فراء ثعلب أبيض طوق الصدر والظهر نصف العاري ، خطوات حادة وثابتة على ممر رخام إيطالي لاصف ، أضواء كاميرات خاطفة ، وصيحات معجبين ومعجبات على الجانب الآخر من الشارع : هاآآي ، هاآآي . الحذاء المصنوع من جلد التمساح والحقيبة السوداء الصغيرة المرصعة بزمرد شرقي نادر . هاهي ترقب بوابي الفندق الفاخر الصينيين الذين تعلموا فن الاستقبال والانحناء الآليين ، ابتسمت لهم كما هو اتكيت الدخول ، في وقت ذهب رجال حمايتها يهيئون الطريق متراكضين على بعد مسافة ، لقد حذرتهم من عدم تجاوزها لأنها لا ترغب برؤيتهم وهم يتراكضون قبالتها مثل ذئاب برية لاهثة . عيناها صفراوان غريبتان وشعرها كتكوتي قصير . حينما وزنت نفسها قبل أسبوع ، أخبرها طبيب التجميل الخاص بها ، بأن لديها ثلاثة كيلو غرامات زيادة على وزنها الجمالي وهو لا يتلاءم والمقاسات العالمية . ابتسمت ، ولم تهتم لأول مرة ، فحذّرها من أن تؤثر زيادة أخرى على جاذبيتها وسحرها ، ثم قدم لها سلسلة من النصائح في تناول الأغذية النباتية والتقليل من التدخين والسهر وتناول الكافيار . كان يضرب المثل دائماً بضيق خصرها وآخر مرة أخبرها (ج)وهو يقبلها في حوض الليموزين الخلفي ؛ بأن خاتم سليمان وضع على مقاس خصرها ، وهو يحتضنها بشدة ، قالت : - هل المكان ملائم يا سيدي ؟ - لا . - سأوافيك في أي مكان وزمان تختاره أذن . - لا . أيضا . - هنا ..؟ - هنا ! هوس آخر كل ما كان . وما أن اقتربت من المصعد الخاص لكبار رجال الأعمال في الفندق حتى شعرت برغبة غريبة في البكاء ، وسالت على حين غرة دمعة هاربة ، وحاولت أن تمنع نفسها من الشهيق ، لكنها لم تستطع ، شعر بذلك خادم المصعد القصير الذي ضغط على زر سري لينفتح الباب سراعاً وقال : - أأنت بخير سيدتي ؟ كادت أن تنهار . - ..... - هل استدعي الطبيب ؟ - ......! - بم يمكنني أن أخدمك ؟ أأنت على ما يرام ؟ - اسكت ! وحيدة في ذلك الصندوق الكهربائي الصاعد بقوة ، أرقام الطوابق الضوئية الحمر جازت الخمسين ، لم تشأ أن تستخدم شفرة الطابق السري . وأستمر المصعد بالارتفاع . تمالكت نفسها قليلاً وبحثت عن الرقم السري في حقيبتها : كان سهلاً وبسيطاً تماماً : (16 س م ) وما أن طلبت ذلك ، حتى توقف المصعد فجأة ، وعاد الى النزول من جديد . أخبرها (ج) بأن الرقم السري يتغير كل شهر تقريباً ، أنه الجناح الخاص لأهم رجل في دعابات العالم . وقالت في سرها : ليذهب ، كل شيء ، الى الجحيم !! عندما فتح الباب عند الجناح السري استقبلها رجل اسود بابتسامة بيضاء عريضة ، وتذكرت بأنها رأت صورته آخر مرة على غلاف إحدى مجلات الفضائح الاجتماعية . لم تبتسم له ، قال : من هنا ، سيدتي !. هتفت : - هل ما زال أمامي المزيد من المتاهات ؟ - لا ، سيدتي . آسف . - آووه ! . وسار أمامها ضاغطاً على نحو سريع على مكان ما من الحائط ، ولا تعرف إن كان قد همس بكلمة سر ، أو حرّك شيئاً ما . قالت : - رأيت صورتك ، قبل ... أسبوع ...؟ - صورتي ؟ - في المجلة .. - أوه ، لا ، لا شك بأنك مخطئة ! ربما رجل يشبهني نوعاً ما . - أيها اللعوب ! - آسف مرة أخرى . في الجناح الخاص كل شيء هادئ ، تماما مثلما طلبت : أثاث شرقي وأرائك مخملية ووسائد براقة ، وعطر نفاذ ، وصوت عزف عود خفيف . كانت اللوحات التي زينت الجدران لفنانين مستكشفين من القرن التاسع عشر .. عرفت رساميها بسرعة لأنها قد حضرت في مزادات اللوحات النادرة في السنوات الأخيرة ، وحينما دققت فيها ملياً ، عرفت ، بأنها لوحات قد قلّدت على نحو بارع ! مطت شفتيها ، وتنهدت ، من جديد ، ها هم من جديد .. الفراش الوثير والمرايا المقوسة ، وبدلات السموكن الرجالية ، خزانة ملابس نوم نسائية مسلفنة : هنا يأتي الأصدقاء الواحد تلو الآخر ، تلو الآخر ، تقريباً ؛ (ج) وحده ، من يكسر القاعدة يأتي في أي وقت يشاء ، الابتسامات نفسها ، واللقاءات نفسها ، والوداعات نفسها أيضاً ، ثم لاشيء بعد ذلك ، لاشيء تماماً : الشعر المنفوش على المرايا العارية ودخان السجائر ورائحة الشمبانيا النادرة . قالت : - وداعاً . - وداعاً !. - متى نلتقي في المرة القادمة ؟ - يتعلق ذلك بظروفنا .. - آه . ما أصعب تلك الكلمة .. - أجل ، ما أصعبها ! ترى هل يتأخر (ج) هذه الليلة ؟ أنه أهم شخصية في اجندة أصدقائها ، أحياناً ، يزرعها ليلة كاملة دون أن يفي بموعده ، ربما اعتاد حوض الليموزين الخلفي . لكنه لما يزل يطلب منها المجيء الى هذا الجناح في كل أول شهر تقريباً . - هل يمكن تغيير المكان ؟ - أنه أفضل مكان لنا . - رائحة الشرق ! - رائحة الشرق ! - أشعر بملل غريب .. - هل ذهبت الى طبيب نفسي ؟ - لا . - لماذا ؟ الأطباء النفسيون مهمون في هذه الأيام . - هذه المدينة هي الفيروس القاتل . - التفاحة ؟ - التفاحة ! طالما شعرت بالحاجة الى هواء نقي تتشممه من شرفة منزلية واطئة . ضغطت على زر فتح الستارة ، فبدت المدينة مثل وحش ضوئي قابع . ستنتظر (ج) حتى الصباح إذن ، شهقت من جديد ، وشرعت بخلع ملابسها حتى تعرت تماماً ، ثم أطلقت الرصاص من مسدس صغير أخرجته من حقيبتها نحو ظهر الوحش