شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بشرح معانيها مع بيان شروط لا إله إلا الله ، ومعناها (لا إله) نافيا جميع ما يعبد من دون الله ، (إلا الله) مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له .
ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الدرس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعلنا نتناول المراد على النحو التالي :
أولا : مكانتهما : هاتان الشهادتان هما الركن الأول من أركان الإسلام ، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا . 
.
فكلمة التوحيد هي أساس الدين وحصنه الحصين وهي أول واجب على العبد ، وقبول جميع الأعمال متوقف على النطق بها والعمل بموجبها .
ثانيا : معناها : لا معبود بحق إلا الله ، ولا يجوز أن يقال : لا خالق إلا الله ، أو لا موجود ، أو لا رازق إلا الله ، لأمور منها :
- أن كفار قريش كانوا لا ينكرون أنه لا خالق إلا الله ومع ذلك لم ينفعهم ذلك . وهم يفهمون معناها لذلك أنكروا على الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لهم قولوا لا إله إلا الله . ونحن نعجب في هذا الزمان ممن يقولون لا إله إلا الله ولا يعرفون معناها ويدعون مع الله غيره من الأولياء وأصحاب القبور ، ويقولون نحن موحدون والله المستعان .
ثالثا : أركانها : للشهادة ركنان :
الأول : النفي في قوله : (لا إله) .
الثاني : إثبات في قوله : (إلا الله) .
فلا إله نفت الألوهية عن كل ما سوى الله ، و(إلا الله) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له .
رابعا : فضل لا إله إلا الله : فلها فضائل عظيمة ، ولها عند الله مكانة رفيعة من قالها صادقا أدخله الله الجنة ، ومن قالها كاذبا حقنت دمه وأحرزت ماله في الدنيا والآخرة وحسابه على الله- عز وجل- وكان له حكم المنافقين .
وهي كلمة وجيزة اللفظ ، قليلة الحروف ، خفيفة على اللسان ، ثقيلة في الميزان .
ولهذه الكلمة العظيمة فضائل كثيرة ذكر جملة منها الحافظ ابن رجب - رحمه الله- في رسالته المسماة : ((كلمة الإخلاص)) واستدل لكل فضيلة ، ومنها :
- أنها ثمن الجنة ، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ، وهي نجاة من النار وهي توجب المغفرة ، وهي أحسن الحسنات ، وهي تمحو الذنوب ، وهي تخرق الحجب التي تصل إلى الله- عز وجل- ، وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها ، وهي أفضل ما قاله النبيون ، وهي أفضل الذكر ، وهي أفضل الأعمال ، وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب ، وتكون حرزا من الشيطان ، وهي أمان من وحشة القبر ، وهول المحشر ، وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم . ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ، ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد وأن يخرجوا منها
.
خامسا : أن شهادة أن محمدا رسول الله تقتضي الإيمان به . وتصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، والانتهاء عما عنه نهى وزجر ، وأن يعظم أمره ونهيه ، ولا يقدم عليه قول أحد كائنا من كان .
سادسا : ليعلم أن من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق ، كما روى ذلك عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم . أدخله الله الجنة على ما كان من العمل .
وأما شروط لا إله إلا الله فهي : العلم المنافي للجهل ، واليقين المنافي للشك ، والإخلاص المنافي للشرك ، والصدق المنافي للكذب ، والمحبة المنافية للبغض ، والانقياد المنافي للترك ، والقبول المنافي للرد ، والكفر بما يعبد من دون الله .
ذكر العلماء أن لكلمة الإخلاص شروطا سبعة وبعضهم يعدها ثمانية كما فعل المؤلف حفظه الله .
الأول : العلم : فإذا علم العبد أن الله- عز وجل- هو المعبود وحده وأن عبادة غيره باطلة ، وعمل بمقتضى ذلك فهو عالم بمعناها . قال تعالى :
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ 
وقال تعالى :
إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة 
.
الثاني : اليقين : فيجب على من أتى بها أن يوقن قلبه ويعتقد صحة ما يقول من أحقية إلهية الله- تعالى- ، وبطلان إلهية من عداه ، قال تعالى :
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 
. وكما رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من لقيت خلف هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها من قلبه فبشره بالجنة 
.
الثالث : القبول : أي يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، قال تعالى :
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا 
.
الرابع : الانقياد : وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه هذه الكلمة العظيمة ؛ فهو الاستسلام والإذعان ، قال تعالى :
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ 
وقال تعالى :
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى 
.
الخامس : الصدق : وذلك بأن يصدق مع الله في إيمانه ، صادقا في عقيدته ، صادقا في أقواله ، صادقا في دعوته ، قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ 
.
السادس : الإخلاص : وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله ، وابتغاء مرضاته ليس فيها شائبة ، قال تعالى :
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ 
وكما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
أسعد الناس بشفاعتي من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه 
.
السابع : المحبة : وذلك بأن يحب هذه الكلمة وما دلت عليه واقتضته ، فيحب الله ورسوله ، ويقدم محبتهما على كل محبوب ، قال تعالى :
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ 
.
الثامن : الكفر بما يعبد من دون الله : كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله 
.