|
دور المجتمع في تقييم ومتابعة المناهج المدرسية
الناقل :
heba
| العمر :43
| الكاتب الأصلى :
علياء العسيلى
| المصدر :
www.tarbya.net
دور المجتمع في تقييم ومتابعة المناهج المدرسية |
|
|
02/03/2004 |
يعتبر البيت المؤسسة الأولى للتربية ففيه يولد الطفل ويتلقى درسه الأول ليتحول من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي، والأم هي أو ل وسيط للتنشئة الاجتماعية فهي أول ممثل للمجتمع يقابله الطفل، فالا سره تشكل أول وسيط للتربية في مرحلة الطفولة المبكرة قبل أن يبدأ تأثير الأوساط الأخرى كمجتمع الرفاق والمدرسة..الخ.
|
محاضرة تربوية في جامعة النجاح الوطنية- نابلسيعتبر البيت المؤسسة الأولى للتربية ففيه يولد الطفل ويتلقى درسه الأول ليتحول من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي، والأم هي أو ل وسيط للتنشئة الاجتماعية فهي أول ممثل للمجتمع يقابله الطفل، فالا سره تشكل أول وسيط للتربية في مرحلة الطفولة المبكرة قبل أن يبدأ تأثير الأوساط الأخرى كمجتمع الرفاق والمدرسة..الخ. إن عملية التنشئة الاجتماعية هي عملية تعلم وتعليم تربوية تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف إلى اكتساب الفرد (طفلا, مراهقا, راشدا, فشيخا ) سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعيه معينة، تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها، وتكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية فهي عملية تشكل السلوك الاجتماعي للفرد وتدخل ثقافة مجتمعه في بنية شخصيته. وللتربية أو التنشئة الاجتماعية جانبان: الأول غير رسمي وتمثله بالدرجة الأولى الأسرة, والآخر رسمي وتمثله بالدرجة الأولى المدرسة التي تستخدم المنهج المدرسي كأداة لإحراز التغيير في شخصية الفرد، فالمنهج المدرسي بالمفهوم الحديث يجب أن يتكون من تكامل لخمسة عناصر وهي الأهداف بنوعيها الخاص والعام والمحتوى و "الأنشطة والخبرات" و"الطرق والوسائل" والتقويم ولكل أثره وتأثيره في بناء شخصية المتعلم. تصميم المنهاج: يقوم بناء وتصميم المنهاج بالمواصفات النموذجية بالانطلاق من أربع أسس رئيسة: 1. الأساس الفلسفي: ويلعب هذا الأساس دورا كبيرا في تخطيط المنهج المدرسي وتحديد أهدافه واختيار محتواه وأنشطته التعليمية والتعلمية وأساليب تقويمه، والفلسفة هي الإطار النظري لحياة الإنسان بينما تمثل التربية إطارها العملي. وتقرر المجتمعات الانسانيه الهدف النهائي من حياة الإنسان سواء صدر هذا القرار عن الفكر الإنساني المحض أو ذاك المشتق من فلسفات الأديان السماوية المعروفة وهي متعددة ومتنوعة في أفكارها وآرائها ومن هنا يأتي الاختلاف في التربية من فلسفه لأخرى، وبالتالي الاختلاف في التطبيق و أدواته، حيث تعمل الفلسفة التربوية على تحديد طبيعة العملية التربوية وأهدافها ومحتواها وطرائق تدريسها ووسائلها وأنشطتها وإجراءات التقويم فيها. 2. الأساس الاجتماعي: يعتبر أقوى الأسس تأثيرا على مخططي المنهج وذلك نظرا لظروف كل مجتمع وخصوصياته وعاداته وقيمه ومشكلاته التي يختلف بها عن غيره من المجتمعات، فقد يتفق مخططو المناهج مثلا من مجتمعات مختلفة على طبيعة المعرفة المناسبة لتلاميذ الصف الرابع الابتدائي لدى تصميمهم المنهج، ولكنهم سوف يختلفون عند محاولتهم مراعاة ظروف مجتمعاتهم المتفاوتة، أي انه تقل التناقضات بين مخططي المنهج بالنسبة للأساس المعرفي والأساس النفسي، في حين تزيد عند تلبية الأساس الاجتماعي حتى لو كان المطلوب هو تخطيط منهج لمجموعه من الطلاب في مستوى تعليمي واحد أو عمراً زمنيا متقارباً. 3. الأساس النفسي: وهو مجموعه المقومات أو الركائز أو القواعد ذات العلاقة بالطالب أو المتعلم من حيث حاجاته و اهتماماته وقدراته وميوله والتي يجب على مخططي المنهج المدرسي مراعاتها جيدا عند التخطيط لمنهج جديد أو عند تعديل أو تطوير أي منهج حالي. 4. الأساس المعرفي: وهو مجموعه المعارف والمعلومات والعلوم التي سيتضمنها المنهاج المدرسي كمحتوى فطبيعة المحتوى ونوعية معلوماته ومعارفه والية تنظيمها وعرضها وتناول جوانبها يختلف باختلاف الأسس الفلسفية والاجتماعية والنفسية، وكذلك من ثقافة لثقافة أخرى حسب اختلاف درجات عمومياتها وخصوصياتها ستختلف طبيعة محتويات المناهج الخاصة بها. المناهج الفلسطينية: فيما يتعلق بمناهجنا الفلسطينية فقد صممت واخرجت وهي الآن بين أيدي طلبتنا وأجيالنا المستقبلية وقد راعت وزارة التربية والتعليم ضمن مبادئ سياستها التربوية للمناهج أن يتم التصميم بطريقة تعاونيه يشترك في وضع سياساتها وتطبيقها المعلم والطالب وولي الأمر وتم تشكيل فرق وطنيه تجمع تخصصات واهتمامات وخلفيات مختلفة ومتنوعة إلا أنه لم يلحظ عملياً بالتفعيل الحقيقي لمبدأ مشاركة المعلم والطالب وولي الأمر على أرض الواقع. لو تناولنا عناصر المنهج ما بين المفروض وبين ما هو قائم للاحظنا التالي: 1. الأهداف: والتي تعتبر أهم عنصر من عناصر المنهج إذ بناء عليها سيتم اختيار المحتوى والانشطه وستحدد أدوات القياس واليات التقويم ومن المفروض طبعا أن يكون هناك تنوع بالأهداف ما بين أهداف معرفية وأخرى وجدانية وثالثة نفسحركية، فإذا تناولنا مناهجنا الجديدة سنجد أن هذا البعد من التنوع بالأهداف لم يتحقق فنلحظ أن الكم المعرفي والأهداف الادراكيه المعرفية ما زالت تحوز على الاهتمام الأول لدى المصمم وهذا طبعا يتناقض مع مفهوم المنهج الحديث ويبقينا في إطار المنهج التقليدي الذي يقدس المعرفة ويعتمدها بمحور للعملية التعليمية بدلا من المتعلم, فالاهتمام بالجانب العقلي من الشخصية وجعله الغاية الرئيسية للعملية التعليمية لم يؤدي بها لتحقيق النمو الشامل للمتعلم لجميع نواحي شخصيته فالمتعلم هو شخصيه مكونه من جوانب عقليه ونفسيه وسلوكية وانفعاليه واجتماعيه فالتركيز على المستوى المعرفي بالدرجة الأولي لن يحقق سوى نموا منقوصا ليس إلا. 2. المحتوى: فزخم المعلومات والمعارف الهائل التي يحويها الدرس يعتبر ذو مردود تربوي سلبي على المتعلم، فهو لا يعكس سوى تقديس المعرفة على حساب الفرد، وهو يحث بذلك على تحديد مسار التعلم بالحفظ والتذكر ولا ينمي حتى مهارات تفكير أخرى والاختلاف الوحيد في المحتوى حديثا عنه قديما يقتصر على طريقة العرض، كما وان هناك العديد من الموضوعات التي لم يتم في رأيي انتقائها بعناية كبعض القصائد الشعرية، أو تلك التي تحوي في ثناياها ثقافةً وفكراً تقليدياً قائماً على توزيع الأدوار تقليديا ما بين الجنسين في المجتمع. 3. الطريقة والأسلوب: فظاهريا أشار المنهج لتنوعها واختلاف فلسفتها بحيث يكون للمتعلم دورا فاعلا فيها فيصبح مشاركا بدلا من كونه متلقن للمعلومات، إلا أننا وإذ ما نزال نعاني من ثقافتنا المجتمعية التي لا زالت تقوم على العلاقة السلطوية ما بين الآباء والأبناء وما بين المعلم والمتعلم، وما زالت أيضا أهدافنا كما سبق وذكرت معرفية بالدرجة الأولي نجد المعلم يرى في طريقة التلقين الطريقة الأمثل والأسهل لتحقيق الأهداف بالرغم من أنها تقوم على أساس عملية اتصال بمعنى وصول transport وليس تواصل communication بمعنى تفاعل ما بين طرفين معلم ومتعلم. 4. الأنشطة والخبرات: من المعروف أن الفلسفات التقدمية تقوم على اعتبار المتعلم محوراً العملية التعليمية وهي تؤكد على أن ما يسمعه الفرد قد ينساه بعد وقت قصير، أما ما يعمله فسيبقى في الذاكرة ويلاحظ كتغير في الشخصية لوقت طويل، وعلى هذا تقوم فلسفة كفلسفة جون ديوي "التعلم بالعمل" والتي تتجسد في منهج النشاط. فللنشاط أو الخبرة أثر كبير على التعلم المتكامل للمتعلم، الا أن في مناهجنا لم يستثمر النشاط بالشكل أو النوع المطلوب. 5. التقويم: رغم وجود مبدأ " إيلاء التقويم أهمية خاصة في بناء المكتسب المعرفي والمهاري للمتعلم " كمبدأ في تصميم المناهج الحديثة، إلا أننا ما زلنا نلحظ شكلا تقليديا إعتدناه للاختبار كأداة قياس، فما يزال على سبيل المثال السؤال الإنشائي يحظى بالمرتبة الأولى بالمقارنة مع أشكال أخرى لأدوات القياس، ويوجد هناك إهمال لتقييم الجوانب الأخرى من الشخصية كقياس المهارات المختلفة والجوانب الانفعالية للمتعلم. دور المجتمع في تقييم وتطوير المنهاج والرقابة عليه: 1. المتعلم: يجب أن لا ننسى أو نتناسى أبدا أن المتعلم هو محور العملية التعليمية والتربوية فهو الغاية والوسيلة لعملية التربية، من هنا يجب أن يكون بؤرة اهتمام المصمم والمنفذ للمنهاج على حدا سواء فالمنهج الحديث يقوم على أسس أربعة أهمها الأساس النفسي الذي نراعي من خلاله حاجات وقابليات وخبرات المتعلم ومطالب النمو لكل مرحلة يعيشها فملاحظاته هي ذات قيمة كبيرة لمعرفة ما يفضله وما يتناسب مع احتياجاته واستعداداته واهتماماته ومستواه وما هو خلاف ذلك وبناء على ملاحظاته طبعا يبنى المنهج بتنظيمه السيكولوجي. 2. منفذو المنهج: وهم المعلمون الذين يعملون على التطبيق العملي لما تم تصميمه نظريا فهم وأثناء تطبيقهم للمنهاج يعون ويدركون العديد من الثغرات التي لم يكن ليدركها المصمم أثناء التصميم فعلى المعلم اذاً أن يقدم ملاحظاته لمصمم المنهاج على جميع عناصر المنهج بدءا بالأهداف وانتهاء بأدوات القياس واقتراح بدائل أو حلول أو إضافات كتغذية راجعه. 3. المثقفون والمؤسسات التي تعنى بالجانبين التربوي والتعليمي التعلمي في واقعنا الفلسطيني، هناك القليل من المؤسسات التي تعنى بهذا المجال بالرغم من أهميته الكبرى وبعده الاستراتيجي لإعداد الأجيال، فمجتمعنا الفلسطيني اليوم هو في حاجه ماسة لمثل هذه المؤسسات التي تقوم بإعداد الدراسات والتقويمات المستمرة والتي تساعد في عمليات التغذية الراجعة الناجحة للوصول لمنهج يحقق الأهداف المتكاملة التي ستكون ثمرتها إنساناً قادراً على مواجهة المستقبل بتحدياته الكثيرة. 4. أولياء الأمور: إن أولياء الأمور ومن خلال متابعتهم لأبنائهم أهمية كبرى، فهم من يستطيع تحديد أو ملاحظة مشكلات التعلم التي يعانيها أبنائهم وتحديد ما إذا كان السبب أو أحد أسباب هذه المشكلات المنهج بأحد عناصره. وبما أن مناهجنا الفلسطينية الجديدة قد طرحت ضمن جدول زمني قصير نسبيا لذا فقد حوت العديد من الملاحظات ونقاط الضعف، أصبح معها لابد من القيام بوقفة جدية لتعزيز نقاط القوه فيها ومعالجة نقاط الضعف، ومن هنا أدعو الجميع الى أخذ أدوارهم وتحمل مسئولياتهم تجاه العملية التربوية وتجاه الأجيال القادمة التي نعلق عليها آمالنا وطموحاتنا، وفيما يلي أورد بعض الاقتراحات الممكنة: 1. أن يأخذ مصممو المناهج والجهات المعنية بملاحظات الأطراف المعنية في المنهاج والتي تم ذكرها أعلاه لدراستها والأخذ بها وإجراء التعديلات المطلوبة بأي أو بكل من الأشكال التالية: أ. إعادة تنظيم الطبعات النهائية للمناهج. ب. تصميم مواد مساندة و إضافية للمناهج تغطي النقص أو الضعف الوارد في الكتاب الرئيسي. ج. تصميم وسائل تعليمية مسانده كالأقراص المحوسبة. 2. أن نعمل بمبدأ تمكين المعلم في شتى المجالات بدءا بالاهتمام ببرامج إعداد المعلمين في الكليات المتوسطة والجامعات، وانتهاءً بتنظيم الدورات التدريبية المختلفة الفاعلة والمستمرة للمعلم سوءا ما كان منها تربويا أو علميا أو تقنيا. 3. التركيز على ضرورة زيادة وتفعيل دور المنهج الخفي المصاحب للمنهج المعلن والذي سيستخدمه المعلم لمعالجة بعض نقاط الضعف الواردة في المنهج ولن ننسى هنا الدور الكبير الذي لعبه المنهج الخفي أثناء فترات الاحتلال. 4. العمل على إيجاد مراكز تعنى في القضايا التربوية والمنهجية لتعمل دوما جنبا إلى جنب مع الجهات الرسمية المخولة لطرح المناهج في المجتمع فترفدها بدراسات وتوصيات تعكس احتياجات المجتمع ومتغيراته، وأخرى تعنى بدراسة سيكولوجية الفرد في كل مرحلة عمريه وما تعايشه من انعكاسات للتغيرات البيئية والاجتماعية والسياسية. وأخيرا وليس آخرا لا يسعني إلا أن اقرع الجرس وأؤكد بان عمليتي تصميم وتنفيذ المنهاج عمليتين متكاملتين ما بين النظرية والتطبيق وهما معا بحاجة إلى التقويم والمتابعة المستمرين. |
|
|
|