قال " خذ ". فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله، فلم يستطع. فقال أمر بعضهم يرفعه إلى. قال " لا ". قال فارفعه أنت على. قال " لا ". فنثر منه، ثم ذهب يقله فلم يرفعه. فقال أمر بعضهم يرفعه على. قال " لا ". قال فارفعه أنت على. قال " لا ". فنثر ثم احتمله على كاهله ثم انطلق، فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبا من حرصه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم.
5 ـ باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم
3202 ـ حدثنا قيس بن حفص، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الحسن بن عمرو، حدثنا مجاهد، عن عبد الله بن عمرو ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ".
6 ـ باب إخراج اليهود من جزيرة العرب
وقال عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " أقركم ما أقركم الله به ".
3203 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، قال حدثني سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال بينما نحن في المسجد خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال " انطلقوا إلى يهود ". فخرجنا حتى جئنا بيت المدراس فقال " أسلموا تسلموا، واعلموا أن الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بماله شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله ".
3204 ـ حدثنا محمد، حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، سمع سعيد بن جبير، سمع ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ يقول يوم الخميس، وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى. قلت يا أبا عباس، ما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال " ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا ". فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما له أهجر استفهموه. فقال " ذروني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ـ فأمرهم بثلاث قال ـ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ". والثالثة خير، إما أن سكت عنها، وإما أن قالها فنسيتها. قال سفيان هذا من قول سليمان.
7 ـ باب إذا غدر المشركون بالمسلمين هل يعفى عنهم
3205 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، قال حدثني سعيد، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اجمعوا إلى من كان ها هنا من يهود ". فجمعوا له فقال " إني سائلكم عن شىء فهل أنتم صادقي عنه ". فقالوا نعم. قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " من أبوكم ". قالوا فلان. فقال " كذبتم، بل أبوكم فلان ". قالوا صدقت. قال " فهل أنتم صادقي عن شىء إن سألت عنه " فقالوا نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. فقال لهم " من أهل النار ". قالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا ـ ثم قال ـ هل أنتم صادقي عن شىء إن سألتكم عنه ". فقالوا نعم يا أبا القاسم. قال " هل جعلتم في هذه الشاة سما ". قالوا نعم. قال " ما حملكم على ذلك ". قالوا أردنا إن كنت كاذبا نستريح، وإن كنت نبيا لم يضرك.
8 ـ باب دعاء الإمام على من نكث عهدا
3206 ـ حدثنا أبو النعمان، حدثنا ثابت بن يزيد، حدثنا عاصم، قال سألت أنسا ـ رضى الله عنه ـ عن القنوت. قال قبل الركوع. فقلت إن فلانا يزعم أنك قلت بعد الركوع، فقال كذب. ثم حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت شهرا بعد الركوع يدعو على أحياء من بني سليم ـ قال ـ بعث أربعين أو سبعين ـ يشك فيه ـ من القراء إلى أناس من المشركين، فعرض لهم هؤلاء فقتلوهم، وكان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد، فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم.
9 ـ باب أمان النساء وجوارهن
3207 ـ حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة، مولى أم هانئ ابنة أبي طالب أخبره أنه، سمع أم هانئ ابنة أبي طالب، تقول ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه فقال " من هذه ". فقلت أنا أم هانئ بنت أبي طالب. فقال " مرحبا بأم هانئ ". فلما فرغ من غسله قام، فصلى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد، فقلت يا رسول الله، زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان بن هبيرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ". قالت أم هانئ وذلك ضحى.
10 ـ باب ذمة المسلمين وجوارهم واحدة يسعى بها أدناهم
3208 ـ حدثنا محمد، أخبرنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال خطبنا علي فقال ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة فقال فيها الجراحات وأسنان الإبل، والمدينة حرم ما بين عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى فيها محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك، وذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلما فعليه مثل ذلك.
11 ـ باب إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا أسلمنا
وقال ابن عمر فجعل خالد يقتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أبرأ إليك مما صنع خالد ". وقال عمر إذا قال مترس. فقد آمنه، إن الله يعلم الألسنة كلها. وقال تكلم لا بأس.
12 ـ باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره وإثم من لم يف بالعهد وقوله {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} الآية
3209 ـ حدثنا مسدد، حدثنا بشر ـ هو ابن المفضل ـ حدثنا يحيى، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة، قال انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود بن زيد إلى خيبر، وهى يومئذ صلح، فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دم قتيلا، فدفنه ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال " كبر كبر ". وهو أحدث القوم، فسكت فتكلما فقال " أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم ". قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر قال " فتبريكم يهود بخمسين ". فقالوا كيف نأخذ أيمان قوم كفار فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده.
13 ـ باب فضل الوفاء بالعهد
3210 ـ حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أخبره أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش كانوا تجارا بالشأم في المدة التي ماد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان في كفار قريش.
14 ـ باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر
وقال ابن وهب أخبرني يونس، عن ابن شهاب، سئل أعلى من سحر من أهل العهد قتل قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صنع له ذلك، فلم يقتل من صنعه، وكان من أهل الكتاب.
3211 ـ حدثني محمد بن المثنى، حدثنا يحيى، حدثنا هشام، قال حدثني أبي، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئا ولم يصنعه.
15 ـ باب ما يحذر من الغدر وقوله تعالى {وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله} الآية
3212 ـ حدثنا الحميدي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، قال سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس، قال سمعت عوف بن مالك، قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبة من أدم فقال " اعدد ستا بين يدى الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ".
16 ـ باب كيف ينبذ إلى أهل العهد وقوله {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} الآية
3213 ـ حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرنا حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال بعثني أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ فيمن يؤذن يوم النحر بمنى لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. ويوم الحج الأكبر يوم النحر، وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس الحج الأصغر. فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم مشرك.
17 ـ باب إثم من عاهد ثم غدر وقوله {الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون}
3214 ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو ـ رضى الله عنهما ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربع خلال من كن فيه كان منافقا خالصا من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ".
3215 ـ حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي ـ رضى الله عنه ـ قال ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال النبي صلى الله عليه وسلم " المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا، فمن أحدث حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم. فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل ".
3216 ـ قال أبو موسى حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما فقيل له وكيف ترى ذلك كائنا يا أبا هريرة قال إي والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق. قالوا عم ذاك قال تنتهك ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيشد الله عز وجل قلوب أهل الذمة، فيمنعون ما في أيديهم.
18 ـ باب
3217 ـ حدثنا عبدان، أخبرنا أبو حمزة، قال سمعت الأعمش، قال سألت أبا وائل شهدت صفين قال نعم، فسمعت سهل بن حنيف، يقول اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد، أمر النبي صلى الله عليه وسلم لرددته، وما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر، نعرفه غير أمرنا هذا.
3218 ـ حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا يزيد بن عبد العزيز، عن أبيه، حدثنا حبيب بن أبي ثابت، قال حدثني أبو وائل، قال كنا بصفين فقام سهل بن حنيف فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل فقال " بلى ". فقال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال " بلى ". قال فعلى ما نعطي الدنية في ديننا أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال " ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدا ". فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه رسول الله، ولن يضيعه الله أبدا. فنزلت سورة الفتح، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها. فقال عمر يا رسول الله، أوفتح هو قال " نعم ".
3219 ـ حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء ابنة أبي بكر ـ رضى الله عنهما ـ قالت قدمت على أمي وهى مشركة في عهد قريش، إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدتهم، مع أبيها، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، إن أمي قدمت على، وهى راغبة، أفأصلها قال " نعم، صليها ".
19 ـ باب المصالحة على ثلاثة أيام، أو وقت معلوم
3220 ـ حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، حدثنا شريح بن مسلمة، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، قال حدثني أبي، عن أبي إسحاق، قال حدثني البراء ـ رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة، فاشترطوا عليه أن لا يقيم بها إلا ثلاث ليال، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، ولا يدعو منهم أحدا، قال فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب، فكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. فقالوا لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولبايعناك، ولكن اكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله. فقال " أنا والله محمد بن عبد الله وأنا والله رسول الله ". قال وكان لا يكتب قال فقال لعلي " امح رسول الله ". فقال علي والله لا أمحاه أبدا. قال " فأرنيه ". قال فأراه إياه، فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده، فلما دخل ومضى الأيام أتوا عليا فقالوا مر صاحبك فليرتحل. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " نعم " ثم ارتحل.
20 ـ باب الموادعة من غير وقت وقول النبي صلى الله عليه وسلم " أقركم ما أقركم الله به "
21 ـ باب طرح جيف المشركين في البئر ولا يؤخذ لهم ثمن
3221 ـ حدثنا عبدان بن عثمان، قال أخبرني أبي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله ـ رضى الله عنه ـ قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش من المشركين إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور، فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة ـ عليها السلام ـ فأخذت من ظهره، ودعت على من صنع ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم عليك الملأ من قريش، اللهم عليك أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، وأمية بن خلف ـ أو أبى بن خلف ". فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر، فألقوا في بئر، غير أمية أو أبى، فإنه كان رجلا ضخما، فلما جروه تقطعت أوصاله قبل أن يلقى في البئر.
22 ـ باب إثم الغادر للبر والفاجر
3222 ـ حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله.
3223 ـ وعن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لكل غادر لواء يوم القيامة ـ قال أحدهما ينصب وقال الآخر ـ يرى يوم القيامة يعرف به ".
3224 ـ حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " لكل غادر لواء ينصب لغدرته ".
3225 ـ حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة " لا هجرة ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا ". وقال يوم فتح مكة " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاه ". فقال العباس يا رسول الله إلا الإذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم. قال " إلا الإذخر ".