أقْصِرَا! ليس شأنيَ الإقْصَارُ، |
وأقِلاّ! لَنْ يُغْنيَ الإكْثَارُ |
وَبنَفْسِي مُستَغَرَبُ الحُسنِ، فيهِ |
حَيَدٌ عَنْ مُحِبّهِ، وَازورار |
فاتِرُ النّاظِرَيْنِ يَنْتَسِبُ الوَرْ |
دُ إلى وَجْنَتَيْهِ، والجُلَّنَارُ |
مُذْنِبٌ يُكثِرُ التّجَنّي فَمِنْهُ الـ |
ذّنْبُ ظُلْماً، وَمِنّيَ الاعْتِذَارُ |
هَجَرَتْنا عَنْ غَيرِ جُرْمٍ نَوَارٌ، |
وَلَدَيْها الحَاجَاتُ والأوْطارُ |
وأقَامَتْ بجَوّ بِطْيَاسَ، حَتّى |
كَثُرَ اللّيْلُ دونَها والنّهَارُ |
إنْ جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَكِ هَجْرٌ |
وْ تَنَاءَتْ مِنّا وَمِنكِ الدِيَارُ |
فالغَلِيلُ الذي عَلِمْتِ مُقِيمٌ، |
والدّمُوعُ التي عَهِدْتِ غِزَارُ |
يا خَليلَيّ نُمْتُما عَنْ مَبِيتٍ |
بِتُّهُ آنِفاً، وَنَوْمي مُطَارُ |
لَسَوارٍ مِنَ الغَمَامِ تُزَجّيـ |
ـهَا جَنُوبٌ كَمَا تُزَجّى العُشَارُ |
مُثْقَلاَتٍ، تَحِنُّ في زَجَلِ الرّعْـ |
ـدِ بِشَجْوٍ، كَمَا تَحنُّ الظُّؤارُ |
باتَ بَرْقٌ يَشُبُّ في حَجْرَتَيْها، |
بَعدَ وَهنٍ كَما تَشُبُّ النّارُ |
فاسْقِيَانِي، فَقَدْ تَشَوّفْتُ الرّا |
حِ، وَطابَ الصَّبُوحُ والابْتِكَارُ |
كَانَ عِنْدَ الصّيَامِ للّهْوِ وِتْرٌ، |
طَلَبَتْهُ الكُؤوسُ والأوْتَارُ |
بَارَكَ الله للخَليفَةِ في المُلْـ |
ـكِ الذي حَازَهُ لَهُ المِقْدَارُ |
رُتْبَةٌ مِنْ خِلاَفَةِ الله قَدْ طَا |
لَتْ بِهَا رَقْبَةٌ لَهُ، وانْتِظَارُ |
طَلَبَتْهُ فَقْراً إلَيْهِ، وَمَا كَانَ |
بِهِ، سَاعَةً، إلَيْهَا افْتِقَارُ |
أعوزت دونه القناعة حتى |
حشمت في طلابه الأسفار |
وهي موقوفة إلى أن يوافي |
غائب ما وفى به الحضار |
عَلِمَ الله سِيرَةَ المُهْتَدِي باللّـ |
ـهِ، فاخْتَارَهُ لِمَا يُخْتَارُ |
لمْ تُخَالِجْ فيهِ الشّكُوكُ، ولاَ كا |
نَ لوَحْشِ القُلُوبِ عَنْهُ نِفَارُ |
أخَذَ الأوْلِيَاءُ، إذْ بَايَعُوهُ |
بيَدَيْ مُخْبِتٍ، عَلَيْهِ الوَقَارُ |
وَتَجَلّى للنّاظِرِينَ أبِيٌّ، |
فيهِ عَن جانبِ القَبيحِ ازْوِرَارُ |
وأرَتْنَا السّجّادَ سِيمَا طَوِيلِ اللّـ |
ـيْلِ، في وَجْهِهِ لَهَا آثَارُ |
وَلَدَيْهِ تَحْتَ السّكينَةِ والإخْـ |
ـبَاتِ سَطْوٌ على العِدَى واقْتِدَارُ |
وَقَضَاءٌ إلى الخُصُومِ وَشِيكٌ، |
لاَ يُرَوّى فيهِا، ولاَ يُسْتَشَارُ |
رَاغِبٌ حينَ يَنطِقُ الوَفْدُ عن عَوْ |
نٍ برَأيٍ، أوْ حُجّةٍ تُسْتَعَارُ |
مُسْتَقِلٌّ، وَلَوْ تَحَمّلَ مَا حُمّـ |
ـلَ رَضْوَى لانْبَتّ حَبْلٌ مُغَارُ |
أيُّمَا خِطّةٍ تَعُودُ بِضُرٍّ، |
فَهْوَ للمُسْلِمِينَ مِنْهَا جارُ |
زَادَ في بَهْجَةِ الخِلاَفَةِ نُوراً، |
فَهْوَ شَمْسٌ للنّاسِ، وَهْيَ نَهَارُ |
وَأجَارَ الدّنْيَا مِنَ الخوْفِ والحيـْ |
فِ، فَهَلْ يَشْكُرُ المُجِيرَ المُجَارُ |
ألتّقيُّ النقيُّ، والفاضِلُ المُفْـ |
ـضِلُ فِينَا، والمُرْتَضَى المُخْتَارُ |
وَلَدَتْهُ الشّمُوسُ مِنْ وَلَدِ العَـ |
ـبّاسِ عَمِّ النّبيّ والأقْمَارُ |
صَفْوَةُ الله، والخِيَارِ مِنَ النّا |
سِ جَمِيعاً، وأنتَ منها الخِيارُ |
أللُّبَابُ اللُّبَابُ يَنْمِيكَ مِنْهَا |
لذُرَى المَجْدِ، والنُّضَارُ النُّضَارُ |
فبِكُمُ قَدّمَتْ قُصَيّاً قُرَيْشٌ، |
وَبِهَا قَدّمَتْ قُرَيْشاً نِزَارُ |
زَيّنَ الدّارَ مَشْهَدٌ مِنْكَ كانتْ |
قَبْلُ تَرْضَاهُ مِنْ أبيكَ الدّارُ |
وأنَارَتْ لَمّا رَكِبْتَ إلَيْهَا، |
والمَوَالِي الحُمَاةُ، والأنصَارُ |
في جِبَالٍ مَاجَ الحَدِيدُ عَلَيْـ |
ـهنَّ ضُحًى، مِثْل َمَا تَمُوجُ البحارُ |
وَغَدَا النّاسُ يَنْظُرُونَ، وَفِيهِمْ |
فَرَحٌ أن رأَوْكَ واسْتِبْشَارُ |
طَلْعَةٌ تَمْلأُ القُلُوبَ، وَوَجهٌ |
خَشَعَتْ دونَ ضَوْئِهِ الأبصَارُ |
ذَكَرُوا الهَدْيَ من أبيكَ، وقالوا: |
هيَ تلكَ السّيما، وذاكَ النِّجارُ |
وَعَلَيْهِمْ سَكينَةٌ لَكَ، إلاّ |
مَدَّ أيْدٍ يُومَا بِهَا وَيُشَارُ |
بُهِتُوا حَيرَةً وَصَمْتَاً، فلَوْ قِيـ |
ـلَ أحِيرُوا مَقَالَةً مَا أحَارُوا |
وَقَليلٌ إنْ أكْبَرُوكَ لكَ الهَيْـ |
ـبَةُ مِمّنْ رَآكَ، والإكْبَارُ |
كُلُّهُمْ عَالِمٌ بأنّكَ فيهِمْ |
نِعْمَةٌ، ساعَدَتْ بهَا الأقْدارُ |
فَوَقَتْ نَفسَكَ النّفُوسُ من السّو |
ءِ، وَزِيدَتْ في عُمرِكَ الأعْمَارُ |