بتـــــاريخ : 10/14/2008 5:47:27 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1339 0


    لن يعثر علينا التاريخ

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : محمود إبراهيم الحسن | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :

     

    لن يعثر علينا التاريخ
     

     

     

     

       بعد أن عرفتني من أكون وما اسمي أدركت ُ الكثيَر من الحقائق، أدركتُ أن ذلكَالرجلَ الذي يتظاهر بالابتسام دائماً هو أبي، وأن تلك العجوز الطيّبة التي تلونتجبهتها القديمة بألوان خريفية هي (أمي الثانية).
       وجدتكَ دائماً بجانبي،ترافقني اكثر من ظلي، حتى ظننتُ أنك أنا وأنا أنت، كنا مكررين بعض الشيء، لكنكانوا يصفوننا بأننا عصفوران جميلان، ربما أحبوا التكرار هذه المرة لأن تكرارالعصافير يختلف عن تكرار كائنات أخرى تسمى البشر.
    في كل مرة تلامس فيهاأناملك الصغيرة الشباكَ قبلي، كنتُ أدركُ معنى الغيرة، لكنها غيرة ممزوجة بالحب،نعم عرفت أني أحبك كثيراً عندما وصلنا لأول محطة من الحزن، وكيف لا يغار من يحبفالغيرة بلا حب عمياء وسوداء ولا ترى الشمس في نهار تموز. 
      

     

    لكني عندما كنتُ أفوز عليك كان يجب أن تسمع الدنيا بأكملها بذلك، ربما لأني لستُ مألوفاً عند ذلك الشيء الذي يسمونه ”الانتصار"، لكن أبي دائماً كان يبسط الأمور كي لا يرتفع الدخان في سماء براءتنا، كان يصطحبنا معه كل عيد وكان كلانا - ببراءة الأطفال - ينتظر لهو الآخر ليسرق من كيسه، لكن ذلك لم يغير من نصيب كل واحد فينا، ذلك أن أمي كانت تجمع الكيسين في كيس ٍ واحد، وتوزعه علينا بالتقسيط حتى يدوم الطعم الحلو بين أضراسنا لمدة ٍأطول، أمي عادلة وليت كل حراس الأكياس مثلك ِ يا أمّي.

     

       تسابقنا كل ليلة من يغمض عينيه أولاً بناءاً على اقتراح أمي وأملاً بهدية ربما تنتظرنا في الصباح، كنا نتظاهر بالنوم ونسمع أبي يروي قصة النحس الذي يرافقه كل يوم، لم يجد وطناً حتى أدرك الخمسين من الفقر، وعندما لم نفهم شيئاً كنت أشد الغطاء نحوي فتشده أنت أيضاً حتى أضعنا جميع الجهات ولفحنا البرد .....

     

       في كل عام يشتري لنا أبي ملابس أكبر قليلاً من العام الذي سبقه، حتى كبرت أحجامنا وربما عقولنا وأصبح لزاماً علينا أن نشتري ثياباً تناسب أحجام رؤوسنا وجاهلية المستقبل الذي سيكون جميلاً، كما قالوا في التلفاز .

     

     

     

       لا أحب هذا الذي يسمونه "المستقبل"، ذلك لأنه لا يحترم المواعيد ..، ويجيد ُ الجري أمام الأحلام.

     

       هذا المستقبل الذي لولا انتظاره لما حُرمتُ منك َ، مذ رحلت َ وقريتنا مقاطعة لبضائع الفرح، والربيع جاء ولم يزُرْنا، جاء ثم رحل ولم يُلقِ علينا الزهور، ربما لأن الربيع لا يحب المتشائمين، أو ربما لأن الزهور لا تطيقُ أن يذهب عطرها في أنوفٍ جافة.

     

       كل ألواننا تتحول الى الأسود تدريجياً، والحياة ننظر إليها من النافذة وأنا أجلس وحيداً بانتظارك:

     

    (أبكي وأنتظر المطر)

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()