استوعبت عيناه ظلمة الغرفة واسترعى انتباهه صوت جلبة على السطح، تلاحقت دقات قلبه، كتم أنفاسه، تحسس مكان (جهازه الخلوي) حتى وجده على الطاولة المحاذية، اضائة الجهاز ملأت فراغات في زاوية الغرفة، الساعة الواحدة بعد منصف الليل، أنصت السمع، الصمت يخيم على المكان، حاول أن يغمض عينيها الا أن صوت الجلبة عاد من جديد.
استيقظت هواجسه وأخذت أسراب من الخواطر والتخمينات تضرب بجدران رأسه ويسمع صداها بخفقات قلبه وزفرات أنفاسه وشهقاتها...لا أظنه لصا، فليس لدي شئ يستحق العناء، ربما يكون لصا مغرر به، وصلته معلومات خاطئة أو أغرته أناقة ملبسي، ربما، لا لا أظن ذلك.
هل يمكن أن تكون ..؟ عندما وصل تفكيره لهذه النقطة كتم أنفاسه، وتضاعف عدد نبضاط قلبه، بدا للوهلة الاولى الامر منطقيا، الا أن اسئلة قفزت أمام ناظريه، لماذا يأتون الي؟ انني مسالم، لم أأذي أحدا أو أرجم جنديا أو حاجزا بحجر، حتى أني لم أخرج بمسيرة ضد الجدار العنصري، ووافقت على جميع اتفاقيات السلام من كامديفيد وطابا الى اسلو.
هل يكون البقال؟ جاء يسترد الديون التي تراكمت علي بسرقة شئ من منزلي المقفر، لا لا إنه انسان نبيل، يدخل البيوت من أبوابها، ثم إن الرجل طعن بالسن وهو أضعف من التسلق والمشي خفية.
غريب إذا، هل من الممكن أن...؟ صمت مبهوتا برهة من الزمن، ابتسم مع زفرة ساخرة، جمع اطراف الغطاء حول جسده الملسوع بالبرد، ومن بعيد صوت دبابة تمخر في الارض غارزة خلفها اثار دمار بيت اخر، وليس ببعيد عنه نصبت خيمات.