إن الأموال الضائعة في إعادة العمل على سلعة أو خدمة ما بهدف تصحيحها يدل على أن هذه المؤسسة تتجاهل الجودة الحقيقية. وعليه يتوقع من هذه المؤسسة أن تعيد توجيه ممارساتها في العمل بأن تركز على إنتاج سلع وخدمات ذات جودة عالية من المرة الأولى: كتحديد احتياجات العميل ووضع ما هو مطلوب للوفاء بهذه الاحتياجات ومن ثم تنفيذ هذه المتطلبات في كل مرة. عندها لن يحصل هدر لموارد المؤسسة في محاولات تهدئة العملاء الغاضبين وفي تعديل وتصحيح السلعة للمرة الثالثة والرابعة.
إن الجودة تعني إنتاج مخرجات صحيحة وجيدة من أول مرة وفي كل مرة. فمثلا يتوقع العميل عندما يستعيد ملابسه من المغسلة أن تكون مغسولة جيدا ونظيفة وأن لا يكون قد أصابها أي تلف من جراء عملية التنظيف والكوي إذا أريد له أن يقبل الفاتورة ويدفع قيمتها للمغسلة. ولو اعنبرنا الجودة بأنها عملية جراحية تجرى لمريض فلن نقبل بعملية جراحية نصف منتهية.
عندما يعتقد الموظفون بأن القيام بعمل ما بشكل صحيح من أول مرة ليس بأولوية عالية لدى مؤسسة ما فلن يلقوا بالاً إلى تحسين طرق العمل وعليه لن تصل هذه المؤسسة إلى جودة حقيقية وتحسين مستمر. يجب أن تكون رؤيا الجودة متغلغلة في جميع أرجاء المؤسسة. ويقول كروسبي في كتابه " الجودة مجانية Quality is Free" " إذا قمت بالتركيز على الجودة الحقيقية فإنك تستطيع زيادة حجم الأرباح بنسبة 5% إلى 10% من حجم دخل المبيعات. وهذا صحيح ولكنه كسب لنصف المعركة. إن كروسبي يولي أهمية للأعمال التي يتم تنفيذها داخل المؤسسة ولكن ، كما يقول، إن ذلك لن يجعل سلعتك تتلألأ. فقد تقوم بانتاج سلعة عالية الجودة وخالية من العيوب ولكنها انكفأت ولم تلق رواجا في السوق. لماذا؟ لأنه تم استبعاد العميل وخدمته و صورة أو سمعة المؤسسة من معادلة الأعمال.
إن الكثير من المؤسسات غالبا ما تسلك المسرب الخطأ في رحلتها نحو الجودة فهي تحلم بالفكرة التي يجب أن تكون عليها الجودة دون استشارة العميل الذي قد تكون لديه فكرة ووجهة نظر مختلفة عن الجودة.
وقد بين استطلاع أجرته مجلة وول ستريت جورنال عام 1989 أن من بين كل 20 عميل هناك عميل واحد فقط يشعر بأن شركات الأعمال الأمريكية تصغي لاحتياجات العملاء.
ماذا ستكون النتيجة لو تم إجراء استطلاع في شركتنا للعملاء الداخليين والخارجيين؟