بتـــــاريخ : 9/14/2008 6:31:02 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1060 0


    ندمي وحيد في العراء

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    تتكاثرُ الآهاتُ مثل الغيم‏

    في أحزانِ مريمَ‏

    والدموعُ تفيضُ كالأمطارِ‏

    من مقلِ الغيومِ الباكيهْ.‏

    تتكاثرُ الآهاتُ كلَّ عشيةٍ‏

    في قلبها الباكي‏

    وتنمو مثلما تنمو شتولُ التبغِ‏

    في كتفِ الحقولِ القاحلهْ.‏

    لكأنها جبلٌ من الأحزانِ‏

    يندبُ في فراغِ الأرخبيلِ‏

    صقوره الصرعى‏

    ويهدمُ نفسهُ فوق القبور النائيهْ.‏

    الريحُ تجثو قرب ركبتها‏

    وتصرخُ مريماهُ!!‏

    والليلُ يهرمُ في ضفائرها‏

    فيشتدَّ المتاهْ.‏

    لا عينُ إلاَّ كي تهلَّ الدمعَ‏

    لا امرأةٌ بغيرِ سوادها‏

    روحٌ على ريحٍ‏

    ترجّعُ صوتها المجروحَ أوّاهٌ وآهْ!‏

    ربطتْ جدائلها بغصنِ الموتِ‏

    وارتحلتْ بحلّتها الحزينةِ‏

    كي تزوّجَ قلبها للغيمِ‏

    ناداها منادٍ:‏

    ردّي عليك البابَ يا أمةَ البكاءْ!‏

    ستجيئكِ الأيامُ ناحبةً‏

    لتلبسَ ثوبكِ المسودَّ‏

    في حزنِ الشهورِ..‏

    وتطلعُ من عباءةِ حزنكِ السوداءِ‏

    أجراسُ المساءْ!‏

    فترعرعوا مثلَ الرياحِ على جدائلِ شعرها‏

    المسوّد‏

    واستسقوا الحمائمَ من يديها في الصباح،‏

    وفتّحوا كبراعمِ الأزهارِ‏

    بين تمائمِ روحها الجذلى!‏

    إذا عقدت عناقيد العنب!‏

    وتأملوا ذاكَ الضياءَ‏

    يشفُّ فوق بحيرةٍ مرفوعةٍ‏

    عندَ الغروبِ على السنابلِ والذهبْ!‏

    هذي أياديها مشرّعةٌ على النسيانِ‏

    تذروها الرياحُ‏

    كأنها قشٌّ قديمٌ أو حطبْ.‏

    تتكاثرُ الآهاتُ.‏

    لا قلبي بلا حزنٍ.‏

    لأجعلَ مَن خريفِ العمرِ صورتها على المرآةِ،‏

    أو حزني انتهى..‏

    لأشيرَ نحو فؤادها الملكومِ بالدمعاتِ‏

    أو أبكي استفاقةَ روحها بعد الغيابْ!‏

    من قبلِ مريمَ لم تكنْ هذي البسيطةُ‏

    غير حزنٍ أسود العينينِ‏

    يبحثُ عن ترابْ.‏

    كانتْ ترى في الغيمِ حزناً مبهماً‏

    فتميلُ نحو القمحِ راحتها الكفيفةُ‏

    كي تفتّشَ عن دموعٍ مطفأهْ!‏

    لا تسألي الريحَ الجريحةَ‏

    بين أضرحةِ الكآبةِ يا امرأهْ!‏

    أنا ما رأيتُ سوى فتاةٍ ترضعُ الأغصانَ‏

    كالعصفورِ من ظمأ،‏

    وتجرحُ بالأظافرِ نهدها المبيضَّ‏

    من شوقٍ‏

    وقلبي ما رأى.‏

    وتصيح مُريمُ بين أحجارِ الصدى:‏

    من أينَ يأتي كلَّ هذا الثكل‏

    كي أبقى مسمرةً على الأجراسِ؟‏

    يا للحزنِ!!‏

    كلُّ الحزنِ للريحِ التي تركتْ‏

    حدادي للغيومِ،‏

    وخلّفتْ ندميِ وحيداً في العراءِ‏

    يعاركُ الذؤبانَ بالنايِ الكفيفْ!‏

    لكنَّ صوتاً صافياً كالماءِ‏

    يهمسُ من شفاهِ الغيمِ في أذن المدى!‏

    من قبل مريمَ كانتِ الأرضُ امرأهْ‏

    بثيابها البيضاءِ ماشية‏

    على دربِ (الحدا).‏

    فتصيحُ أصواتُ المراثي المرجأهْ:‏

    لا تشتهي بفؤادكَ الواهي طيورَ جمالها!‏

    هي مريمُ روحها العذراءِ‏

    كانتْ في طلوعِ الشمسِ‏

    ترعى طائر الغفرانِ‏

    في أطراف ساقيةٍ،‏

    وتكنسُ عن دروبِ الصيفِ أوراقَ الخريفْ‏

    تبكي البلابلُ فوق راحتها الصغيرةِ‏

    والسنابلُ تستردُّ الحزنَ‏

    من شَعْرِ الحفيفْ.‏

    وهي التي رضعتْ حليبَ الثكلِ‏

    من نهدِ الكآباتِ الكفيفْ!‏

    وهي انشغالُ صغيرةٍ بالقمحِ‏

    في كنفِ الطفولةِ..‏

    كلُّ ما يمضي إلى النسيانِ بعد العشقِ‏

    كي يغدو خيالاً من شفيفْ.‏

    لم ينتبهْ قمرُ الغيابِ البكرُ.‏

    للشمسِ التي راحتْ تلوّحُ وجها..‏

    لم تنتبه تلك النجومُ‏

    إلى نداءِ عيونها الشفّافِ..‏

    تكبرُ مثلَ وَردِِ الليلِ في الأحواضِ‏

    غصّتها..‏

    ويهديها الحمامُ دموعَ حنطتهِ‏

    الشجيّةِ‏

    كلما كبرتْ مع الأيام أحزانُ الهديلْ!‏

    ما زلتُ أسمعها تباكي النخلَ‏

    ساعاتِ السكينةِ‏

    بينما تبكي على أعتابها‏

    في الليل أقمارُ الرحيلْ!‏

    ما زالتُ أسمعُ نايها المعتلَّ في الأيامِ‏

    يعلو فوق أشجارِ الحياةِ‏

    مضرّجاً بنحيبه..‏

    وكطائرِ الأشواكِ يفردُ جانحيهِ‏

    على الخليقةِ‏

    ثم يسقطُ في عشيّاتِ الجليلْ‏

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()