شـــخـــيــر
ثغاء الصغار يملأ جنبات الحجرات الصغيرة ، قطع الألعاب الملقاة على الأرض والمتناثرة في كل مكان تشي بواقع مرير من خلفها ، أصابع الشكولاته التي تخضب أفواههم وتطبع حالة من الغياب على المشهد . باب مفتوح وكراسة تحضير وثمة دفاتر على السرير وأقلام بأغطية مفتوحة تحتل مساحة كبيرة من الحيز المتبقي في الحجرة ، بين نفس وآخر اجتر بعضه حابساً بين أضلعه الكلام ، مضى ووجهته لا تشير إلى مكان . يطبق عليه الصمت حتى في جلساته مع الرفقة ، يبحث بين تندراتهم ولهوهم المشروع ما يبدد السحاب المخيم فوق رأسه ، كل النوافذ التي سعى لفتحها ليتنفس من خلالها ويدخل الضوء منها بدأت تتلاشى وتسكب عليه مزيداً الضيق والحيرة .
افتر ثغره أخيراً عن ابتسامة غابت طويلاً وهو يقبل أحد الأطفال في دار الأيتام أبان زيارته الأخيرة مع لجان تعنى بهذه الدور ، مشهد الأطفال وهم يمرحون في ساحات اللعب ويستأنسون بتواجد الوفد بينهم ، عبدالإله كان يضحك والدموع تلمع في عينيه ، لم أكن أعلم السبب ! ربما كان يعاني الحرمان ! لكنه خرج سعيداً ، بعد أن البسوه ثوباً أشعره بضرورة القرار نحو الضحك .
سرعان ما عاد إلى المنزل وصورة الأطفال لا تزال أمامه وهم يلهون ويسمع ضحكاتهم ويرى حركاتهم التي طبعت في ذاكرته ، فتح الباب وبقي يرقب المشهد السابق والرؤيا الحديثة ، جثا على أرضهم يجمع ما تناثر من اللعب وبدأ في اللعب والضحك ، كانت قد استهوته لعبة المكعبات الملونة ، فجعل يبني بيتاً صغيراً بنوافذ وأبواب وسقف ، اهدشهم هذا البناء ، وبدأو يضحكون ويلتفون حول الصغير والكبير ، ازداد وتير الضحك فخرجت على إثره برأسها على المشهد ، وقفت على رؤوسهم توزع النظرات .... الم تجد سوى لعب الأطفال لتضحكك ؟ نظر إلى صمت الأطفال وهم يحبسون الابتسامة ، وما لبثت تنفجر ضحكاتهم تصكك المكان فيما عبرت لوجهتها واستمروا في اللعب .
بدأ يشعر بالتعب عاقداً وعداً باللعب في كل غد ، وزع حضنه بينهم بالتساوي وطبع قبلة هي أشبه بقبلة الطفل الذي غير المسار ، ثم ادلف الباب من خلفه وراح في شخير انقطع بعودتها ، أجلسته للحوار ، ومضى يقطع عليها كل محاولاتها الباسلة في ثنيه عن اللعب حفاظاً على هيبته وسط الصغار، فما كان منه إلا أن كمم فمها بالصمت وطارح جسده المثخن بالويلات على السرير باعثاً خلفه خط من الشخير ..