الاشتراط في الإحرام أن يقول مريد الإحرام : اللهم إني أريد الحج ، أو العمرة ، أو الحج والعمرة معا ، ومحلي حيث تحبسني .
وله أن يقول بالمعنى : اللهم إني أريد العمرة ، أو الحج ويكون خروجي من الإحرام في أي مكان حبستني فيه ومنعتني من الإكمال .
فإذا قال ذلك ، واشترط أن له أن يفك إحرامه إن وجد مانعا من إتمام العمرة أو الحج ، فإنه إذا عرض له مانع مثل المرض ، أو الحبس ، أو نفاد النفقة ، أو وجود عدو ، أو قطع طريق إلخ فإنه يستفيد من الاشتراط فائدتين
(الأولى) أنه إذا عاقه عائق فإن له أن يتحلل .
(الثانية) أنه متى حل بذلك فلا دم عليه ولا صوم .
وهذا الاشتراط قال به جماعة من الصحابة ، وجماعة من التابعين ، وإليه ذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور ، وقال الشافعي : لو ثبت حديث عائشة في الاستثناء لم أعده إلى غيره . وقد ثبت الحديث المذكور كما ثبت غيره ، ولا مقال لأحد بعد ثبوت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيستحب الاشتراط وإليك الأدلة .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ضباعة بنت الزبير (بن عبد المطلب) قالت : يا رسول الله ، إني امرأة ثقيلة ، وإني أريد الحج فكيف تأمرني أن
أهل ؟ فقال : أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني قال فأدركت
رواه الجماعة إلا البخاري وللنسائي في رواية :(فإن لك على ربك ما استثنيت) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها : لعلك أردت الحج ؟ قالت : والله ما أجدني إلا وجعة فقال لها : حجي واشترطي وقولي : اللهم محلي حيث حبستني كانت تحت المقداد بن الأسود
متفق عليه
وروى أحمد رواية مماثلة عن عكرمة عن ضباعة .
(هذا) والاشتراط جائز عند القائلين به سواء أكان المشترط مفردا ، أو متمتعا ، أو قارنا
وأصل الاشتراط أن يكون منطوقا وملفوظا به عند الإحرام فإن نوى الاشتراط ولم يتلفظ به فهناك احتمال أن يصح ذلك ، واحتمال آخر بأن الاشتراط لا يصح ، والإحرام صحيح .
عرفنا أن الذي يريد الإحرام له أن يحرم بالحج أو بالعمرة ، أو بهما معا ، وهذا يسمى التعيير ، في الإحرام ، وهو مستحب عند مالك وأحمد وأحد قولي الشافعي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عين عند إحرامه ، وأرشد الصحابة إلى التعيين .
أما الإطلاق فمعناه أن ينوي أن يصير محرما صالحا لأداء النسك ، سواء أكان حجا ذلك النسك ، أو عمرة ، أو هما معا ، وهو جائز وينعقد به
الإحرام صحيحا ؛ لأن الإحرام يصح مع الإبهام - وسيأتي بعد هذا - فيصح عن باب أولى مع الإطلاق ، وبعد أن يحرم إحراما مطلقا يصير مخيرا في أن يصرف الإحرام بعد ذلك إلى أي نسك من الأنساك الثلاثة ، قبل البدء في أي عمل آخر من أعمالها ، فله أن يصيره إلى العمرة ، أو الحج ، أو القران ، والأولى إن كان في أشهر الحج صرفه إلى العمرة ؛ لأن التمتع أفضل ، وإن بدأ في عمل كالطواف بدون تعيين ، فإنه لا يعتد به إلا بعد التعيين .
يصح الإبهام عند الإحرام . وهو أن يقول : اللهم إني أحرم بما أحرم به فلان ، وأنوي ما نواه ، كما فعل سيدنا علي حين قال : أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم هو لا يخلو أمره بعد ذلك من أحد أحوال أربعة
(أحدها)
|
أن يعلم ما أحرم به فلان ، فإذا علم انعقد إحرامه بمثل إحرام فلان هذا . |
(الثاني)
|
أن لا يعلم ما أحرم به فلان ؛ فيكون حكمه حينئذ أن يصرف الإحرام إلى أي نسك ، من الأفراد ، أو التمتع ، أو القران ، وهذا عند أحمد ، وقال أبو حنيفة : يصرفه إلى القران ، وهو قول الشافعي في الجديد ، وقال في القديم يتحرى فيبني على غالب ظنه . |
(الثالث)
|
أن لا يكون فلان هذا قد أحرم ، فحكمه حينئذ حكم ما قبله (الحالة الثانية) . |
(الرابع)
|
أن لا يعلم هل أحرم فلان أم لا ، فحكمه حينئذ حكم الحالة الثانية أيضا ومن أحرم بنسك ثم نسيه فإن شأنه كذلك مثل الحالة الثانية.. |
وإن أحرم بحجتين أو عمرتين ، فإن الإحرام ينعقد بواحدة والثانية تعتبر لاغية عند مالك ، والشافعي وأحمد ، وقال أبو حنيفة : ينعقد بهما ، فيؤدي واحدة ، وعليه قضاء الأخرى .