بتـــــاريخ : 9/14/2008 7:27:23 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 758 0


    كأني ما زلتُ أعدو ورائي

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصيدة طالب همّاش

     

    قمرٌ جارح فوقَ سفحِ الغيومِ‏

    يشقُّ قميصاً من الدمعِ‏

    ثم يدثرني من شقائيْ‏

    فأهتفُ: يا شارحَ الليل بالحزنِ‏

    سقَّطَ لوزي وتينيْ،‏

    وهرّ خريفُ بكائي!‏

    أنا المتأبّد في الحزنِ‏

    من دون جدوى‏

    أحدّقُ في الأفقِ الطلقِ‏

    مثلَ الغرابِ العجوز،‏

    وأجتثّ من جذوةِ الريحِ‏

    رَجْعَ حدائي!‏

    يباكي أعالي المواويل صوتيْ الجريحُ،‏

    ويرتدُّ نحوي صداي‏

    أنا المتعثرُ بالدمعِ والقرويّ الحزينُ‏

    بكتني أطلاليَ الموحشاتُ‏

    وشيّعني للغروبِ رثائيْ‏

    ثلاثينَ عاماً يكرّرُني الانتظارُ‏

    على صخرهِ المرِّ،‏

    والحزنُ يدفعني لاجتيازِ المتاهاتِ‏

    ما من فتاةٍ تذكرني بالأمومةِ‏

    أو أغنياتٍ تهزُّ سريري القديمَ‏

    كأنيَ من أوّل العمرِ‏

    ما زلتُ أعدو ورائيْ!!‏

    أراكضُ في الريحِ حقلاً من القمحِ‏

    خلفَ الغيومِ‏

    وأصرخُ أماهُ!!‏

    هذي العصافيرُ تشبهني بالزغاريدِ،‏

    هلْ تهرمُ الطيرُ عندَ الخريفِ؟‏

    لماذا إذنْ تتبعُ الشمسَ نحو المغيبِ‏

    وتسقطُ في آخرِ الدكنةِ الداجيه؟‏

    لماذا أجاهرُ في الروحِ هذا الغناءَ؟‏

    وأصدو كناي النحيبِ‏

    على سنةٍ آفلهْ!‏

    لماذا تعودُ السنونو‏

    إلى عشّها في المساءِ؟‏

    وأرحلُ مثل الذئابِ‏

    إلى وحشةِ الباديهْ!‏

    سأحرقُ نفسيَ بالنارِ‏

    ثم أجمّعُ هشّ الرمادِ‏

    لأدفنهُ في تميمةِ صدركِ‏

    أمّاهُ،‏

    كي تبرأَ الروحُ من حزنها المريميّ،‏

    ويضحلَ ماءُ العذابِ بمجرى الوريدِ‏

    كأنْ يصبحَ العمرُ بيتاً من الطينِ..‏

    جدٌّ حنونٌ، شتاءٌ،‏

    طشاشينُ تهشلُ بين التكايا،‏

    ومدفأةٌ صاديهْ‏

    فتسمعُ شجوَ المواويلِ في شجرِ الليلِ‏

    يُصدي أحنّ من الغفَيانِ‏

    وتسمعُ قلبَ الربابِ الحزينِ‏

    يعمّرُ كوخاً‏

    ببيتِ عتابا‏

    فتسألُ نفسكَ عن نفسها،‏

    وتشدُّ عليكَ اللحافَ من البردِ‏

    ما أدفأ البردَ!‏

    ماأعذب المطرَ المتهالك بين المزاريب!‏

    والشمس وهي تقشع غيم الكآبهْ!‏

    لتَشْتُ إذن كل تلك الغيوم‏

    ولتلسعِ الريح بالهذيان جبيني!‏

    لِيتبعني أينما رحتُ طيرُ الحواكيرِ،‏

    والسنبلُ الجبليُّ‏

    لعلّي أرمّمُ ما حُتَّ من أمليْ‏

    ويقيني‏

    لتتبعني شدّةُ القمحِ صفراءَ،‏

    زغرودةُ العرسِ بيضاءَ‏

    كيما أعزّزَ من ندميْ،‏

    وأرقّعَ بالقشّ ثوبَ سنينيْ‏

    كأنْ كلّ ما مرَّ منّيْ على الأرضِ‏

    محضُ غناءٍ على أملٍ ضاعَ!‏

    والركضُ في الصيفِ خلفَ السحبْ‏

    ولكنني الآنَ أشعرُ‏

    ظفرَ الكهولةِ يحفرُ في الروحِ‏

    أنفاقَهُ المظلماتِ،‏

    وثعلبةَ الأربعينِ‏

    تشقُّ أخاديدها عبرَ وجهي الحزين،‏

    ويشتدّ حزنُ المهبْ‏

    وحزنٍ تعودّتُ علقمَهُ الفجَّ‏

    حتى وجدتُ عزائيَ في الحبّ‏

    منحدراً من أعالي غنائي‏

    إلى هوّة اليأسِ‏

    أستدرجُ الروحَ نحو صداها البعيد،‏

    وأُسقطها كالصراخِ‏

    إلى قاعها المنتحبْ‏

    بلا أيّ إثمٍ‏

    أُسائلُ نفسيْ عن الريحِ:‏

    أينَ ثياب الطفولة كيما أشمّ رياحينها،‏

    والطيورُ التي رعرعتْ روحيَ المستهامَ‏

    على رَجْعِ تغريدها‏

    في هواءِ العنبْ؟‏

    وأينَ مناديل أميْ لأربطها على شجرِ الكينياءِ؟‏

    وأغفو بكاملِ روحيَ‏

    تحتَ حفيف غصونِ القصبْ‏

    كأنْ غابتِ الشمسُ إلا قليلا..‏

    ولم يبقَ غيرُ خريفٍ‏

    يلاطمُ أغصانَهُ بالعراءِ‏

    ليرمي بها في ضريحِ الحطبْ‏

    أنا الطفلُ‏

    أوّل يومٍ رأيتُ نبيّاً‏

    فشيخاً، فكهلاً‏

    وراحت تدورُ بيَ الأرضُ‏

    بينَ القبورِ‏

    إلى أن رأيتُ وجودي قريباً‏

    من الموتِ،‏

    أطلقتُ تنهيدةَ الاحتضارِ الأخيرةَ‏

    ثمّ انسللتُ إلى حجره‏

    وأهلتُ عليّ ترابَ الحياةِ الأحبّْ

     

    كلمات مفتاحية  :
    قصيدة طالب همّاش

    تعليقات الزوار ()