بتـــــاريخ : 5/29/2008 11:51:38 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1173 0


    ,,هم الإسلام

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.islamlight.net

    كلمات مفتاحية  :
    محاضرة

    هم الإسلام

    الخطبة الأولى

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، أما بعد :

    أيها المسلمون : فعَوْداً إلى الوراء قليلا يرحمكم الله عودا إلى الوراء حيث مصابيح الدجى ونجوم الهدى .. حيث صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ...

    أخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : بينما أنا في الصف يوم بدر .. إذ التفت فإذا عن يميني .. وعن يساري فتيان ، حديثة أسنانهما فكأني لم  آمن بمكانها !! وبينما أنا كذلك !! إذ قال لي أحدهما سراً حتى لا يسمع صاحبه .. يا عم ، أرني أبا جهل .. إلا تخبرني عن أبي جهل ؟

    فقلت : يا بني ، وما تصنع بابي جهل ؟!

    ما شأنك بأبي جهل ؟!

    فقال : أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله إن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا!!

    يا عم ، عاهدت الله إن رأيته أن أقتله .. أو أموت دونه !!

    يقول عبد الرحمن بن عوف : فما هو إلا أن قال لي الآخر سرا مثل الذي قال صاحبه !! يا عم أخبرني عن أبي جهل فقد أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم !! والذي نفسي بيده ، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده ، حتى يموت الأعجل منا !! يقول عبد الرحمن : فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت : إلا إن هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه !! فانطلقا إليه كالصقرين !! فابتدراه بسيفيهما !! فضرباه حتى قتلاه !!

    هذه الحادثة العظيمة ، التي يحكي فصولها شاهد عيان ، ثقة ثبت إمام هو الصحابي الجليل ، وعاشر العشرة المبشرين بالجنة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه  هذه الحادثة العجيبة ، وهذه المواقف المدهشة تجسد الهمّ الذي كان يشغل بال ذلك الجيل المعجزة ، من فتيان وشباب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم  جيل فهم حقيقة الحياة وحقيقة الوجود ، وربّي بعناية خاصة فنشأ فريدا من نوعه نادرا في مثاله . يا عم أخبرني عن أبي جهل ، فقد أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

    لقد كان الهم الذي يشغل بال هذين الشابين اليافعين أن عربيداً مخموراً فاجراً ، يكنى أبا جهل ، قد سب رسول الله صلى الله عليه وسلم !!!

    هما لم يسمعاه !! لم يرياه وهو يسب رسولهما ..

    ولكن نمي إليهما  .. نقل إليهما... قيل لهما !!

    إن أبا جهل قد تجرأ .. وارتكب حماقة من حماقاته المتعددة ، فسبّ محمداً عليه السلام !! وذلك أمر لا يطاق ولا يحتمل ..عند من يعرفون قيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم !! ويعرفون قدرة ومنزلته !!

    فما إن علم الفتيان ، بحماقة أبي جهل وجراءته على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم  حتى انتفضا انتفاضة الأسد ، وحملا سيفهما يسابقان الريح .. حين سمعا بأول فرصة للمواجهة ، يمنيان النفس بالثأر لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإخراس اللسان الذي تجرأ في النيل من شخصه الكريم، إخراس ذلك اللسان إلى الأبد وهكذا كان !!

    أيها المسلمون : لم تكن هذه الحادثة بدعا من قصص ذلك الجيل الفريد !! فمثلها كثير كلها تجسد هموماً متشابهة وهموماً مماثلة !!

    لقد كان همهم جميعاً الذب عن الله وعن رسوله ، وحمل هذا الدين إلى البشرية المعذبة ، التائهة في أودية الضلالة والهوى !! لقد كان هذا الدين يشغل كل ذرة ، من أحاسيسهم وكل حيز من كيانهم وكل موضع من ضمائرهم !!

    فانطلقوا به إلى الآفاق يبلغون رسالات ربهم ويخشونه ، ولا يخشون أحدا إلا الله ، فنصر الله بهم الدين ، وأقام بهم الملة وانجلت غربة الإسلام !!

    واليوم انظر وتأمل ما الهم الذي يشغل بال شباب هذا الجيل ؟ ما الهم الذي يستحوذ على أحاسيسهم ومشاعرهم ؟

    دعك من الكرة ونجومها ؟ ومن البطولات وفرسانها ، ودعك من الطرب وصبيانه!! دعك من ذلك كله .. وخذ همّا واحداً يشغل بالهم هذه الأيام ، ويقض مضاجعهم !!

    ويؤرق جفونهم !!

    إنه الفراغ !!

    أين سيقضون فراغهم ؟

    أين ستكون وجهتهم ؟ وهذا الصيف في أي بلد سيضعون رحالهم ؟ يا له من همّ

    يا لها من معاناة !!

    وهكذا حين يغيب الوعي ، أو يُغَيّب !!

    وحين تميع العقيدة ، ويسقط المبدأ .. وينخنس الإيمان .. وتدنس الفطرة .. ويموت الضمير وتتوارى القيم وتنتكس المعايير ....

    يصبح الفراغ معضلة !!

    يصبح الفراغ مشكلة !!

    يصبح الفراغ قضية !!

    إن المرء ليعجب !! هل في حياة المسلم فراغ ؟!

    وقد علم أنه صاحب عقيدة ، وصاحب رسالة ، يجب أن يحملها للناس

    هل في حياة المسلم فراغ .. وهو يرى جموعاً ممن ينتسبون إلى الإسلام زوراً وبهتاناً .. يتمرغون على تراب الأضرحة ، ويتباكون على ضفاف القبور ، يستغيثون بالعظام البالية ، واللحوم الممزقة ، والأشلاء المتناثرة يشركون بالله في وضح النهار ..

    في جاهلية جهلاء .. ووثنية عمياء !!

    دون أن تدمع عينه .. أو يأرق جفنه .. أو تدفعه نخوته .. إلى استصلاح أولئك البائسين .. واستنقاذ أولئك الهالكين ؟ هل في حياة المسلم فراغ ؟  وهو يرى البدع هنا وهناك .. تملأ الدنيا بسخافتها وسماجتها !!

    فبدع في الاعتقاد وبدع في العبادات ، وبدع في السلوك ، فأنى له الفراغ قبل أن يستأصل شأفتها ويقتلع جذورها ويعلي إزاءها السنة، غير هياب ولا وجل ، هل في حياة المسلم فراغ ، وهو يرى كتاب ربه قد ركن في الأدراج ، وعشعش عليه العنكبوت ، وما عاد دستوراً يحتكم إليه أو يفوض الأمر له .. واستبدل بقوانين سخيفة من صنع البشر يحكمون بها بين الناس في جرأة بالغة على سلطان الله .. وحقه في التشريع وحده !!

    هل في حياة المسلم فراغ ؟ وهو يرى سنة نبيه عليه السلام ، يتطاول عليها الزنادقة والملحدون .. ويسخر منها الفجرة والمنافقون ويتنقّصون صاحبها عليه السلام ، فأنى له الفراغ قبل أن يجاهد من أجلها .. ويستميت لرفع لوائها .. وعودة هيبتها وتسنم مكانتها ؟

    أنى له الفراغ ؟ قبل أن يتوارى المشاقون لله ولرسوله ، ويخرص المتقدمون بين يدي الله ورسوله !!

    هل في حياة المسلم فراغ ؟ وهو يرى أمته تعيش بتبعية مهينة !!

    تعيش انحطاطاً لم يسبق له مثيل في الورى !! وتعيش ذلا لم يعهد له نظير فوق الثرى !!

    وتعيش ذلا لم يعهد له نظير فوق الثرى !!

    أنى له الفراغ ؟ وأمته تقاد إلى الجحيم !!

    وتساق إلى الهاوية !!

    فلا يصنع شيئا لإنقاذها !

    أو كبح جماح انزلاقها ؟!

    أنى له الفراغ ؟ وهو يرى أمام عينيه !!

    ركاماً من الكفر يجب أن يزال !!

    وركاماً من العهر يجب أن يوقف !!

    وركاماً من الضلال يجب أن ينزاح !!

    هل في حياة في المسلم فراغ ؟؟ وهو يرى الدم الموحد ..

    المسبح بحمد خالقه ... ينزف وينرف بقوة ، على أيدي عصابات من اليهود والنصارى وأذنابهم .. فلا تتحرك نخوته وشهامته لإيقاف ذلك النزيف ، ولو بالدعاء وبالدعاء فقط !!

    هل في حياة المسلم فراغ .. وهو يرى الهجمة الشرسة .. والوثنية الدنسة .. على مقدسات المسلمين وحرماتهم ، وأعراضهم في فلسطين ، والفلبين ، وكشمير ، والبوسنة وغيرها ، هل في حياة المسلم فراغ ، وهو يرى شباب أمته ضحايا المخدرات وحبوب الهلوسة ,, ويرى شباباً

    ذوي اهتمامات ضحلة .. وتوجهات مشبوهة ,, وطموحات فجة ..

    فأنى له الفراغ ؟ قبل أن يستنفذ وسعه ويستهلك جهده , ويمد إليهم الجسور ويقدم لهم الحل؟ الحل لكل مشاكلهم وكل مصائبهم .. وكل همومهم !!

    يقدم لهم قرآنا وسنة !!

    فان آمنوا .. وإلا فبأي حديث بعده يؤمنون ؟!

    هل في حياة المسلم فراغ ، وهو يرى المرأة المسلمة تحوم حولها الذئاب !!

    تساومها في عفتها ، وتراودها عن شرفها !! يرى الذئاب .. حول أخته المسلمة تكتب من أجلها !!

    وتنشد من أجلها !!

    وقد تذرف دموع التماسيح من أجلها!! يريدونها دمية في أيديهم ... ولعبة لإشباع ملذاتهم منسلخة من حياتها ، متجردة من قيمها .. بائعة لعرضها !! فأنى له الفراغ ؟ قبل أن يستنقذ أخيّته ويصون   

    بنيّته ويقتل الذئاب ويطرد اللئام !!

    هل في حياة المسلم فراغ ؟ وهو يسمع قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التوبة73فلا يتمثل أمر ربه ويستن بسنة نبيه فيغلظ للمنافقين القول .. ويفضح دسائسهم ويكشف سوءاتهم  !!

    ويفند مزاعمهم وقد علم أن المنافقين ما تخلوا عن نفاقهم .. ولا أغمدوا خناجرهم .

    فأنى له الفراغ ؟ قبل أن تنتكس رايتهم وتبوء بالفشل صولتهم ؟!

    هل في حياة المسلم فراغ ؟ وهو يسمع قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة123

    فهل آمن الكفار ؟ أم تخطفتهم الطير ؟

    أم ابتلعتهم الأرض ؟!

    حتى يصبح الجهاد نسياً منسياً ؟!

    ألا ... قد هيؤوك لأمر لو فطنت له

                           فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة208

    بارك الله لي ولكم ...

    الخطبة الثانية

    الحمد لله وكفى وسلام على عبادة الذين اصطفى أما بعد :

    أيها الناس ..

    فان الجدية في حياة المسلم ..وأخذه الدين بقوة لا يعني عدم الترويح عن النفس .. واو حرمانها مما أباحة الله جل جلاله ..فقد كان الحبشة يلعبون أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم  ولم ينكر عليهم، وسابق زوجته عائشة، ولاعب الحسن والحسين، وقال ساعة وساعة يا حنظلة في الخبر المشهور !!

    فالترويح البريء عن النفس، أمر لا بأس فيه ، ولا تثريب ، فللمرء أن يروح عن نفسه وأهل بيته ، بما أباحة الله كالسفر إلى المناطق الباردة داخل البلاد ، والتنزه في مصائفها عند أمن الفتنة !!

    أما حين يكون الترويح عن النفس محصورا في السفر إلى بلاد الكفار ، أو بلاد تشبهها في انحلالها وتفسخها فمعاذ الله أن نحابي أحدا في عدم التحذير منها ، والتنديد بخطرها ! فالترويح عن النفس لا يكون على حساب العقيدة وصفائها وهل أعظم خطرا على عقيدة المسلم من وجوده بلا مبرر أو حاجة مشروعة بين ظهراني كفره مجرمين معاندين لله مشاقين لرسوله !!

    هل أعظم خطرا على عقيدة المسلم من بقاءه بين جيش من المنصرين والمشككين؟

    تحيط به الكنائس من كل جانب !!

    ويقابله الصليب في كل ميدان وشارع ؟

    والترويح عن النفس لا يكون فوق أرض تذرعها المومسات ، وتجوب شوارعها العاهرات ، وتملا ساحاتها الماجنات الداعرات والترويح عن النفس لا يكون فوق أرض مزدحمة بالخمور مليئة بالمخدرات .. مشحونة بالمسكرات !!

    فحذارِ أخي المسلم .. أن يستهوينك الشيطان أو يستخفنك الذين لا يوقنون .. فسافر إلى بلاد الذين ظلموا أنفسهم فتكون من توعدهم الله بقوله : {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود113

    أو تكون ممن برئ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  بقوله : « أنا بري من مسلم يبيت بين ظهراني المشركين .. لا تراءى نارهما » ؟!

    وبقوله : من جامع المشرك .. أي سكن معه فهو مثله !!

    اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا ..

    كلمات مفتاحية  :
    محاضرة

    تعليقات الزوار ()