بتـــــاريخ : 10/12/2008 5:54:11 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1615 0


    ( بيت الشنعة )

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : عبدالرحمـن سلامة | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة بيت الشنعة

    ( بيت الشنعة )

     

     

     

    مرت عدة أيام على زواجه ، لاحظ الجميع عليه علامات الانزعاج منذ صبيحة عرسه ، فأصدقائه في النجع يعرفونه جيداً ، وجهه بشوش دائماً ، لا يزيف مشاعره على الإطلاق ، سأله صديقه عن حالته هذه مراراً ، كان في كل مرة يتهرب ويتحجج بأعذار ليس لها أساس ، انهالت عليه سهام أخرى من الأسئلة من والديه وأقربائه ، كانت تلك الأسئلة تطوق عنقه كهالة الصباح ، جعلته يترنح داخل دوائر من التفكير والألم تحاصره دونما هوادة ، وأخيراً لم يجد بداً من مصارحة صديقه بما يدور في فراشه ، أخبره بحجج تلك الزوجة منذ مساء العرس بحكايا لا تصدق ، فكلما انتصب ليفض ذاك الغشاء وينطلق إلى عالم ما بعد الغشاء ، يجد أعذاراً ساذجة من تلك المرأة الماكرة كقولها أنها نسيت ..... في منزل أهلها وأنها ستجلبه من بيت أبيها في أول زيارة له ، فكان يكتفي بالنظر إلى جسدها ناصع البياض ، يحملق في أفخاذها وسيقانها الطرية ونهديها المخبئين ، وشعرها الغجري المجنون ، فيجن جنونه ، ويستيقظ كل صباح وقد انتصبت خيمته داخل سرواله ، عندما فرغ من حديثه ضحك صديقه حتى اغرورقت عيناه بالدموع ، بينما هو أحس بارتياح وكأنما هذه القهقهات تحمل بارقة أمل في أفقه الضيق ، فهو كان غراً وليست لديه خبرة بأمور الحياة ، والزواج بالنسبة له دنيا عديمة المعالم ، وحيائه جعل كل تساؤلاته حبيسة فكره ولا تبرح داخله المكتظ بالحيرة والأسى والحزن ....

     

       فقال له صديقه :

     

    -       أيعقل أيها الرجل أن تصدق تلك الأكاذيب ... ؟

     

    لقد كانت تتهرب مني منذ الخلوة الأولى ، ظننت أن الخوف أباح لها كل المفردات ، وجعل حروف التمرد تقبل قدميها ...

     

    -       الخوف ... إيه .. أكمل أيها الأبله ..

     

    ماذا بعد ، لقد ضيعت عليك تلك المرأة ليلة العمر ..، حدثني عن بقية لياليك أيها الفارس ؟!

     

    صمت ولم يرد ، شعر أن صديق العمر يسخر منه ..

     

    -       تكلم ، هل آلمك قولي ، فأنا أتألم لشأنك أيها التائه ..

     

    -       نعم كنت تائهاً ، بل فقدت القدرة على التفكير عندما أخبرتني أن .... نسيته في بيت أبيها ..

     

    -       وبعد

     

    -       لا أعلم لماذا شل تفكيري حينها ، لم أجبها بحرف واحد ، كانت الدهشة تملأ المكان ..

     

    -       ثم ماذا ؟

     

    -       كانت واثقة ، .. تتحدث وتشرح بل تستغرب من عدم درايتي بهذه الأمور ..

     

    أيها الصديق لقد ضيعت عليك هذه الزوجة متعة الزواج ، فأي زواج هذا ؟ تنام بجانبك أنثى وتعجز أن تحقنها بماء الرجولة ، إن هذه المرأة تراوغك ؟

     

    -       ما العمل ؟

     

    حاول الليلة أن تجبرها بالقوة وتخترق غشاء المكر المزيف الذي تدعيه وتغتال عذريتها قبل أن تفوح رائحة التمنع في النجع وتغادر بيتك إلى بيت آخر يعرفه الجميع ...

     

     

     

        وتذكر هذا العريس البائس الحادثة ذاتها التي دوت في النجع وكان عمره لا يتجاوز التسع سنوات ، وصورة ذاك البيت المكشوف وضيوفه العراة في صراع الأنوثة والرجولة الأشبه بحلبة مصارعة ...

     

    -       أيه .. أنت ماذا تنوي أن تفعل .. ؟

     

    -       نعم ماذا قلت .. ؟

     

    -       ماذا قلت .. ؟! أبعد كل ما قلته لك تسألني ؟! قلت لك ما الذي قررت فعله ؟

     

    -       لا أعرف .. لكنني أخشى شيخ القبيلة إذا علم بالأمر .. فقد يجبرني على دخول ذلك البيت ؟

     

    -       أي بيت تقصد ؟

     

    -       البيت ، ألم تقل يعرفه الجميع ؟!

     

    -       بلى ، أتقصد ( بيت الشنعة )

     

    -       نعم

     

    -       ألست واثقاُ من قدرتك ورجولتك ؟

     

    لما هذه الأسئلة الخبيثة ؟ كل ما في الأمر أنني أستحي من أهلي وأقاربي وكل من في النجع ، هل يعقل أن أخلع ملابسي وأجامع زوجتي عنوة أمامهم ، .. صدقني الأمر جد صعب

     

    أنت تعرف تقاليدنا ، فإذا اضطررت لذلك فلابد أنك فاعل ، وإلا افتضح أمرك ولن تقبل بك أي فتاة في القبيلة ...

     

    ذهب ذاك البائس إلى بيته ولم ينتظر المساء ودخل على تلك الزوجة ، أمسك بيدها بالقوة طرحها أرضاً ، لكنها تمنعت ، ووقفت في مقدمة البيت ، النجع كان مزدحماً بالمارة خاف من أن يفتضح أمرهما ، ارتفع صوتهما ، وفي ذات اللحظة دخلت أمه ، عرفت بالأمر وأيقنت أن زوجة ابنها لم تزل عذراء ، اشتد الحوار فصرخت الزوجة بصوت عال : أيتها الأم إن ابنك غير مكتمل الرجولة ، وأخبرتها أيضاً أنها حاولت معه مراراً لكي تسري في عروقه الدماء ، لكنه ظل منكمشاً على نفسه طوال هذه المدة ..، ألقت بعباراتها الماكرة دفعة واحدة ، صعق المسكين من قولها المسموم ، أصابه دوار ، وفقد القدرة على التركيز .. وجد نفسه في ذات اليوم أمام شيخ القبيلة الذي استمع إلى كليهما ، فالزوجة مصرة على كلامها ، والزوج يتعجب لقباحتها ، فكان لابد من دخول ( بيت الشنعة ) شعر الزوج بامتعاض ، أما الزوجة بالرغم من تلك الجرأة الظاهرة غير أن بداخلها ذعر شديد ، كانت أحكام شيخ القبيلة فورية التنفيذ ، حيث أمر ببناء ( بيت الشنعة ) في مكانه المخصص له وسط بيوت النجع ، وبنائه لا يستغرق وقتاً طويلاً ، بيت يخلو من الأروقة الأربعة التي تحيطه ، بيت عار تماماً وخال من كل الأمتعة سوى حصيرة ووسادة ، نادى مناد في النجع ، تجمع الأهالي ليرو ما ستسفر عنه هذه العملية ، فهل سيثبت هذا الرجل رجولته ؟ أم أن المرأة كانت صادقة فيما تدعيه ، الصمت ساد المكان ، دخل الرجل ( بيت الشنعة ) يجر زوجته من يدها ، وقف مشدوهاً لهذا المنظر ، كان الجميع يشاهد ، كثر الهمس والغمز واللمز ، كانت الأم تنظر إلى السماء تتضرع وتدعو لابنها أن ينجو من هذه الورطة ، فهي تعلم أن هذه اللحظات مفترق طرق في حياته ، اقترب الزوج من زوجته وانتصب أمامها ، أمسك بذراعيها طرحها أرضاً ورمى بسروالها جانباً ، وانقض عليها كالمجنون ، لم تتفوه بكلمة واحدة ، آملة في أن يتراجع لكنه فض غشائها بقوة ، فملأ صراخ الزوجة النجع وسط زغاريد النسوة ، فبكت الأم من الفرحة .... 
    كلمات مفتاحية  :
    قصة بيت الشنعة

    تعليقات الزوار ()