يا للهنيهاتِ الرخيَّةِ
|
واشتعالِ اللوز في الشبّاكِ
|
قد كبرَ النسيمُ
|
وحقَّ للقمحِ الحفيفُ.
|
فاغرقْ بحزنكَ يا خريفُ!
|
إنَّا عرفنا الصبحَ من قدحِ الشرابِ
|
وصفَّقَ العصفورُ من سكرٍ
|
عصرناهُ..
|
وراحَ الصحوُ من وَلَهٍ يطوفُ.
|
يا للصبيَّةِ وردةٌ بيضاءُ
|
شقَّ قميصها الدوريُّ
|
فانهتكَ البياضُ،
|
وراحَ يلثغُ من تويجتها النزيفُ
|
يا صدرها كرَّاسةُ الليمونِ
|
ترقشها الحروفُ
|
فكأنَّ بنتَ الصبحِ أغنيةٌ
|
سمعناها ونحن نُقلِّمُ الأزهارَ
|
لم نُنصتْ لها
|
لكن طغى نغمٌ على أسماعنا..
|
نغمٌ طفيفُ.
|
فاغرقْ بحزنكَ يا خريفُ!
|
* * *
|
إنَّا تركنا البلبلَ الظمآنَ
|
قربَ النبعِ
|
واخترنا الكنارْ.
|
ثم انتقينا من صبايا العرسِ أصغرهنَّ
|
كي يشدو الكنارْ.
|
صُغنا خواتمَ للخطوبةِ
|
ثم صُغنا من جدائلهنَ عشاقاً
|
وصغنا من أساورهنَّ أقمارَ
|
الحصائدِ كي نغارْ.
|
فلنا الأغاني والمغاني
|
والثرياتِ الشفيفةَ..
|
والحمائمُ شاردات في رحابِ الفجرِ
|
والذكرى لنا
|
ولنا من القمحِ الرغيفُ.
|
فاغرقْ بحزنكَ يا خريفُ!
|
* * *
|
سيَّانَ هذا الحزنُ
|
إن كانَ الغناءَ أو التعبْ.
|
فلنا الخمور كؤوسها وجرارها
|
ولنا ليالي الأنسِ..
|
والقمر المذهَّب في مساءاتِ العنبْ.
|
تلكَ الصبايا في طريقِ الكرمِ
|
يملأنَ السلالَ
|
"بنفسجاً وسفرجلاً" غضاً
|
ويجمعنَ الدموعَ منَ القصبْ.
|
فالليلُ ليَّلَ بالأغاني والطربْ.
|
والراقصاتُ البيضُ
|
يرقصنَ الهوينى عندما نغفو
|
فلاْ يُسمعْ لهنَّ حفيفُ
|
فاغرقْ بحزنكَ يا خريفُ!
|
* * *
|
كلُّ المواويلِ التي بُحْنَا بها
|
لليلِ
|
وسَّعتِ الفضاءْ.
|
كم قد حفرنا بالدموعِ حروفها؛
|
لنكونَ أولى بالربابةِ
|
والغناءْ.
|
والنايُ كم رُحْنَا نغازلُ
|
روحَهُ التعبى
|
فأشجانا بكاءْ.
|
ثمَّ اعتذرنا للربابةِ،
|
واعتذرنا من ثقوب النايِ
|
والخمرِ العتيقِ
|
فراحَ يقطرُ من أناملنا الشفيفُ.
|
فاغرقْ لنغرقَ يا خريفُ!
|