بتـــــاريخ : 10/12/2008 5:52:03 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 980 0


    النتيجة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : عبدالرحمـن سلامة | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة النتيجة

     

     

     

     

     

    النتيجة

     

     

     

     
     

     

     
     

     

     
    كان يحدث نفسه قائلاً :

     

     
     (  النتيجة بكرة ويستر الله .... )

     

     
     هاجس النتيجة يكاد يعزله عن كل من حوله ، يقف أحياناً ويجلس أحياناً أخرى ، لم تغمض عيناه ولم يعرف طريقاً للنوم ، حاول أن يعمل أشياءً تنسيه ذاك الهاجس ، دخل غرفته فوقعت عيناه على خزانة كتبه فازداد عنفوان هاجسه وكاد أن يعصف برأسه ، نظر إلى يمينه فرأى صورة أمه فهدأت نفسه وتذكر السنين الدراسية الماضية والتي اجتازها بسلام بفضل دعاء أمه الذي يتردد صداه دائماً في نفسه :

     

     
     ( الله يربحك يا فوزي      والله إيقعد أسعدك )

     

     
     (وانشاء الله يكتبلك        في كل خطوة فرج )

     

     
    اقترب من الصورة ، قبلها ، واحتضنها ، فازدادت نبضات قلبه وسمع صدى دعاء أمه :

     

     
    ( الله يربحك يا فوزي      والله إيقعد أسعدك )

     

     
    (وانشاء الله يكتبلك        في كل خطوة فرج )

     

     
     

     

     
    ثم نظر إلى الصورة وأخذ يردد بصوت مبحوح والدموع تملأ عينيه :

     

     
     ( إنشاء الله يا يام     ربنا يسمع منك )

     

     
    احتضن الصورة مرة أخرى وأغمض عينيه واتكأ على وسادته بعد أن أراح جسده المتعب فوق سريره ، واستغرق في بحر من التأمل والتضرع فأيقضه هدير وزبد الهاتف ، رفع السماعة فإذ به صديقه محمد :

     

     
    -        ( فوزي أبش أخبارك )

     

     
    -       الحمد لله

     

     
    -        ( كنه صوتك متغير في حاجة )

     

     
    -       لا والله

     

     
    -        ( أسمع الجماعة كلهم قاعدين عندي ،أيش رايك أتجينا ، واتغير جو ، وبعدين كلهم ينشدوا عليك )

     

     
    -        ( خلينا انتلاقوا بكرة في المدرسة وخلاص )

     

     
    -        ( أسمع يا فوزي نحنا نرجو فيك وان كان ماجيتش انحطوك في حق .)

     

     
    وأقفل محمد الهاتف ، لكن هاتف النتيجة لم يترك فوزي بمفرده .

     

     
          حاول أن ينسى فوزي الأمر لكنه أيقن أن جلسة أصدقائه في منزل محمد قد تنسيه هذه الأفكار، فدلف صوب منزل محمد وحاول أن يندمج مع أقرانه في جلستهم، جلسة تعلو فيها الضحكات أحياناً مع ذكريات أيام الدراسة ، وتقليد بعض المدرسين مع تعليقات ونكات جعلت من الوقت يمر سريعاً ، وفجأة تذكر فوزي أن غدأ ستعلن النتيجة ، فقال لمحمد وأقرانه :

     

     
    -        ( يا محمد الوقت تأخر ونا لازم نمشي للحوش )

     

     
    -        ( أسمع يا فوزي هلك أكيد أمرقدين وبعدين هم عارفينك قاعد عندنا )

     

     
    -        ( أنا لازم نمشي انشوف أمي عشان تدعيلي ، يا جماعة بكرة النتيجة )

     

     
    -        ( يا فوزي كنك خايف ، وبعدين أن كان أنت رسبت ايريد ينجح من ؟ أكيد أنت ناجح )

     

     
     ( ربنا يسمع منك ، خلاص توة نرقد معاكم لكن بكرة توة تمشوا معاي للحوش عشان انشوف أمي ، وبعدها نمشوا للمدرسة .)

     

     
    -        ( أمرك يا سيد فوزي . )

     

     
    نام الجميع بعد أن قضوا ليلة ضاحكة يتجاذبون أطراف أحاديث ومواقف دراسية ، وكان فوزي يتقلب على فراشه يصارع كوابيس مزعجة ، ثم نهض ونظر إلى الساعة وإذ بها الحادية عشر صباحاً ، فأيقظ أقرانه ، ثم قصدوا منزل فوزي الذي كان يسرع الخطى للقاء أمه التي يتردد صدى دعائها في مسمعيه :

     

     
     

     

     
    ( الله يربحك يا فوزي      والله إيقعد أسعدك )

     

     
    (وانشاء الله يكتبلك        في كل خطوة فرج )

     

     
    وصلوا إلى المنزل، وكان فوزي شارد الذهن يخيم عليه الحزن ، فقال له محمد :

     

     
    -        ( خلاص فك هالتكشيرة ، أوصلنا حوشكم ، شوف أمك وراك إطول ، رانا تأخرنا . )

     

     
    -        ( خلاص يا جماعة ثواني وانجيكم . )

     

     
    ظن الجميع أن لقاء فوزي بأمه سيطول ، وأن محمد سينعم بدعاء والدته السحري ، مفتاح نجاحه وتفوقه في الدراسة ، لكن فوزي خرج مسرعاً والأسى يلفه من رأسه حتى قدميه ، فصاح محمد :

     

     
    -        ( كنك يا فوزي أيش فيه )

     

     
    -        ( أمي موش قاعدة ، مشت من الصبح لأقاربنا خارج طبرق

     

     
    -        ( يا راجل فجعتنا )

     

     
    -        ( انتوا عدوا للنتيجة ، ونا خلوني قاعد )

     

     
    -        (مستحيل ، انت لازم تمشي معانا ، معقولة اتفاول على روحك بالرسوب ) .

     

     
    ذهبوا جميعاً إلى المدرسة ، واقتربوا من لوحة إعلان النتيجة ، وكانت الأجواء مغايرة عن كل السنوات السابقة ، الوجوه يعلوها الوجوم ، اقترب فوزي ، واخترق هذه الصفوف المكتظة التي تعانق المكان ، ولم يكترث بعبارات الاستهجان ، حتى وصل إلى قوائم الأسماء ، قرأها عدة مرات ، لم يجد اسمه بين الناجحين ، اسودت الدنيا في وجهه ، وامتلأت عيناه بالدموع ثم انحدرت في جوفه كالجمر ، لحظات مرت وقذفته الصفوف الطائفة والمتلهفة لمعرفة النتيجة ، ليجد نفسه منكبئاً على أحد جدران المدرسة يبكي بحرقة :

     

     
     (  يا يام رسبت يا يام ، يا يام النتيجة يا يام ، يا يام ضاعت الأحلام ، آه يا يام ، آه يا يام ، ....... )

     

     
    كان فوزي يبكي بحرقة فوقف بجانبه محمد وربت على كتفه ، فنهض وقال بصوت نال منه النحيب وأجهزت عليه الحرقة والألم :

     

     
     ( يا محمد رسبت يا محمد ، ايش انقول لمي ، وايش انقول الهلي ، كيف انوري وجهي ، يا اعوينك يا محمد انت نجحت والجماعة كلهم انجحوا . )

     

     
    -        ( آه يا فوزي يا ريت ما نجحت ، يا ريت ما قريت . )

     

     
    -        ( لا يا محمد انت نجحت عدي فرح هلك ونا كم يوم وتوة نهدى وننسى النتيجة )

     

     
     ( يا فوزي نا اللي أحلامي ضاعن ، تذكر يا فوزي يوم ما تعاهدنا نا وياك انخشوا كلية الآداب وندرسوا لغة عربية ونواصلوا اقرايتنا يا فوزي ضاعت الدراسة . )

     

     
     ( يا راجل فهمني انت موش نجحت ، كنك تبكي ، وبعدين توة انت ستقرأ ونا بعد الدور الثاني وإلا السنة الأخرى نلحقك . )

     

     
    -        ( نقرا وين يا فوزي ما خلاص القراية انتهت . )

     

     
    -        ( والله ما ني فاهم كلامك .)

     

     
    -       ( كيف انت ما قريتش الاعلان المكتوب .)

     

     
    -        ( لا والله أي إعلان ؟ )

     

     
     ( كاتبين إن كل الطلبة اللي انجحوا في الدور الأول أحيلت استمارتهم للثانوية العسكرية وعليهم الالتحاق الأسبوع الجاي . )

     

     
    وعندها هدأت نفس فوزي وتنفس الصعدا ، وعرف سر دعاء أمه الذي يتردد صداه :

     

     
     

     

     
    ( الله يربحك يا فوزي      والله إيقعد أسعدك )

     

     
    (وانشاء الله يكتبلك        في كل خطوة فرج )

     

    كلمات مفتاحية  :
    قصة النتيجة

    تعليقات الزوار ()