جمع الصلاة وقصرها أثناء الحج
المسافر للحج له أن يجمع الظهر والعصر جمع تقديم ، أو جمع تأخير حسب ظروف سفره ، فإن ارتحل بعد الظهر جمع جمع تقديم ، وإن ارتحل قبل الظهر أخر الظهر حتى يصليها مع العصر مجموعتين جمع تأخير بعد العصر إن ظلت القافلة مسافرة إلى ما بعد العصر ، وله مع الجمع أن يقصر الصلاة الرباعية فيصلي الظهر ركعتين وكذلك العصر والعشاء وبعضهم يرى القصر واجبا وليس مباحا فقط والراجح أنه سنة .
ويظل المسافر يقصر ويجمع حتى يصل إلى بلد ينوي الإقامة فيه أربعة أيام غير يوم الوصول ويوم الخروج للسفر ، فإن نوى الإقامة في بلد هذه المدة فإن عليه أن يتم الصلاة ويمتنع من جمعها وقال الأحناف : لا يتم الصلاة إلا إذا نوى الإقامة خمسة عشر يوما في أي بلد من البلاد غير وطنه ، أما وطنه ، فلو وصل إليه فإن الجميع متفقون أن يتم الصلاة ولو لم يبق فيه إلا وقتا واحدا .
والأحناف لا يبيحون جمع الصلاة إلا في عرفة ومزدلفة ، يوم عرفة وليلة النحر كما سنتكلم عنه .
والسفر الذي يبيح القصر والجمع هو ما تساوي مسافته حوالي 80 ك . م عند بعضهم ولكن الرأي القوي هو أن كل ما يعتبر سفرا عرفا فهو الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية السابقة .
كما أنهم اتفقوا على أن المسافر يتم وجوبا في إحدى ثلاث حالات :
(1) : أن يعود إلى وطنه . (2) : أن يعود إلى المكان الذي سافر منه . (3) : أن يصلي وراء من يتم الصلاة .
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة خطب الناس ، بعد زوال الشمس ، وبعد الخطبة أذن بلال ثم أقام فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ، وصلاهما مقصورتين .
فدل ذلك على أمور منها :
(1)
|
جواز الجمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وهو سنة بإجماع المسلمين . |
(2)
|
للظهر والعصر المجموعين أذان واحد وإقامتان ، وبذلك قال الأحناف والشافعية وهي رواية عن أحمد ، وقال مالك : يؤذن لكل صلاة ويقيم ، والحديث حجة عليه . |
(3)
|
يكون الأذان بعد خطبة عرفة التي يبين الإمام للناس فيها ما يطلب منهم في هذا اليوم وفي الليلة التي تعقبه واليوم الذي يليه ، وقيل غير ذلك . |
(4)
|
تكون القراءة سرية في صلاة الفرضين . |
(5)
|
لا تنفل قبلهما ولا بينهما ، فإن اشتغلوا بين الصلاتين بصلاة نافلة ونحوها أعادوا الأذان للعصر . |
(6)
|
لا يشترط لجواز الجمع بعرفة إلا الإحرام بالحج في العصر ، وعلى هذا أكثر الأئمة وهذا الجمع جائز لكل من بعرفة سواء أكان من سكان
مكة ، أم من سكان منى أم من غيرهما ممن حضروا من أقصى البلاد ، لأنه جمع سببه الحج وليس سببه السفر ، وهو رأي أكثر الفقهاء خلافا لبعض الشافعية . |
(7)
|
يقصر المصلون الصلاتين فيصلون كلا منهما ركعتين ، وذلك خاص بالمسافرين إلا عند مالك فإنه يرى أن القصر أيضا سببه هنا الحج وليس السفر ، والحق أن المسافة التي بين مكة وعرفات وهي 25 ك . م تعتبر مسافة سفر عرفا فلهم القصر مثل غيرهم ، كما أن القصر في هذا اليوم قد يكون سببه الحج . فليكن ذلك واضحا حتى يشعر الجميع بيسر الدين . |
(8)
|
كان يوم عرفة عام حجه صلى الله عليه وسلم يوم جمعة ، ولم يصل يومها جمعة ؛ بل صلى ظهرا كما في حديث جابر الذي رواه مسلم وغيره . |
إذا وصل الحاج إلى مزدلفة بعد غروب الشمس من يوم النحر فإن عليه أن يجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير بأن يؤخر المغرب حتى يصليها بعد وجوب العشاء لا قبله ، ويصلي المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين ، ولا يتنفل بينهما . هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه .
والجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء يوم عرفة واجب عند الأحناف ، سنة عند غيرهم .
وهذا الجمع للسفر عند أبي يوسف والشافعي وأحمد ، فلا يجمع إلا مسافر ، وعند أبي حنيفه ومالك : الجمع للحج لا للسفر .
المُحَصَّبُ مثل مُحَمَّدٍ عبارة عن واد بين جبل الثور والحجون ويسمى
الأبطح ، والبطحاء ، وخيف بني كنانة ، ويسن للحاج النزول به إذا نفر من منى إلى مكة يوم الثالث عشر من ذي الحجة ويصلي فيه الظهر والمغرب والعشاء ، ويهجع هجعة ليلة الرابع عشر ، ثم يدخل مكة ، ويطوف طواف الوداع لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع . وهذا لمن أمكنه ذلك وكان يسيرا عليه بلا مشقة ولا تكلف .
والمحصب هو المكان الذي تقاسم فيه الكفار على بني هاشم أن يقاطعوهم سياسيا واجتماعيا وماليا أيام نشأة الدعوة بمكة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم