منفيٌّ
|
حيث تُقَشَّرُ عن جلدك رائحةُ الأرض
|
وتبتلُّ ملابسُك بماءٍ مالح
|
ما أعمقَ حزنك
|
أصبحتَ نخيلاً مهجوراً من سعف الرؤيا
|
صارت دنياك جداراً تتسلّقه
|
لا تملكُ إلاَّ أن تزعقَ للماضي
|
والحاضر
|
أما المستقبل
|
فقبورٌ لن تبعثَ منها حيّا
|
لا تملكُ إلاَّ
|
أن تصرخ كفُّك بشعاراتٍ
|
تكتبها حتى المللِ .
|
...
|
منفيُّ
|
جَرُّوكَ من الخارطة بسفن الرفض
|
فارتبكَ سلاحُك
|
وانْهَارَ رصاصاً فوق البحر
|
اخترقَتْ كُوفِيَتَكَ الطلقات
|
نَزَفَ الطينُ طويلاً منها بين يديّ البحر
|
شَكَّلَهُ جُزُراً أحياناً
|
وأحياناً " قُوبَاءَ " على جلدك
|
فسماؤك ذَبُلَتْ
|
أرختْ زرقتَها بجمودٍ فوقك
|
فتهدَّلَ نهدُ الشمسِ
|
بليداً
|
كالحرباء .
|
...
|
ما أصعب أن يصبح ضوءُ العالَم
|
جِلْدَ عجوز ٍمُتَرَهِّل
|
لا تنفذُ منه الآمال
|
ما أصعب أن تنكشط رؤاكَ بسكين ٍ حاد
|
ليعروك أمام الناس
|
فَتُقْصَفُ بلداً ... بلداً
|
قلباً ... قلباً
|
وطموحك
|
محفوظٌ في صندوق زجاجٍ قرب سريرك
|
تستيقظ كل صباحٍ محدوداً
|
والشلل التام
|
رغيفٌ أسود
|
تأكله رغماً عنك
|
لا بأس
|
جدران الغرفة لا زالت
|
تحفظ خارطةً لبلادك
|
علماً منفرشاً
|
وبعض الصور الرطبة
|
لا تتضايق من نفسك
|
انزعْ كفيّك وعلِّقْها
|
في أقرب مسمارٍ كوفيةَ مُنْهَك
|
لترتاح من التلويح
|
لبلادٍ لم ترها .
|
...
|
منفيٌّ
|
والمنفى أرضٌ لصراعك مع مجهول
|
يا صاح
|
كَفَّايَ ضباب
|
محراثٌ في أرضٍ صلبة
|
عصفورٌ مقطوعُ الرأس
|
المنفى خنجر
|
فاربطْ كفّيك وراء الظَّهْر
|
لتثيرَ العالمَ بظهورك
|
مرسوماً في كل صباحٍ في الصحف اليومية
|
افتحْ لوحاتِك بالقوّة
|
ألصقْها فوق الصدر
|
فصدري : معرضُكَ الخافقُ بالشوق
|
والمتجوّل أبداً بالأشعار
|
الواقيةِ من الطعن .
|
...
|
عيناكَ حصاد
|
يستوعبُ كلَّ حقول العالم
|
ويوقِّعها
|
أعلى كلِّ قصيدة .
|
...
|
شعورك صعبٌ أن يُعْلَن
|
عَلِّقْهُ كمفتاحٍ في رقبتكَ لبابٍ مجهول
|
صَدِّقْنِي
|
أخشى أن يصدأ
|
فتظلُّ حياتُكَ مُوصدة القلب
|
آهٍ لبيوتٍ لم تُفْتَحْ بعد رحيل
|
الأقفالُ عتيقة
|
تتورّم صدأً
|
ونحن هنا
|
نتورّم غربة .
|
...
|
مسكينٌ باب الدار
|
يلحسهُ البردُ صباحَ مساء
|
هَزُلَ المسكين
|
وقفَ كثيراً ينتظرُ الآتين بلا جدوى
|
وتراخى على عكاز الزمن القاسي
|
وهو يراقب وطناً يُبْنىَ داخل قلبي
|
من بذرة عشق
|
وطناً يُبني بدموع الشوق
|
قد طالَ رحيلُك أزماناً
|
والباب على العكاز انهار
|
ارحمهُ
|
أطلقْ كوفياتِك نحوه
|
مسكينٌ باب الدار
|
لم يسمعْ دقاتِ القلب المتواصل نحوه
|
جَفَّتْ أوردته
|
تجعّد
|
نخرتْهُ السوسةُ
|
فانْهار .
|
...
|
يا بابَ الدار
|
يا ذا المصنوع – بعشق ٍ–
|
من لحم الأهل
|
وشوق الأهل
|
ودقات أيادي الأطفال
|
أفتحْ
|
لننام
|