الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،،،
فحديثنا عن موضوع اليقين، وهذا الحديث يضمُ نقاطاً عدة:
أولًا: بيان معنى اليقين وحقيقته.
ثانيًا: ما الفرق بين العلم واليقين؟ وبين الصدق وبين اليقين؟ وبين الثقة وبين اليقين؟
ثالثاً: بيان منزلة اليقين من الدين.
رابعاً: اليقين في كتاب عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
خامساً: بيان مراتبه .
سادساً: بيان مراتب أهل اليقين .
سابعاً: اختبار اليقين.
ثامناً: بيان الطريق الموصل إليه .
تاسعاً: بيان الثمرات التي يجنيها من تحقق باليقين واتصف به وحصّله .
عاشراً: بيان ما ينافي اليقين ويضاده .
وأخيراً: السلف واليقين .
أولًا: معنى اليقين : اليقين ضد الريب والشك، فهو يتضمن سكون الفهم مع ثبات الحكم [انظر مجموع الفتاوى 5/570، المفردات للراغب [مادة: يقن] – ص552] . بحيث لا يحصل لصاحبه ترددٌ وتشككٌ وريبة وقلقّ في داخله، وإنما يكون ساكناً إلى هذا الاعتقاد، أو إلى مبدئه، أو إلى عقيدته ودينه، والأمور التي تيقنها، ولهذا قال من قال كالجُنيد: 'اليقين هو استقرار العلم الذي لا يحولُ ولا ينقلب ولا يتغير في القلب' [بصائر ذوى التمييز 5/397].فهو شئ ثابت راسخٌ فيه، وهو بهذا الاعتبار يكون بمعنى طمأنينة القلب وثبات واستقرار العلم فيه [انظر مجموع الفتاوى 3/329].
* ثم هذا اليقين ينتظمُ أمرين:
أحدهما: علم القلب .
والثاني: عمل القلب، كما فصل ذلك الشيخ تقي الدين ابن تيميه –رحمه الله تعالى-[انظر مجموع الفتاوى 3/329].
فالعبد قد يعلم علماً جازماً بأمر من الأمور، ومع هذا يكون في قلبه شئٌ من الحركة والاختلاج، بحيث إن هذا العلم لا يحمله على العمل الذي يقتضيه العلم في الأصل، حيث إن هذا العلم كان الواجب أن يثمر ويؤثر فيه تأثيراً عملياً سواء كان ذلك في قلبه، أو كان ذلك في جوارحه، فقد يوجد العلم في قلب الإنسان إلا أن صاحبه لا يصل به إلى مرتبة العمل بعد العلم . فالعبد -مثلاً- يعلم أن الله رب كل شئ ومليكه، وأنه لا خالق غيره، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذا قد تصحبه الطمأنينة إلى الله تعالى، والتوكل عليه، وقد لا يصحبه العمل بذلك: إما لغفلة القلب عن هذا العلم- والغفلة لاشك أنها من أضداد العلم، وأعنى بالعلم الذي تضاده الغفلة هو: العلم التام الذي يوجب الاستحضار الدائم المستمر- فيستسلم صاحب هذه الغفلة للخواطر إذا غفل عن الحقائق التي علمها واستقرت في قلبه، فإذا وقعت له غفلة؛ فإن الخواطر تجد طريقها إلى قلبه وإلى اعتقاده، وإلى ما يدين الله عز وجل به، وقد يلتفت العبد إليها.
وهكذا إذا قلنا إن العلم هو: طمأنينة القلب، وسكون القلب إلى هذا المعلوم؛ فإن هذا يكون في سائر الأبواب، فعلى سبيل المثال: إذا قلنا: 'اليقين بأمر الآخرة' إذا كان العبد يتيقن البعث والجزاء، والنشور، وما يكون في يوم القيامة، فإن هذا العبد إذا تيقن هذه الحقائق يقيناً تاماً؛ صار قلبه بمنزلة المشاهد لها كأنه يُعاينها.
وهذه حقيقة اليقين التي وصف الله تعالى بها أهل الإيمان في قوله تعالى:} وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ[4]{[سورة البقرة] .
فلا يحصل الإيمان بالآخرة – كما قال شمس الدين ابن القيم رحمه الله- حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر الله سبحانه به عنها، طمأنينته إلى الأمور التي لا يشك فيها ولا يرتاب، فهذا المؤمن هو المؤمن حقاً باليوم الآخر[الروح /221].
وهو الذي أثنى الله عز وجل عليه، ولهذا قال بعضهم: اليقين مشاهدة الإيمان بالغيب، فكما أن العين تشاهد الحقائق الماثلة أمامها في العالم المشهود عالم الشهادة؛ فإن اليقين هو مشاهدة الغيب بالقلب، فإذا وصل القلب إلى هذه المرتبة، وإلى هذا المستوى؛ فإنه يكون قد تيقن، وارتقى العبد بإيمانه، وصار بمنزلة عالية قد توصله عند الله عز وجل إلى أعلى المنازل.
ثانياً: ما الفرق بين العلم وبين اليقين؟ [انظر: بصائر ذوى التمييز [5/397]
لعله يتبين لكم مما سبق شئ من ذلك: فالعلم قد لا يحمل صاحبه على العمل والامتثال، وقد لا يصير العبد بهذا العلم بمنزلة المشاهِد للحقائق الغيبية، فقد يعلم باليوم الآخر، ولكن هذا العلم قد يضعف في قلبه، وقد تعتريه في بعض الأحيان بعض الشكوك، وبعض الشبهات، فتؤثر عليه. وأما إذا كان اليقين مستقراً في القلب، فلا طريق للشُبه، ولا طريق للأمور المشككة، وإنما هو اعتقاد جازم راسخ، لا يقبل التشكيك بحال من الأحوال، ولهذا يقولون:'العلم يعارضه الشكوك واليقين لا شك فيه'.
ونحن نعلم في الجملة: أن العلم يتفاوت كما أن الإيمان يتفاوت، فعلمك بخبر المُخْبِر أن فلاناً قد قدم من سفره إذا كان هذا المُخْبِر ثقة، فإن هذا يورث علماً في القلب، فإذا جاءك آخر ممن تثق به وأخبرك أن فلاناً قد قدم من السفر، فإن هذا العلم قد ازداد مع أن العلم حصل من أول مرة، ثم إذا صادفت العشرات وأخبروك أن فلاناً قد قدم من السفر، فإن ذلك يصير راسخاً قد لا يقبل التشكيك بحال من الأحوال. أما خبر المُخبر الأول -مع أنه ثقة- فإنه قد يقبل التشكيك، فلو جاءك إنسان آخر وقال: أنا أعلم أنه لم يأتِ، وأن الخبر الذي وصلك بمجيئه لا حقيقة له؛ فإن هذا يزعزع هذا المعلوم، أما إذا وصل هذا العلم في قلبك إلى مرتبة اليقين فإنه لا يقبل التشكيك...فهذا فرق بين العلم واليقين.
ومُحَصِّلَتُه: أن العلم على درجات، فمن أعلى درجات العلم، ومن أكملها، وأرفعها، وأقواها، وأثبتها درجة اليقين، وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة، أعني: أن العلم يتفاوت كما أن الإيمان يتفاوت.
* الفرق بين التصديق، وبين اليقين: إن التصديق في حقيقته يُبنى على معلوم الإنسان، سواء كان هذا المعلوم لديه من قبيل الحق أو كان من قبيل الباطل، إلا أن الفرق بينهما: أن التصديق أمر اختياري، وأما اليقين: فهو أمر ضروري، بمعنى أن اليقين شئ يوجد في نفس الإنسان إذا وُجد مُوجِبُه من غير اختيار الإنسان، كالشِبَع إذا أكل الإنسان وجد الشِبَع، ولو أن الإنسان يريد أن يأكل كثيراً ولا يشبع؛ لجودة الطعام، أو لحاجته إليه، أو لأنه يستخسر إلقاءه وإهداره، فهو يريد أن يأكل ولا يشبع من هذا الطعام؛ فإنه لا يستطيع ذلك. وهكذا لو أنه شرب فإنه بهذا الشرب يرتوي ولابد إذا وصل إلى حدٍ معين، وهذا الرِّى الذي يقع للإنسان هو أمر غير اختياري، فالشرب اختياري، ولكن الرِّى ليس اختيارياً.
وهكذا اليقين إذا حصلت موجباته؛ فإنه يوجد في القلب، ويرسخ فيه، ويثبت من غير اختيار؛ ولهذا فإن الكفار بل عتاة الكافرين مع تمردهم، وعتوهم على الله عز وجل، وعلى رسله، فإن الله عز وجل يقول:} وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا...[14]{ [سورة النمل]. أي : أنهم جحدوا بها ظلماً وعلواً مع وجود اليقين في نفوسهم، ولهذا نقول: إن التصديق أمر اختياري باعتبار أن الإنسان يُقرُّ به ويُظهره ويصدق، فيكون مؤمناً، وقد لا يصدق فيجحد: :} وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ...[14]{ [سورة النمل]. فاليقين يكون في القلب، والتصديق يكون أمراً اختيارياً، وهو إظهار مقتضى العلم، فهو يُقر بذلك، ويثبته، ويعترف بهذه الحقائق التي عُرضت أمامه، فيعترف برسالة الرسول صلى الله عليه وسلمأو بوجدانية الله عز وجل وما إلى ذلك.
فمن جئت له بالأدلة المتنوعة المختلفة لتقرره بأمر من الأمور، ولم يكن له حجه إطلاقاً، فبينت له الحق بياناً واضحاً لا لبس فيه؛ فإنه بذلك قد يحصل له اليقين ولكنه قد لا يُصدقك، قد لا يُظهر الاعتراف والإقرار والإذعان، ولهذا فإن أولئك الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلموتنزل القرآن بين أظهرهم، تنزل عليهم، ومع ذلك كثير منهم لم يصدقوا مع استقرار مقتضى هذه الحقائق في نفوسهم، فهي أمور ثابتة لكنهم لم يظهروا مقتضاها، فكانوا بذلك مكذبين.
وبهذا يتبين الفرق بين اليقين وبين التصديق، فقد يكون الإنسان مصدقاً مع حصول اليقين في قلبه، وقد يكون الإنسان متيقناً من أمر من الأمور إلا أنه مكابرٌ جاحدٌ، لا يقرُّ ولا يُذعن بالحقيقة.
ما الفرق بين اليقين وبين الثقة؟[ انظر: مدارج السالكين] :
الثقة في حقيقتها: هي أمن العبد من فَوت المقدور، وانتقاض المسطور، فيظفر بِرَوْح الرضا، أو بعين اليقين، أو يلجأ إلى الصبر كما قال ذلك شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى:'وذلك: أن من تحقق بمعرفة الله، وأن ما قضاه الله، فلا مرد له البتة؛ أَمِنَ من فَوْت نصيبه الذي قسمه الله له، وأَمِنَ أيضاً من نقصان ما كتبه الله وسطره في الكتاب المسطور، فيظفر بِرَوْح الرضا، أي: براحته، ولذته، ونعيمه؛ لأن صاحب الرضا في راحة ولذة وسرور'- إلى أن يقول-:'فإن لم يقدر العبد على رَوْح الرضا؛ ظفر بعين اليقين، وهو قوة الإيمان ومباشرته للقلب، فيكون التسليم لأحكامه الشرعية وأحكامه الكونية'.
وخلاصة ذلك أن يقال: الفرق بين الثقة وبين اليقين: أن اليقين إذا وُجد في القلب؛ وُجدت الثقة فيه، فإذا تيقن العبد أن هذه الشريعة مثلاً من عند الله عز وجل؛ فإنه يطمئن إلى أحكامها، وأنه لاحيف فيها، ولا نقص ولا هضم لحق أحد، إذا علمت المرأة أن هذه الشريعة من عند الله عز وجل؛ فهي تعلم أن إعطائها نصف الميراث أنه حق، وأنه كمال العدل والإنصاف، وأنه لا ظلم فيه ولا غلط ولا شطط؛ فوُجدت الثقة، فيثق العبد بأحكام الله عز وجل الشرعية، وإذا وُجد اليقين في قلب العبد؛ وُجدت الثقة أيضاً في قلبه في أحكام الله عز وجل الكونية والقدرية، فإذا رأى مبتلى فإنه لا يقول: فلان ما يستاهل، فلان ما يستحق هذا البلاء الذي نزل به . لا يقول: لماذا أنا يا رب؟ لماذا تقع المصائب والكوارث والمحن على أهل الإيمان، والكفار ينعمون بهذه النعم التي تُغْدَق عليهم صباح ومساء؟ وإنما يثق بأن الله عز وجل حكمٌ عدلٌ، وأنه تبارك وتعالى يُعطى ويمنع لحكمة بالغة يعلمها جل جلاله، فالثقة توجد إذا وُجِدَ اليقين في القلب، ولذلك لا ثقة من غير يقين.
ثالثاً: منزلة اليقين: جاء عن بعض السلف:'الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله'[ مجموع الفتاوى، ورسالة اليقين لابن أبي الدنيا]. وهذا صحيح؛ لأن الصبر فوقه درجة ومرتبة وهي اليقين، لن الإنسان قد يصبر ولكن قلبه يتحرك بالخواطر والإرادات، وتَرِدُ عليه أنواع الواردات، فهو يموج بصاحبه، إلا أن صاحبه يتحمل، ويصبر ويُثَبِّتُ نفسه مع مقاساته لألم المصيبة، وأما صاحب اليقين، فإنه في مرتبة فوق ذلك –كما سيأتي- فهو يعد البلاء نعمة أصلاً، ويفرح بالبلاء كما يفرح غيره بالعافية، ويركن إلى الله عز وجل، ويطمئن بما قسم الله عز وجل في هذا القضاء، فلا يتبرم ولا يتمنى عطاء غيره، فتطمئن نفسه، ويطمئن قلبه، فكان اليقين بهذا نصف الإيمان، وهو فوق الصبر –كما سيتبين بعد قليل- وقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال:'الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ' رواه البخاري تعليقا مجزوما به.
بل قال ابن القيم رحمه الله:'اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم'[ مدارج السالكين 2/397] . ولهذا قال أبو بكر الوراق رحمه الله:'اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله، وبالعقل عُقل عن الله'.
رابعاً: اليقين في الكتاب والسنة: الله تبارك وتعالى يذكر اليقين في مواضع متعددة:
* فتارة: يذكره من أوصاف أهل الإيمان: فيقول:} وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ[4]{ [سورة البقرة].
وتارة: يذكر بعض حِكَمِه في بعض أفعاله، وليصل بعبدٍ من عباده إلى مرتبة اليقين: فيقول:} وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ[75] {[سورة الأنعام].
وتارة: يذم من لا يقين عنده: فيقول:} أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ[82]{[سورة النمل].
? وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلمعددٌ كثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي يذكر فيها فضل اليقين ومنزلته وشرفه: كما في حديث أبي هريرة قال: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا...الحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلملما بحثوا عنه؛ وجدوه في حائط، وكان أبو هريرة رضى الله تعالى عنه أول من وجده فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلمنعله، وقال له: [اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ] رواه مسلم. ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بِلَالٌ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا سَكَتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا يَقِينًا دَخَلَ الْجَنَّةَ] رواه النسائي وأحمد . فدل ذلك على أن اليقين سبب لدخول الجنة، والأحاديث في هذا كثيرة، وتتبع ذلك أمر يطول.
خامساً: مراتب اليقين[انظر: كتاب الزهد والورع والعبادة، ص77، التبيان في أقسام القرآن، ص119 – 120، مفتاح دار السعادة 1/149]: كما أن العلم يتفاوت- واليقين هو من جملة مراتب العلم- فكذلك اليقين يتفاوت، فهو على ثلاث مراتب بعضها فوق بعض، فأدنى مراتب اليقين هي مرتبة:'علم اليقين'، والمرتبة التي فوقها هي مرتبة:'عين اليقين'، وأعلى المراتب هي مرتبة:'حق اليقين'، والله عز وجل يقول:} كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ[5]{ [سورة التكاثر] . فذكر العلم: علم اليقين.
} لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ[6]ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ[7]{[سورة التكاثر] . فذكر في هذه الآيات مرتبتين من مراتبه:
فعلم اليقين: هو التصديق الكامل الجازم، الذي لا تردد فيه، بحيث لا يعرض له شك، ولا شبهة، ولا ريب بحالٍ من الأحوال، فينكشف بذلك المعلوم للقلب، فيصير بمنزلة المُشَاهِد له، فلا يشك فيه كما يشك الرائي بعينه في مرئيه ومُشَاهَدِه، فيكون علم اليقين بالنسبة للقلب كالمرئي بالعين بالنسبة للبصر، وذلك كعلمنا بالجنة: بوجودها ونعيمها كما أخبرنا الله عز وجل، فنعلم أنها دار المتقين، وأنها مقر المؤمنين، فهذه مرتبة علم اليقين، إذا كان ذلك راسخاً في قلب الإنسان وتيقنه.
ثم إذا كان اليوم الآخر، ورأينا الجنة بأعيننا، فإن هذه المرتبة هي مرتبة عين اليقين. والفرق بين هذه المرتبة والتي قبلها هو كالفرق بين العلم وبين المشاهدة، وقد جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ]رواه أحمد . فموسى صلى الله عليه وسلمأخبره الله عز وجل -وهو أصدق من يقول- أن قومه قد عبدوا العجل فما ألقى الألواح، فلما قدم ورأى قومه يعبدون العجل بعينه؛ ألقى الألواح، وغضب، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ] رواه أحمد.
وهذه المرتبة: مرتبة عين اليقين هي التي سألها إبراهيم صلى الله عليه وسلم ربه قال:}...رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى...[260] {[سورة البقرة] . فإبراهيم صلى الله عليه وسلم كان كامل الإيمان، راسخ اليقين، لا تردد عنده، ولا اشتباه ولا ريب، ولكنه أراد أن ينتقل من مرتبة من مراتب الكمال إلى مرتبة أعلى منها، أراد أن ينتقل من مرتبة علم اليقين إلى مرتبة عين اليقين، فيرى ذلك بأم عينه، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المسافة التي بين علم اليقين، وبين عين اليقين سماها:'شكاً' لعله من باب التجوز، فقال صلى الله عليه وسلم: [نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ...] رواه البخاري ومسلم.
وأما المرتبة الثالثة فهي: مرتبة حق اليقين: وهي مباشرة الشيء بالإحساس فعلاً، أن تكون في بحبوحة الشيء، أن تكون ملابساً له، وذلك أن أهل الجنة إذا كانوا في وسط الجنة، فهم في هذا الحال قد بلغوا مرتبة حق اليقين، وهكذا حينما يخبرك مُخبر أن لديه عسلاٌ وتثق بخبره، فإنك تكون في هذه الحال متيقناً لهذا الخبر، فإذا أحضره أمامك فإن ذلك يكون عين اليقين، فهذه أعلى اجتمع فيها العلم والمشاهدة، فإذا ذقته فهذا هو حق اليقين، والمثال الأول الذي ذكرته في الجنة حيث أخبرنا الصادق المصدوق عنها، فهي في قلوبنا نتيقنها ونعلمها ونُقرّ بذلك، فهذا هو علم اليقين، فإذا شاهدنا الجنة قبل دخولها، فهذه مرتبة عين اليقين، فإذا دخلنا فيها فإن ذلك يكون حق اليقين .
وهكذا إذا أخبرك مُخبر أن بهذا الوادي ماء، فهذا إن كان المُخبر ثقة؛ فإنه يحصل لك بمقتضى هذا الخبر علم اليقين، فإذا شاهدت الماء كان ذلك عين اليقين، فإذا بلغت الماء، واغترفت منه، وشربت، أو اغتسلت؛ فإن ذلك يكون حق اليقين- وهذه الأمثلة يذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما يذكرها تلميذه ابن القيم- وإذا كان اليقين يتفاوت في نفسه، فإن هذا أيضاً يقتضى أن أهله يتفاوتون فيه.
مراتب الناس في اليقين[انظر: مجموع الفتاوى 7/270، الفوائد ص4]: أهل هذه المرتبة يتفاوتون فيها فمنهم من يكتمل يقينه ويصير المعلوم بالنسبة إلى قلبه كالمشاهد الذي يشاهده بعينه سواء بسواء، وقد يصل العبد إلى منزلة اليقين، ولكنه لا يصل إلى هذه المرتبة، ولذلك فإن الناس يتفاوتون بسبب هذا في عملهم وجدهم، وهمتهم ونشاطهم، وسعيهم للدار الآخرة، والعمل في مرضاة الله تبارك وتعالى، فَعِلْمُ اليقين على مراتب:
تارة: يعلم العبد الحقيقة علماً جازماً لثقته بالمُخبِر.
وتارة: يعلم صدقه، ويتيقن ذلك، وتقوم الدلائل في قلبه حتى يصير ذلك كالمشاهَد بعينه، فهذه مرتبة أعلى. وعين اليقين من أهل العلم من يقول إنه نوعان:
نوع يحصل لقلب المؤمن في الحياة الدنيا: وهذا إذا ارتقى إيمان العبد ورسخ اليقين في قلبه، واستقر وصار كأن حقائق الآخرة ماثلة بين يديه، وكأنه يشاهد عرش الرحمن، يحف به الملائكة، وصار كأنه يرى الجنة والنار، فهذه بعض أهل العلم يعدونها من عين اليقين بالنسبة للقلب، يقولون: هذا في الدنيا.
وأما في الآخرة: فيكون ذلك بمشاهدتها بالعين الباصرة.
وهذا التفاوت الذي يتفاوته أهل اليقين كذلك يوجد دونهم ممن ينتسب إلى الإيمان، ويقر التصديق في قلبه دون هؤلاء مراتب ودرجات من المؤمنين، فكثير ممن ينتسب إلى الإيمان، ويصدق الرسول صلى الله عليه وسلمبما جاء به لا يصل به ذلك إلى درجة اليقين الكامل في القلب، وإنما يكون ذلك معلوم له، ولو جاءه مشكك لربما حركه، ولربما دفعه عن الإيمان، وأوقع الشبهات في قلبه، فيتزعزع ويتضعضع إيمانه، ولربما انتكس رأساً على عقب، وهذا حال كثير ممن ينتسب إلى الإيمان، فهم يؤمنون بالرسول صلى الله عليه وسلم إيماناً مجملاً، فهذا الإيمان يكفيهم وينجيهم عند الله عز وجل، ولكنه لم يصل بهم إلى درجة لا تقبل التشكيك، ولا تقبل المحرك الذي يكون بسبب الشبهات؛ لهذا قال بعضهم:' حظ الخلق من اليقين على قدر حظهم من الرضا، وحظهم من الرضا على قدر رغبتهم في الله'[ مدارج السالكين 2/222].
والناس يتفاوتون في هذا، ومن الناس من إذا تتابعت عليه النعم واسترسل عليه عطاء الله عز وجل مما يحب، فإنه يرضي ويطمئن ويسكن إلى ذلك، وإذا أصابته البلايا والمحن، وفُتن؛ تزعزع وتضعضع، ولربما نكص على عقبيه كما قال الله عز وجل:} وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ...[11]{ [سورة الحج].
سابعاً: اختبار اليقين : كيف يُختبر اليقين؟ ما هو المحك الذي يتبين به رسوخ الإيمان، وثباته في قلب الإنسان؟ هناك مواقف يتبين العبد حاله فيها ومرتبته في هذا الباب، ومن هذه المواقف والمواطن:
* الموقف الأول: موقف التوبة: فالعبد الذي قد كمل اليقين في قلبه؛ لا يتردد إذا وقع منه تقصير، أو ذنب، أو زلة- وكل إنسان مُعرَّض لذلك- فإنه يبادر إلى التوبة من غير تردد، ويرجع إلى الله عز وجل، وينيب إليه؛ لأنه يعلم أن ثمة يوماً سيحاسب فيه على القليل والكثير، والدقيق والجليل، وسيؤاخذ بجرمه، فلا تردد عنده في التوبة.
وأما من ضعف يقينه، فيحتاج إلى تحريك القلب بعرض ألوان من المواعظ والعبر، والأمور المُرقِّقة لقسوة قلبه، والأمور التي تزيل عن هذا القلب الغشاوة والغفلة، فيتحرك قلبه ويلين ويرق للتوبة، فيكون ذلك مُوَطِّئَا لها، ولربما احتاج إلى إقناع، ولربما احتاج إلى مُسَايَسَة ومُداراة وطول صحبة؛ من أجل أن تصلح حاله، ويتوب ولربما وعد بالتوبة ثم بعد ذلك يتراجع ويتردد ويحسب بزعمه الخسائر والأرباح، إذا تاب سيخسر هؤلاء الأصدقاء، سيخسر هذه الوظيفة، سيخسر كذا من أطماعه وشهواته، ثم يبقى متردداً متذبذباً يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، وما ذلك إلا لضعف يقينه.
ولو اكتمل اليقين عند العبد فإنه لا يبالي بشيء، وإنما همته وطِلْبَتُه هو رضا الله جل جلاله فلا يحتاج إلى إقناع، ولا يحتاج إلى مُسَايَسَة، ولا يحتاج إلى كثير ملاطفة، ولا يحتاج إلى طول صحبة؛ من أجل أن يتأثر، ومن أجل أن ينتقل من بيئة سيئة إلى بيئة أخرى، ولربما جئت بإنسان صاحب معصية، لربما جئت بمغنى من المغنين، لربما جئت بصاحب باطل ممن له في باطلة رزق ومعيشة، وكسب وشهرة، وما إلى ذلك، فحدثته وبينت له الأدلة على حرمة هذا الفعل، ولربما أقر لك بذلك وقال: أنا أُقر بهذا، لكن: من أين لي أن آكل؟ من أين لي أن أستقطب الأضواء؟ من أين لي بالجماهير التي تصفق حينما أظهر على خشبة المسرح؟
فيحتاج هذا إلى إقناع بتذكيره بما عند الله عز وجل في الدار الآخرة والنعيم، وأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وكأن الله عز وجل هو المحتاج إليه، وكأنه يُدِلُّ على ربه تبارك وتعالى بتوبته واستقامته، وتركه لهذه الذنوب والمعاصي التي فارقها، لماذا نتردد بالتوبة إلى الله عز وجل والأوبة إليه؟ لماذا يعضنا يحتاج إلى كثير من الملاطفة والمُسَايَسَة؟ ولربما احتاج العبد إلى شئ من المال من أجل أن يُتألف على الإيمان، إنما ذلك لقلة يقينه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطى أقواماً ويترك آخرين، وحينما يُكلَّم في ذلك ويُذَكَّر بهولاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يجيب عن هذا بأنه يَكِلُ أقواماً إلى إيمانهم، وأنه لربما أعطى الرجل مع أن غيره أحب إليه منه، فمثل هؤلاء لماذا أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأن يقينهم مزعزع؛ لأنه ضعيف؛ لأن إيمانهم لم يصل إلى مرتبة اليقين الثابت، فأولئك يُتركون ليقينهم، ولإيمانهم الراسخ، فلا خوف عليهم؛ لأنه لا تردد عندهم في هذا الإيمان الذي دخلوا فيه، أما هذا فيحتاج إلى مداراة، ويحتاج إلى الأخذ بخاطره- كما يقال-، يحتاج إلى أن يتنازل الإنسان عن بعض حقه معه من أجل أن لا ينكص على عقبيه، فهذه حقيقة يحتاج الإنسان أن يتأملها مع نفسه هو، وأن يتأملها مع غيره. هذا الموقف الأول الذي يُختبر فيه اليقين .
الموقف الثاني: هو موقف المصيبة: فكثير من الناس يحسن الكلام عن الصبر، وعن الثبات، وعن الإيمان، وعن الجزاء الذي يعطيه الله عز وجل للصابرين في الدار الآخرة، وما أعد لهم من النعيم المقيم، ولكنه إذا وقعت المصيبة؛ اضطرب وتحرك قلبه، فجزع، ولم يثبت ولم يصبر، وإنما كان متسخطاً على ربه تبارك وتعالى معترضاً على أقداره، والله عز وجل يقول:}وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ[155]الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ[156]{ [سورة البقرة].
فمن كان متحققاً باليقين؛ فإنه عند المصيبة يكون رابط الجأش، ثابتاً، صابراً، حابساً للسانه عن التسخط، ولجوارحه عن فعل ما لا يليق من شق جيبٍ، أو لطم خدٍ، أو نحو ذلك مما يفعله من لا يقين عندهم، فهذه أمور قد لا تتبين في حال الرخاء، وإنما تتبين في حال الشدة والمصائب. ولربما أبتُلي العبد المؤمن، فسخط على ربه أن ابتلاه بهذا البلاء، والله عز وجل ابتلاه ليمحصه ولم يُبتل ليهلك . ابتلاك الله عز وجل ليرفعك من درجة إلى درجة، ومن منزلة إلى منزلة، وتُبّلَّغ بهذا البلاء منازل عند الله عز وجل في الجنة لا تبلغها بعملك، فإذا نزلت بالعبد المصيبة التي تهيئه لذلك المقام في الجنة:
قد رشحوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
فسرعان ما ينتكس العبد، ويتبرم، ويتسخط على ربه، ويعترض على أقدار الله تبارك وتعالى، فهذه أمور تظهر في حال الشدائد..ولربما دعا إلى الله عز وجل، ولربما جاهد في سبيله، ولربما بذل ماله، ثم يبتلى فيتسخط، ولربما عاهد الشيطان بأن يتوب إليه توبة نصوحاً عن فعل الخير، وعن صحبة الأخيار والصالحين، وأن يقطع ذلك أجمع؛ لئلا يقع به مثل هذا المكروه الذي ناله، فهذا ليس له نصيب من اليقين.
الموقف الثالث: في حال الحاجة: فإذا احتاج العبد وافتقر إلى المخلوقين، إلى مَالِهِم في فقره في دنياه، أو احتاج إليهم في شئ من الأشياء في دنياهم، فإنه بذلك يختبر يقينه، فإذا كان قلبه يتلفت إلى المخلوقين، ويتطلع إليهم، ويتعلق بهم لينال ما عندهم؛ فإن قلبه لم يتحقق باليقين بَعْدُ. وأما إذا كان قلبه متوجهاً إلى الله وحده لا شريك له، لا يلتفت إلى أحد من المخلوقين، ولا يتعلق بهم؛ فإن هذا اليقين هو اليقين الكامل.
الموقف الرابع: في حال الغنى: فمن الناس من لا يصبر إذا أغناه الله عز وجل، فيصل به ذلك إلى الكفر، لربما قال العبد: إنما أوتيته على علم عندي، وينسى أن الله عز وجل هو الذي أعطاه وأولاه، وأن الله عز وجل هو مالك الملك وأن العطاء بيده، وأن الكون ملكه بما فيه، ينسى هذا ويقول: إنما أوتيته على علم، إنما حصلته بجدي واجتهادي وجهدي، وتحصيلي وذكائي وعلمي بوجوه المكاسب، ولربما قال: حصلته وورثته كابراً عن كابر، ولربما قال غير ذلك مما يكون فيه نسيان المنعم، والذهول عن مقام استشعار إنعامه وإفضاله على العبد، فيكون بذلك كافراً لنعمة ربه جل جلاله.
وعلى كل حال: إذا أردت أن تكون متحققاً باليقين، وأن تعرف ذلك من نفسك؛ فلا تُمْسِ ولا تُصْبِح وفي قلبك أحد أحب إليك من الله، وإذا أردت أن تتحقق باليقين، وأن يكون ذلك وصفاً راسخاً ثابتاً في قلبك؛ فلا يكن أحد من المخلوقين أخوف عندك من الله . وبالتالي فإن صاحب اليقين لا يتعلق بأحد من الخلق لعطاء أعطاه، أو لجمال صورته، أو لغير ذلك، لا يتعلق قلبه به، ويلتفت إليه ليرجو ما عنده، ولا يخاف أحداً من المخلوقين، فيترك ما أمره الله عز وجل به، أو يتردد في التمسك بحبل الله جل جلاله من أجل الخوف من هذا المخلوق، فيكون صاحب اليقين ثابتاً، مرتبطاً بالله عز وجل في كل أحواله، فهو يرجو الله، ويؤمله، ويحبه، وهو أحب شئ إليه، كما أنه يخاف الله عز وجل ولا يرقب أحداً سواه .