بتـــــاريخ : 10/15/2008 9:09:17 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 941 0


    تفاحة كبيرة عفنة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. رياض الأسدي | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة تفاحة كبيرة عفنة

     
     
    فراء ثعلب أبيض طوق الصدر والظهر نصف العاري ، خطوات حادة وثابتة على ممر رخام إيطالي لاصف ، أضواء كاميرات خاطفة ، وصيحات معجبين ومعجبات على الجانب الآخر من الشارع : هاآآي ، هاآآي . الحذاء المصنوع من جلد التمساح والحقيبة السوداء الصغيرة المرصعة بزمرد شرقي نادر . هاهي ترقب بوابي الفندق الفاخر الصينيين الذين تعلموا فن الاستقبال والانحناء الآليين ، ابتسمت لهم كما هو اتكيت الدخول ، في وقت ذهب رجال حمايتها يهيئون الطريق متراكضين على بعد مسافة ، لقد حذرتهم من عدم تجاوزها لأنها لا ترغب برؤيتهم وهم يتراكضون قبالتها مثل ذئاب برية لاهثة .
     

     

    عيناها صفراوان غريبتان وشعرها كتكوتي قصير . حينما وزنت نفسها قبل أسبوع ، أخبرها طبيب التجميل الخاص بها ، بأن لديها ثلاثة كيلو غرامات زيادة على وزنها الجمالي وهو لا يتلاءم والمقاسات العالمية . ابتسمت ، ولم تهتم لأول مرة ، فحذّرها من أن تؤثر زيادة أخرى على جاذبيتها وسحرها ، ثم قدم لها سلسلة من النصائح في تناول الأغذية النباتية والتقليل من التدخين والسهر وتناول الكافيار .

     

    كان يضرب المثل دائماً بضيق خصرها وآخر مرة أخبرها (ج)وهو يقبلها في حوض الليموزين الخلفي ؛ بأن خاتم سليمان وضع على مقاس خصرها ، وهو يحتضنها بشدة ، قالت :

     

    -         هل المكان ملائم يا سيدي ؟

     

    -         لا .

     

    -         سأوافيك في أي مكان وزمان تختاره أذن .

     

    -         لا . أيضا .

     

    -         هنا ..؟

     

    -         هنا !

     

    هوس آخر كل ما كان . وما أن اقتربت من المصعد الخاص لكبار رجال الأعمال في الفندق حتى شعرت برغبة غريبة في البكاء ، وسالت على حين غرة دمعة هاربة ، وحاولت أن تمنع نفسها من الشهيق ، لكنها لم تستطع ، شعر بذلك خادم المصعد القصير الذي ضغط على زر سري لينفتح الباب سراعاً وقال :

     

    -         أأنت بخير سيدتي ؟

     

    كادت أن تنهار .

     

    -         .....

     

    -         هل استدعي الطبيب ؟

     

    -         ......!

     

    -         بم يمكنني أن أخدمك ؟ أأنت على ما يرام ؟

     

    -         اسكت !

     

    وحيدة في ذلك الصندوق الكهربائي الصاعد بقوة ، أرقام الطوابق الضوئية الحمر جازت الخمسين ، لم تشأ أن تستخدم شفرة الطابق السري . وأستمر المصعد بالارتفاع . تمالكت نفسها قليلاً وبحثت عن الرقم السري في حقيبتها : كان سهلاً وبسيطاً تماماً : (16 س م ) وما أن طلبت ذلك ، حتى توقف المصعد فجأة ، وعاد الى النزول من جديد . أخبرها (ج) بأن الرقم السري يتغير كل شهر تقريباً ، أنه الجناح الخاص لأهم رجل في دعابات العالم . وقالت في سرها : ليذهب ، كل شيء ، الى الجحيم !!

     

    عندما فتح الباب عند الجناح السري استقبلها رجل اسود بابتسامة بيضاء عريضة ، وتذكرت بأنها رأت صورته آخر مرة على غلاف إحدى مجلات الفضائح الاجتماعية . لم تبتسم له ، قال : من هنا ، سيدتي !. هتفت :

     

    -         هل ما زال أمامي المزيد من المتاهات ؟

     

    -         لا ، سيدتي . آسف .

     

    -         آووه ! .

     

    وسار أمامها ضاغطاً على نحو سريع على مكان ما من الحائط ، ولا تعرف إن كان قد همس بكلمة سر ، أو حرّك شيئاً ما . قالت :

     

    -         رأيت صورتك ، قبل ... أسبوع ...؟

     

    -         صورتي ؟

     

    -         في المجلة ..

     

    -         أوه ، لا ، لا شك بأنك مخطئة ! ربما رجل يشبهني نوعاً ما .

     

    -         أيها اللعوب !

     

    -         آسف مرة أخرى .

     

    في الجناح الخاص كل شيء هادئ ، تماما مثلما طلبت : أثاث شرقي وأرائك مخملية ووسائد براقة ، وعطر نفاذ ، وصوت عزف عود خفيف . كانت اللوحات التي زينت الجدران لفنانين مستكشفين من القرن التاسع عشر .. عرفت رساميها بسرعة لأنها قد حضرت في مزادات اللوحات النادرة في السنوات الأخيرة ، وحينما دققت فيها ملياً ، عرفت ، بأنها لوحات قد قلّدت على نحو بارع ! مطت شفتيها ، وتنهدت ، من جديد ، ها هم من جديد ..

     

    الفراش الوثير والمرايا المقوسة ، وبدلات السموكن الرجالية ، خزانة ملابس نوم نسائية مسلفنة : هنا يأتي الأصدقاء الواحد تلو الآخر ، تلو الآخر ، تقريباً ؛ (ج) وحده ، من يكسر القاعدة يأتي في أي وقت يشاء ، الابتسامات نفسها ، واللقاءات نفسها ، والوداعات نفسها أيضاً ، ثم لاشيء بعد ذلك ، لاشيء تماماً : الشعر المنفوش على المرايا العارية ودخان السجائر ورائحة الشمبانيا النادرة .

     

    قالت :

     

    -         وداعاً .

     

    -         وداعاً !.

     

    -         متى نلتقي في المرة القادمة ؟

     

    -         يتعلق ذلك بظروفنا ..

     

    -         آه . ما أصعب تلك الكلمة ..

     

    -         أجل ، ما أصعبها !

     

    ترى هل يتأخر (ج) هذه الليلة ؟ أنه أهم شخصية في اجندة أصدقائها ، أحياناً ، يزرعها ليلة كاملة دون أن يفي بموعده ، ربما اعتاد حوض الليموزين الخلفي . لكنه لما يزل يطلب منها المجيء الى هذا الجناح في كل أول شهر تقريباً .

     

    -         هل يمكن تغيير المكان ؟

     

    -         أنه أفضل مكان لنا .

     

    -         رائحة الشرق !

     

    -         رائحة الشرق !

     

    -         أشعر بملل غريب ..

     

    -         هل ذهبت الى طبيب نفسي ؟

     

    -         لا .

     

    -         لماذا ؟ الأطباء النفسيون مهمون في هذه الأيام .

     

    -         هذه المدينة هي الفيروس القاتل .

     

    -         التفاحة ؟

     

    -         التفاحة !

     

    طالما شعرت بالحاجة الى هواء نقي تتشممه من شرفة منزلية واطئة . ضغطت على زر فتح الستارة ، فبدت المدينة مثل وحش ضوئي قابع . ستنتظر (ج) حتى الصباح إذن ، شهقت من جديد ، وشرعت بخلع ملابسها حتى تعرت تماماً ، ثم أطلقت الرصاص من مسدس صغير أخرجته من حقيبتها نحو ظهر الوحش

    كلمات مفتاحية  :
    قصة تفاحة كبيرة عفنة

    تعليقات الزوار ()