نَاهِيكَ مِنْ حُرَقٍ أبِيتُ أُقاسِي، |
وَجُرُوحِ حُبٍّ ما لَهُنّ أوَاسِ |
إمّا لَحَظْتَ، فأنْتَ جُؤذُرُ رَمْلَةٍ، |
وإذا صَدَدْتَ، فأنتَ ظبيُ كِناسِ |
قَد كانَ منّي الحُزْنُ، غِبَّ تَذَكّرٍ، |
إذْ كَانَ مِنْكَ الصّبرُ غِبَّ تَناسِ |
تَجرِي دُمُوعي، حينَ دَمعُكَ جامد، |
وَيَلينُ قَلبي، حينَ قَلبُكَ قاسِ |
أسَمِعتَ عاذِلَةً، فَهَلْ طاوَعتَها، |
وَرَأيتَ شانِئَةً، فَهَلْ مِنْ بَاسِ |
ما قُلْتُ للطّيْفِ المُسَلِّمِ: لا تَعُدْ |
تَغشَى، وَلاَ كَفكَفْتُ حاملَ كاسِ |
يا بَرْقُ! أسفِرْ عَنْ قُوَيْقَ، فطُرّتَيْ |
حَلَبٍ، فأعلى القَضرِ منْ بَطْيَاسِ |
عَن مَنْبِتِ الوَرْدِ، المُعَصْفَرِ صِبْغُهُ، |
في كُلّ ضَاحيَةٍ، وَمَجْنَى الآسِ |
أرْضٌ، إذا استَوْحَشتُ ثمّ أتَيْتُها |
حَشَدَتْ عليّ، فأكثَرَتْ إينَاسي |
أليَوْمَ حَوّلَني المَشيبُ إلى النُّهَى، |
وَذَلَلْتُ للعُذّالِ، بَعْدَ شِمَاسِ |
وَرَفَعْتُ مِنْ نظَري إلى أهلِ الحِجَى، |
وَلَوَيْتُ، عَنْ أهْلِ الغِوايَةِ، رَاسِي |
وَرَضِيتُ، مِنْ عَوْدِ البَخِيلِ وَبَدْئِهِ، |
باليَأسِ، لَوْ نَفَعَ الرّضَى باليَاسِ |
أبلِغْ أبَا الحَسَنِ الذي لَبِسَ النّدى |
للخابِطِينَ، فَكَانَ خَيرَ لِبَاسِ |
مَهْمَا نَسيتُ، فلَستُ للحَسنِ الذي |
أوْلَيْتَ، في قِدَمِ الزّمَانِ، بِنَاسِ |
وَلَئِنْ أطَلْتُ البُعْدَ عَنْكَ فلمْ تَزَلْ |
نَفْسي إلَيْكَ كَثِيرَةَ الإنْفَاسِ |
إنْ تُكسَ مِنْ وَشْيِ المَديحِ، فإنّهُ |
مِن ضَوْءِ سَيْبِكَ في المَحَافِلِ كاسِ |
وَكَأنّكَ العَبّاسُ نُبْلَ خَليقَةٍ، |
وَعُلُوَّ هَمٍّ في بَني العَبّاسِ |
وَتَفَاضُلُ الأخْلاَقِ، إنْ حَصّلْتَهَا |
في النّاسِ، حَسبُ تَفَاضُلِ الأجناسِ |
لَوْ جَلّ خَلْقٌ قَطّ عَنْ أُكْرُومَةٍ |
تُنْثَى، جَلَلْتَ عن النّدى والبَاسِ |
وأبي أبيكَ، لَقَدْ تُقَصّي غَايَةً |
في المَكْرُمَاتِ، قَليلَةَ الأُنَاسِ |
فإذا بَنَى غُفْلُ الرّجالِ بُنًى عَلى |
جَدَدٍ، بَنَيتَ على ذُرًى وأسَاسِ |
وإنِ استَطاعَتْهُ المَنُونُ، فبَعْدَما |
دَخَلَتْ على الآسادِ في الأخْيَاسِ |
قَدْ قُلتُ للرّامِينَ مَجْدَكَ بالمُنَى، |
وَلحَاسِدِيكَ الرُّذّلِ الأنْكاسِ |
رُودوا بأفْنِيَةِ الظِّرَابِ، وَنَكِّبُوا |
عَنْ ذَلكَ الجَبَلِ الأشَمّ الرّاسِي |
فَهُنَاكَ أرْوَعُ مِنْ أرُومَةِ هَاشِمٍ، |
رَحْبُ النّدِيّ، مُوَقَّرُ الجُلاّسِ |
ساحَتْ مَوَاهِبُهُ فلَمْ تُحوِجْ ألى |
جَذْبِ الدّلاءِ، تُمدُّ بالأمْرَاسِ |
لا مُطلِقٌ هُجرَ الحَديثِ، إذا احتَبَى |
فيهِمْ، ولا شَرِسُ السّجيّةِ جاسِ |
حَيثُ السّجايا الباذِلاتُ ضَوَاحِكٌ، |
زُهْرٌ، وَحَيْثُ العَاذِلاتُ خَوَاسِي |
لا مِنْ طَرِيفٍ جَمّعَتْهُ خِيَانَةٌ، |
ما مِنْهُ يَبْذُلُ جاهِداً، وَيُوَاسي |
لَيْسَ الذي يُعْطيكَ تالَدِ مالِهِ، |
مِثْلَ الذي يُعطيكَ مالَ النّاسِ |