كما وردت أحاديث في النهي عن الكتابة والسماح بها، كذلك وقف الصحابة مواقف متباينة من كتابة الحديث، فمنهم من كره الكتابة، ومنهم من أجازها، ومنهم من روي عنه الأمران، كراهية الكتابة وإجازتها وهذه مواقف بعض كبار الصحابة الذين كرهوا كتابة الحديث:
1. جمع أبو بكر الصديق رضي الله عنه خمسمائة حديث ثم أحرقها.
2. استشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابة في تدوين الحديث، ثم استخار الله تعالى في ذلك شهراً ثم عدل عن ذلك وقال: "إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً ".
3. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أعزم على كل من كان عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإنما هلك الناس حين اتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم ".
4. أتى عبد الله بن مسعود بصحيفة فيها حديث فدعا بماء فمحاها، وقال: "بهذا أهلك أهل الكتاب قبلكم حين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ".
5. وردت روايات تدل على كراهية صحابة آخرين للكتابة وهم: زيد بن ثابت، وأبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمرو، وأبو موسى الأشعري، وقد أوضح كل من هؤلاء الصحابة أن سبب كراهته كتابة الحديث خوفه من انشغال الناس بها وانصرافهم عن القرآن الكريم.
أما مواقف الصحابة التي تدل على تجويزهم الكتابة فهي:
1. كتب أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأنس بن مالك فرائض الصدقة التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم.
2. كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعتبة بن فرقد بعض السنن، ووجد في قائم سيفه صحيفة فيها صدقة السوائم.
3. كان عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر.
4. وردت أخبار عن سماح بعض الصحابة الآخرين بالكتابة مثل: السيدة عائشة وأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص و البراء بن عازب وأنس بن مالك والحسن بن علي وعبد الله بن أبي أوفى. وفيمن ذكرتهم من كان يكره الكتابة ثم أجازها، ولا تناقض في ذلك لأن سبب كراهتهم هو أن تختلط بالقرآن، أما حين يؤمن من ذلك فإنهم كانوا يجيزون كتابة الحديث.
ولذلك فقد كتب بعضهم الأحاديث في الصحف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته. وفيما يلي ذكر ما عرف منها.
أمثلة الصحف التي كتبها الصحابة في الحديث:
1. نسخة سمرة بن جندب جمع فيها أحاديث كثيرة.
2. كتاب أبي رافع مولى النبي "صلى الله عليه وسلم" وفيه استفتاح الصلاة.
3. كتب أبي هريرة.
4. صحيفة أبي موسى الأشعري.
5. صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري.
6. الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص.
7. الصحيفة الصحيحة لهمام بن منبه وهي التي رواها عن أبي هريرة