بتـــــاريخ : 9/14/2008 7:12:49 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1489 0


    القسم الأوَّل :أيقونة الوحشة ندامى الحسرة الباكون

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    إلى الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي.‏

    *

    تبكي الكمنجاتُ الحزينةُ‏

    في ظلامِ الليلِ‏

    تبكي الريحُ في طرقِ الحداةِ الخاليهْ!‏

    تبكي طوالَ الليلِ أرملةُ المناحةِ‏

    والربابةُ باكيهْ!‏

    من لي إذا أوحشتنيْ حزناً عليَّ‏

    ومن ليهْ؟‏

    من لي سوى قمرٍ جريحٍ في سماءِ الباديهْ؟،‏

    والنوقِ ترحلُ في بلادِ الرافدينْ!‏

    * * *‏

    تبكي الكمنجاتُ الحزينةُ فرقتيْ وحداديهْ.‏

    والشاعرُ البدويُّ‏

    يبكي عندَ جدرانِ الحسينْ!‏

    يبكي جميعَ الناسِ،‏

    يقعدُ في ظلام الليل مقهوراً‏

    يعتّبُ للخريفِ‏

    كطائرِ البجعِ الحزينْ.‏

    من لي إذا أبصرتني هلعاً‏

    سوى مبكى الفواختِ‏

    عند جدرانِ القبورِ النائيهْ،‏

    والنايِ يذرفُ دمعةَ السيّابِ‏

    في كيسِ الطحينْ!‏

    يبكي العراقيُّ الحزينُ..‏

    وفي ظلامِ الليل يُصدي‏

    عازفُ المزمارِ لحناً موجعاً‏

    والريحُ تنحبُ في الجوارْ!‏

    يا أيها البدويُّ‏

    لا تنزفْ حداءكَ في مغيبِ الشمسِ!‏

    قد رحلَ الذين تحبهمْ‏

    وبقيتَ وحدكَ في قفارِ الأرضِ‏

    توحشكَ الديارْ!‏

    ستدقُّ أبوابَ الأحبّةِ‏

    ثم ترجعُ باكياً‏

    كيما تربّي الريحَ بينَ جدائلِ الصبَّارِ،‏

    ترفعُ جثّةَ الأيامِ تمثالاً من الحسراتِ‏

    أو صنمَ انتظارْ.‏

    يا بْنَ المواجيد الجريحةِ‏

    والنواحِ المرِّ‏

    والقمرِ الذي يحدو وحيداً‏

    في البراري والقفارْ!‏

    يابن الليالي السودِ والهجرانِ‏

    لا صدرٌ لتلقي رأسكَ السكرانَ‏

    فوقَ نهودهِ لتنامَ‏

    كالأيتامِ‏

    لا أمٌّ لتحنو فوقَ هذا القمح‏

    مانحةً أمومتها‏

    لروحكَ في المدى المهجورِ‏

    والأرض البوارْ.‏

    * * *‏

    تبكي الكمنجاتُ الحزينةُ يا غريبَ الدارِ!‏

    تبكي الروحُ مفردةً‏

    على قبرِ المراثيْ‏

    والرياحُ رثائيهْ.‏

    من لي إذا أدلجتُ في الأيامِ منفرداً؟‏

    سوى باكٍ علي وباكيهْ،‏

    وبداوةِ الأحزانِ تنشدها‏

    وراءَ النهر ناياتُ الرعاةْ.‏

    * * *‏

    تبكي الكمنجاتُ الحزينةُ في الديار النائيهْ!‏

    يبكي العراقيُّ الحزينُ على الفراتْ!‏

    يجثو كقديسٍ‏

    وينشرُ في رحابِ الماءِ منديلَ الطفولةِ‏

    رافعاً كلتي يديهِ‏

    إلى هلالٍ هائمٍ‏

    مثل الإوزّةِ في سماءِ الذكرياتْ.‏

    ويسرّحُ الموّالَ‏

    في مدِّ البهاءِ الطلقِ‏

    لكنَّ النحيبَ المرَّ يأتي مُصدياً‏

    فتحنُّ أثداءٌ إلى شفتيهِ‏

    يرضعها، ويرضعُ مريماتِ الحزنِ،‏

    يرضعُ من جميعِ الأمهاتْ.‏

    يبكي الصحابيُّ الحزينُ على الحياةْ.‏

    يطوي يديهِ على الرحيلِ‏

    كجثّةِ الندمِ الأخيرةِ‏

    ثم يتركُ صوتَهُ المبحوحَ في الأنحاءِ‏

    منتحباً كأيّوبِ الحداءْ.‏

    يا أيها الليلُ الطويلُ ألا انجلِ!‏

    فأنا تخافُ الوحشُ من شجني المريرِ،‏

    ويفرقُ الغرباءُ من حزني‏

    وتركضُ في عراءِ الريحِ‏

    ذئبةُ خيبتي الثكلى‏

    لتفترسَ العراء.‏

    وأنا اكتهالُ الطينِ‏

    والشجرُ المقصَّفُ تحتَ أمطارِ الشتاءْ.‏

    قد صارَ وقتي مفرداً‏

    ووجوهُ أصحابي معلّقةٌ‏

    على شجرِ المنافي‏

    كالتصاوير القديمةِ‏

    فوق جدرانِ الشقاءْ.‏

    ياحارثَ الأرضِ العقيمةِ‏

    بالكآبةِ‏

    شُدَّ أوتارَ الربابةِ‏

    إنهُ وقتُ البكاءْ!‏

    (وامررْ على الجدثِ الذي حلَّتْ بهِ‏

    أم العلاءِ‏

    فنادها لو تسمعُ).‏

    حرّكْ حجارَة قبرها‏

    واقرا السلامَ‏

    ففي فؤادي حسرةٌ تتوجّعُ!‏

    إني ليشجيني الحمامُ إذا‏

    بكى إلفاً‏

    فكيفَ بقبرها النائي‏

    بكاملِ حزنهِ يتفجَّعُ!‏

    يا لهفَ نفسي شاردٌ في البيد‏

    يحطبني أسايَ‏

    ويضألُ الخلاّنُ‏

    يوماَ بعد يومٍ عن مؤانستيْ‏

    فخلٌّ غائبٌ ومودّعُ.‏

    رحلوا ندامى الحسرةِ الباكونَ‏

    وارتحلوا وتاهوا.‏

    لم يهتدوا لسبيلِ حكمتهم‏

    وما وجدوا القناديلَ التي‏

    لمعتْ على أفق من الخسرانِ‏

    لم يجدوا سوى رجعِ الصدى المهجورِ‏

    يلفحهم،‏

    وذئبٍ فاغرٍ فاهُ.‏

    فالريحُ تذرو الريحَ‏

    في أرضِ من الهجرانِ‏

    والفقدانُ يحفرُ في سوادِ الروحِ‏

    أنفاقاً من الدمعِ‏

    استداروا كالمرايا السودِ‏

    في كلِّ الجهاتِ‏

    وأنصتوا‏

    لم يسمعوا صوتَ البشيرِ منادياً:‏

    عودوا!‏

    ولا سمعوا صداهُ.‏

    فبربِّ حزنِكَ لا تمتْ مولايَ!‏

    أفردني حدايْ.‏

    مازلتُ أعصرُ من نهودِ الصبحِ؟!‏

    هذي الخمرَ‏

    سكراناً مواويلاً وأشجاناً ونايْ!‏

    أنا ما رضعتُ الحزنَ من قنديلِ‏

    روحكَ يا أبي‏

    لكنني جرّبتُ أن أرثي صبايْ!‏

    مولايَ أنتَ الحزنُ يبلغني‏

    ويروي علّتي وأسايْ.‏

    فبربِّ حزنكَ لا تمتْ مولايَ!‏

    أفردني حدايْ

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()