بتـــــاريخ : 9/14/2008 11:44:30 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1163 0


    فردوس الجسد الجميل

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    كفٌّ بمفردها تحدّقُ في غروبِ الشمسِ‏

    خافضةً على الليمونِ جنحَ عيونها المكسورَ،‏

    والتفاحُ يسقطُ ذابلاً عند الأصيلْ!‏

    * * *‏

    عبرتْ سماءَ الحزنِ‏

    سبعُ (حمائمٍ بيضاءَ)‏

    فانحنتِ الفرسْ‏

    لتشمَّ حزنَ الأرضِ فانفجرَ الصهيلْ.‏

    * * *‏

    كانتْ مرايا الوقت فاختةً‏

    كأقمارِ الكآبةِ‏

    والأذانُ العذبُ‏

    يغرقُ في ضبابِ الأرخبيلْ!‏

    * * *‏

    وعلى هضابِ الفجرِ تسرحُ شهوةٌ‏

    كالدمعِ جارحة العويل.‏

    * * *‏

    فتفقّدتْ أعضاءها الأرضُ الجريحةُ‏

    في صلاةِ الصبحِ..‏

    ألقتْ نظرةً خرساءَ‏

    نحو أمومةِ الزيتونِ..‏

    غاصتْ في حدادٍ غامضٍ‏

    ثم استفاقتْ مثلَ أرملةٍ‏

    لترفعَ قبضةً من مستحيلْ.‏

    * * *‏

    لا طفلَ كي يصغي إلى أثدائها الملأى‏

    بطعم اللوزِ‏

    لا رجلاً ليحصدَ شهوةَ الأقماحِ‏

    عن بستانها الذاوي‏

    ولا طيراً ليصغي لارتعاشات الهديلْ.‏

    * * *‏

    كُلٌّ يردّدُ اسمه الموروث‏

    منتحراً على أجراسها الجوعى‏

    شهيداً أو قتيلْ.‏

    * * *‏

    هيَ ذي العروسةُ في زفافِ الصبحِ‏

    تلبسُ طرحةً بيضاءَ‏

    فيما ترقصُ الأطيارُ حول ذراعها‏

    بتمائمِ التغريدِ‏

    والأولادُ جاؤوا حاملينَ حمامها‏

    ليطيّروهُ، ويرسموا‏

    بالحبر دائرةَ العروسْ.‏

    * * *‏

    هي ذي العروسُ‏

    يزفّها الأطفالُ للقمرِ‏

    الأشفِّ على كنائسها الصغيرةِ‏

    كالكؤوسْ‏

    غنّوا لها في الصبح:‏

    آ و يها زرعنا شتلةَ الرمانِ،‏

    آ و يها فزهّرَ قلبُها الحزنان،‏

    آ و يها وراحَ الدمعُ يسقيها‏

    وتذرفهُ الشموسْ.‏

    * * *‏

    هي ذي العروسُ ترتّلُ الأشعارَ‏

    والزمارُ يزرعُ زغرداتِ الفجرِ‏

    في الأريافِ‏

    أيّ حمامةٍ‏

    ستميلُ نحو الدمع في هذا الصباح،‏

    وأيّ أغنيةٍ‏

    ستهزجُ في سماء العرسِ آ و يها‏

    ويا أسفيْ عليكْ؟!‏

    * * *‏

    رفعتْ غراسُ اللوزِ أذرعها المريضةُ‏

    كي تُسَاقطَ زهرها الموؤودَ‏

    في كفِّ الندامةِ‏

    ثم صاحتْ يا محمدْ!‏

    * * *‏

    وتمايلتْ صفصافةٌ في الليلِ‏

    باكيةً على أطلالِ معبْد!‏

    * * *‏

    هي ذي العروسُ‏

    تشرّعُ للخريفِ (جدائلاً) سوداءَ‏

    كي ترثَ الكهولةَ من سواد الغيمِ‏

    راميةً على الأحجارِ‏

    شكلَ حدادها المشؤومَ،‏

    صائحةً على طول المدى:‏

    أنا زهرةُ الأيتامِ‏

    ترفعها على كفِّ الرمالِ‏

    رياحُ (أيلولٍ) مشرّدْ.‏

    * * *‏

    نَمْ يا محمدْ!‏

    * * *‏

    وأنا التي شهدتْ ولادة حزنها‏

    من مدمعِ الزيتونِ‏

    واحتطبتْ ملامحها بفأسِ الحزنِ‏

    من شجرِ المناحاتِ الجريحْ!‏

    * * *‏

    وأنا التي فتحتْ ذراعيها‏

    لتحتضنَ المراثي‏

    مثلما فعلَ المسيحْ..‏

    كي يصلبوني.‏

    * * *‏

    وأنا التي نظرَ السوادُ إلى دمي،‏

    فأصابَهُ نُدميْ..‏

    وأرضعتُ المراثي من شجوني!‏

    * * *‏

    أنا أوّلُ امرأةٍ رآها النيلُ‏

    تجمعُ من حقولِ القطنِ‏

    أزهاراً لحزنِ الروحِ،‏

    كي تبكي على قمرِ السجونِ!‏

    * * *‏

    من أينَ يطلعُ ذلكَ القمر الحزين.‏

    لكي يراهُ الآخرونَ‏

    ولا يروني؟‏

    * * *‏

    أنا دمعةُ الزيتونِ تقطرها‏

    بمعموديّةِ الأحزانِ‏

    ريحٌ مرّةٌ‏

    والليلُ يجهشُ (أسوداً)‏

    والحزنُ أبعدْ!‏

    نَمْ يا محمدْ!‏

    لأصيرَ بَعدكَ زهرةً للمريماتِ السودِ،‏

    أرملةَ المباكي الأمّ‏

    في هذي البلادْ!،‏

    وأدقَّ أجراس الحدادِ‏

    على غيابكَ للأبدْ.‏

    يا زهرةَ التفاحِ في وَحَمِ الجسدْ‍‏

    * * *‏

    لكنني ماذا أقولُ لشتلةِ الريحانِ‏

    إن جاءتْ تفتّشُ عن يديكَ؟‏

    وكيفَ أقنعها بأنكَ نائمٌ‏

    فوقَ السوادْ؟‏

    * * *‏

    ماذا أقول لُبحّةِ الناي المهجّرِ‏

    وهو يغرقُ في المراثي،‏

    للكماناتِ التي شنقتْ أغانيها‏

    على وترِ الحدادْ؟‏

    * * *‏

    ماذا أقولُ لشجرة الزيتونِ‏

    إن ذرفتْ على قبر البلادْ:‏

    زيتونها المخضرّ كالدمعاتِ‏

    وانتظرتْ لتقطعَ جذعها من أصلهِ‏

    في الصمتِ حشرجةُ الجرادْ؟‏

    * * *‏

    صاحتْ بناتُ الليلِ‏

    في شجرِ المواويلِ الحزينةِ:‏

    لَمْ يمتْ!‏

    رفعتْ غيومٌ حزنها المبتلَّ‏

    في وجهِ الشتاءِ‏

    ولم تمتْ‏

    وتطلّعَ الجسدُ الجميلُ‏

    إلى حقولِ البرتقالِ..‏

    رأى السنونو دامعَ العينينِ‏

    يسبحُ في بحيراتِ الغروبِ‏

    كشمعةٍ سوداءَ،‏

    والأشجارَ ترفعُ أذرعاً خضراءَ‏

    للصبح الذي يأتي على جنح الزغاريدِ‏

    الصغيرةِ كالغناءْ.‏

    * * *‏

    كلُّ الزغاريدِ التي كانت‏

    تزفُّ الشَّعرَ للحناءِ‏

    والأشعارُ وهي تزفُّ قبّرةً لطيرِ السهلِ‏

    صارتْ للرثاءْ!‏

    نَمْ يا محمدْ!‏

    فهناكَ خلفَ الليلِ‏

    ذئبٌ طاعنٌ في القتلِ‏

    بين جرودنا‏

    يعوي على الأيتامِ‏

    في أطلالِ معبدْ!‏

    نَمْ يا محمدْ!‏

    وهناكَ خلفَ ضفائرِ الزيتونِ‏

    يخنقُ ثعلبُ الظلماتِ ساقيةً‏

    ترقرقُها قلوبُ الحزنِ بِالدمعاتِ‏

    والألمِ المجرّدْ!‏

    وهناكَ خلفَ النهر‏

    يكمنُ للغيومِ البيضِ شيطانٌ مؤبّدْ.‏

    نَمْ في ضميرِ الناي‏

    يا مولاي‏

    تحرسكَ العيونُ السودُ،‏

    تحرسُ موتكَ العالي أصابعُ وحشتيْ حزناً‏

    ويمسحُ شعركَ الذاوي أسايْ!!‏

    نَمْ تاركاً لخريفنا الأبديّ‏

    نوحَ ربابةٍ، وحداد نايْ!‏

    نَمْ يا محمدْ!‏

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()