لم يعد مصطلح الاقتصاد الجديد يعبِّر عن التغيرات الاقتصادية الجذرية التي مرت بها الساحة الدولية خلال السنوات القليلة الماضية فحسب، بل وضع العديد من النظريات الاقتصادية التقليدية الراسخة موضع النقد، بسبب تغيُّر آليات التعاملات الاقتصادية، النقدية والمالية، على مستوى العالم يفضل التطور النوعي والكمي في وسائل التقنية والاتصال والتعاملات الإلكترونية، مما جعل بعض تلك النظريات الاقتصادية قاصرة عن تفسير وتحليل مكامن التوازن الكلي في الاقتصاد، التي كانت تقوم على تعاملات تقليدية يمكن حصرها ومحاصرتها في نطاق ضيق قابل للتحكُّم والرصد والمتابعة. الصورة الآن تغيَّرت تغيُّراً جذرياً، بل أصبحت طرق ووسائل التعاملات تتجاوز الأسواق التقليدية إلى أسواق افتراضية كسرت حواجز المكان والزمان، وحملت كافة فئات المجتمع، واستطاعت أن يقصد رسم معالم جانبي العرض والطلب، بتوسيع دائرة خلق الطلب بشكل خاص، وهو ما أسهم بفاعلية في زيادة القيمة المضافة وتحريك عناصر الإنتاج وربطها بالإبداع الذي أصبح يشكل سمة هذا العصر الجديد. لم يعد علم الاقتصاد يقوم على نظريات ترتكز على البنية الأكاديمية، بل أصبح علماً واسعاً تتحدد معالمه عبر تقنيات تتغير كل يوم، وتعيد صياغة حياة الإنسان وفكره وأدواته.
* رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الرياض.