بتـــــاريخ : 10/23/2008 4:36:41 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1633 0


    عائشة..نجمة الشمال.

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : omar_uosif2005 | المصدر : forum.merkaz.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة عائشة نجمة الشمال

    في16/1/2007هوجمت الجامعة المستنصرية بثلاثة أنتحاريين.....مات أكثر من سبعين طالبة وطالب وجرح عشرات أخرون ..وعائشة..... كانت واحدة من السبعين,,

    مبارك رحيلك يا عائشة..يا أيتها الطفلة الحلوة..يا أيتها الوردة..يا أيتها الصبية النقية يا من لم تدنسك الحياة ..ولم تدنسي نفسك بها. أني ألان أقول لك ومن كل قلبي.: هنيئا لك رحيلك نقية عن مقبرتنا الكبيرة..لقد أحببناك إلى درجة أننا لم نجد شيء أكثر من الموت نتمناه لك. كانت عائشة الوردة الوحيدة بين خمسة أخوة..كانت مدللة..فهي وردتهم! كانت اصغر العائلة وكانت بمثابة أختي الصغيرة أيضا. عائلتها تسكن قريبة منا ,وأخوها الأوسط (غسان) صديقي, كنا نجلس سوية ندردش في كل شيء وكانت هي من يجلب لنا صينية الشاي..كنت أمزح معها دائما وأخبرها أن هناك شيء ما يعترض طريقها وأنها ستتعثر وتقع هي و والصينية!..وبرغم أنها تعرف أن كلامي غير صحيح إلا إنها كانت ترتبك ويحمر وجهها الصغير , فينقذها دائما أخوها غسان ويأخذ منها الصينية فنضحك كثيرا وهي تتركنا هاربة وخلفها تركض ضفائرها! بعد سفر غسان لم اعد أراها كثيرا إلا مصادفة..كانت في كل عام تكبر وتصبح أحلى..كانت عائشة تمتلك ذلك الجمال الطاهر والخجل الحلو..كانت تسلم علي بخجل حين نلتقي في أحد تلك المصادفات في الشارع ..كنت أسألها عن أحوالها الدراسية وأن كانت بحاجة إلى مساعدتي إلى آخره..لم أرها منذ زمن طويل ,ولكن آخر مرة رأيتها فيها كان في صبيحة ذلك اليوم المشؤوم..استيقظت مبكرا بعد ليلة شتوية طويلة.... ذهبت إلى الفرن القريب كي اشتري خبزا حارا وفي نفس الوقت أتمشى قليلا..كان صباحا باردا...مر الباص الذي يوصل عائشة وزملائها وزميلاتها إلى الجامعة ..فقد كانت في مرحلتها الأولى من دراستها الجامعية..كنت أرى ضحكتها السكرية وهي تلوح لي.....رفعت يدي..لوحت لها وقلت: عائشة!! ترجم البرد..أسم عائشة إلى بخار.. ولم أعلم أن اللهيب سيترجم جسدها اليوم..... إلى رماد !..حزنت وبكيت من أجلك كثيرا يا عائشة!! يا أختي الصغرى!..لم تكبري في عيني فأنتي مازلتِ تلك الطفلة ذات الضفائر السوداء الطويلة, ووجهك القمري وثوبك الأبيض المرصع بالورود ورموشك الأبرية.. وكفيك الصغيرتين..وأصابعك السمينة وأظافركِ المصبوغة دوما ورسغك المليء بالأساور حتى انك حينما كنتِ تتحركين فكأنما فرقة نحاسية تعزف في يديكِ!..في نهاية ذلك اليوم لم استطع النوم..كنت أراك في كل مكان!! شربت الكثير من الحبوب المهدئة ولم أعد أميز بن الحلم والحقيقة!..ولكن وكأني تحولت إلى هيولى..روح....أثير.أعيش خارج الزمن والحواس.. ..وكأني عدت بالزمن إلى ظهيرة يوم رحيلك وفي نفس المكانِ!...وقفت قرب ذاك المكان الذي تتجمع فيه السيارات التي تعيد الطلبة إلى منازلهم...وقفت قليلا..ورأيتك تأتين من بعيد.........من بعيد... رأيتك يا طفلتي..رأيتك بتنورتك السوداء المحتشمة وقميصك الأبيض وسترتك الجلدية الأنيقة..وأنتِ تظمين حافظة أوراقك إلى صدرك وذراعاك متصالبتان عليها.. وابتسمت أنا حينها...لماذا؟ لان الأساور مازالت في معصمك! وكفك الصغيرة تعتصر منديلا ورقيا ابيض وكأنه وردة بيضاء..هل تحملين زهرة الموت ؟أما وجهكِ الطفولي ببشرته الناصعة مثل القطن ,فقد توردت وجنتاه بفعل البرد..وشعرك الفاحم لم يعد طويلا !..لم انتبه لذلك! أين ذهبت ضفائرك؟..ولكن هذا لا يهم لان شعركِ في النهاية سيحترق مثل خيوط النايلون..كنتِ تنظرين إلى الساعة المجهرية في يسراك وتحثين الخطى..هل تأخرتِ على الباص يا حلوتي؟ يا صغيرتي تأخري قليلا!..عودي إلى الجامعة! لا تتركي شظايا الحقد تمزق جسدك النقي!..ولكن من يسمعني؟ أراكِ تركضين إلى مكان التجمع وتقفين.. حاولت أن اهمس في أذنك !..أصيح في أذنك! ولكن لا فائدة فأنا خارج الزمن والحواس!...أنهم الطلبة بملابسهم البسيطة و قلوبهم الوردية وعيونهم المليئة بالأمل...... ولكن لا بد أن يكمل القدر ما بدأه ,..هاهي سيارات الحقد تراقب من بعيد..تعطي أوامرها إلى الانتحاري الأول...جاء بسيارته بهدوء..(كل العمليات الانتحارية في العراق يمكنني أن أجد تفسيرا لها حتى تفجير الأسواق بمن فيها..ولكن كيف لهم أن يقنعوا شخصا ما بتفجير نفسه وسط الطلبة؟)..أني أراه يمد يده إلى زر التفجير..ويتمتم بعبارات الموت..ويفجر سيارته فتحدث لهيبا هائلا يتبعه صوت يفجر الأذن !! اللهب يمتد عشرات الأمتار في كل الاتجاهات!!!!كان الانفجار بعيد بعض الشيء عن عائشة..من مات مات ومن تقطعت أوصاله فقد تقطعت... وهرب ما تبقى من الطلبة بالاتجاه الآخر..ركضوا بجنون وبلا وعي. فدفعوها..دفعوا عائشة..عائشتي ..أختي الصغيرة ..الفتاة الحلوة..وقعت على الارض وأنكشف جسدها الطاهر!!..... من أجل هذا فقط يستحقون أن تعلق جثث أولئك المجرمين على أعمدة الكهرباء! .. بعد ثواني حاصرهم انفجار أخر من نفس الجهة التي هربوا أليها!..كان تخطيطا شيطانيا!...عاد الهاربون إلى نفس المكان ..كانت عائشة حينها تبكي من الفزع والخجل..في نفس اللحظة التي رفعت فيها عائشة يدها كي تصلح شعرها ركض الانتحاري الأخير إلى وسط الطلبة الهاربين من النارين..وفجر نفسه!!! فجرها على بعد متر واحد من عائشة...فاشتعلت معه.و.ذابت عائشة. وأحترق شعرها في نفس اللحظة.ورأيت روحها تصعد..تصعد مع عشرات الأرواح.. وهي تلوح لي...ناديتها عااااااااااائششششششششة أين تذهبين؟؟!!( كنا نرى بعضنا فكلانا كان قد تخلص من جسده!)...نظرت ألي وكانت تبتسم.. ورفعت إصبعها إلى مكان ما في السماء وقالت: سأكون نجمة هناك و يوما ما, أمام الله, سأشهد..وأكون شهيدة !! تركتني وطارت إلى هناك..حيث لا يوجد ظلم..ومنذ تلك اللحظة اخترت نجمة ..كانوا يسمونها نجمة الشمال... أما ألان فأنا أسميها.....نجمة عائشة
    منقول الى الكتب العراقيه نبيل العراقي

    كلمات مفتاحية  :
    قصة عائشة نجمة الشمال

    تعليقات الزوار ()